سحب صواريخ باتريوت.. تكتيك أمريكي لمواجهة الصين وروسيا

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

مع استعداد إدارة بايدن لسحب بطاريات باتريوت من بعض دور الشرق الأوسط، يؤكد مسؤولون بالبنتاجون قدرة الولايات المتحدة على حماية مصالحها وحلفائها الإقليميين، في وقت تتزايد فيه هجمات الميليشيات الموالية لإيران في كلا من العراق والسعودية، مخاطر تضاءلت أحجامها في أعقاب المحادثات التي تجريها واشنطن مع طهران لإحياء الملف النووي، لتوجه تعزيزاتها العسكرية نحو خصومها الدوليين روسيا والصين.

سحب باتريوت من الشرق الأوسط

بتنسيق مع الدول المضيفة، قررت الولايات المتحدة سحب بطاريات الباتريوت الثماني من بعض دول الشرق الأوسط خلال موسم الصيف، بحسب ما صرح مسؤول كبير في البنتاجون لصحيفة “وول ستريت جورنال”.

ونقلا عن القائد البحري جيسي ماكنولتي قولها: “إن الولايات المتحدة تحافظ على قدرات عالية في المنطقة تتناسب مع حجم التهديدات والتغييرات، وسحب بعض القدرات لن يؤثّر على المصالح الأمنية للولايات المتحدة”.

وأشارت إلى أن القوات العسكرية المتبقية على قدرات عالية، سواء في البحر أو الجو أو البر، بالإضافة إلى التعاون الأمني والاستخباري مع دول المنطقة، ولدى القوات الأمريكية عشرات الآلاف من القوات في المنطقة، بالإضافة إلى قدرات متقدمة للقوة الجوية والبحرية دفاعا عن مصالح الولايات المتحدة وعن الشركاء الإقليميين.

ومن المقرر أن يسحب البنتاجون ما يقرب من ثماني بطاريات باتريوت مضادة للصواريخ من دول من بينها العراق والكويت والأردن والسعودية، وفقا لمسؤولين أمريكيين.

وتشمل عملية الانسحاب إعادة انتشار مئات الجنود الذين هم أعضاء في الوحدات التي تشغل أو تدعم تلك الأنظمة، وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي يخطط فيه الجيش الأمريكي لانسحاب كامل من أفغانستان بحلول الصيف الحالي وبعد أن خفضت الولايات المتحدة في الخريف الماضي قواتها في العراق بمقدار النصف – أو 2500 جندي – حيث ترى واشنطن أن القوات العراقية يمكنها تأمين البلاد.

تضاءل الضغط على إيران

يعكس قرار إزالة بعض الأنظمة الدفاعية وجهة نظر البنتاجون بأن خطر تصعيد الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة وإيران قد تضاءل مع استمرار إدارة بايدن في المحادثات النووية مع طهران، والتي تزامنًا مع تصريح بعض المسؤولين بنوايا واشنطن تخفيف العقوبات إذا تمت استعادة الاتفاق النووي لعام 2015.

ومع ذلك، لا تزال الميليشيات المدعومة من إيران والمجهزة بطائرات بدون طيار تشكل تهديدًا للقوات الأمريكية وقوات التحالف في العراق، وقد اتُهمت في سلسلة من الهجمات بطائرات بدون طيار في الأسابيع الأخيرة في بغداد وشمال العراق والشرق الأوسط، كما وقع أكثر من 100 هجوم على السعودية هذا العام من هذه الميليشيات.

لكن أنظمة مثل باتريوت لا تحمي من هجمات الطائرات بدون طيار، ولكن يُنظر إليها على أنها تساعد في حماية القوات الأمريكية من تهديد الصواريخ الباليستية الدائم.

وقال المسؤولون: إن الأجهزة لم تردع إيران أو وكلاءها عن الأعمال المزعزعة للاستقرار. وأضافوا أن المملكة العربية السعودية حسنت أيضًا قدراتها الدفاعية، حيث اعترضت معظم الهجمات الصاروخية من تلقاء نفسها.

وبالإضافة إلى ذلك، تم استخدام الأنظمة المضادة للصواريخ الأمريكية بكثافة في السنوات العديدة الماضية، لكنها تحتاج إلى إعادتها إلى الولايات المتحدة للصيانة والتجديد، كما قال المسؤولون.

مواجهة روسيا والصين

ومع الإعلان عن نتائج مراجعة إدارة بايدن لوضع قواتها العسكرية بزعم التجديد والصيانة، يقوم البنتاجون بالفعل بتحريك القطع لتعزيز هدفه في مواجهة الصين وروسيا.

ومع ذلك، فإن أنظمة باتريوت، التي كان الطلب عليها مرتفعًا منذ سنوات، لا يتم بالضرورة نقلها إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ، لكن إعادتها إلى الولايات المتحدة للصيانة وتحرير الأفراد الذين يقومون بتشغيلها وحراستها يسمح للجيش بزيادة تركيزه في أماكن أخرى.

وبحسب مسؤولين بالبيت الأبيض، فإن الانسحاب يمكن أن تنظر إليه روسيا والصين، اللتان توسعان نفوذهما العسكري والاقتصادي في الشرق الأوسط، على أنه فرصة لزيادة أهدافهما، ومن ثم استغلال الفرض لإيجاد موطئ قدم لها في تلك المناطق التي أعلنت واشنطن الانسحاب منها.

من جهته، جدد بايدن تعهده باستمرار دعم بلاده لحلف شمال الأطلسي (ناتو) بهدف ما أسماه “التعاون الدفاعي ضد العدوان الروسي والتحديات الصينية الاستراتيجية”.

تصريحات بايدن، جاءت خلال مؤتمر صحفي برفقة أمين عام “الناتو”، ينس ستولتنبرج، على هامش قمة زعماء الحلف التي انعقدت في العاصمة البلجيكية، بروكسل، مؤخرًا.

كما تأكدت التوجهات الأمريكية مع ختام قمة مجموعة السبع التي تحدثت عن تنامي النفوذ الصيني والسياسات الروسية وفقا لمقترح أمريكي تضامنت معه دول الحلفاء، ولكنه أبرز الاستراتيجية الأمريكية التي يسعى لها بايدن بالتنسيق مع الحلفاء للضغط على روسيا والصين، فهل تنجح استراتيجية بايدن؟ أم يقع في فخ العملاقين؟، فهناك ما يكفي من بؤر الصراع في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط وآسيا الوسطى حيث يتواجه الروس والأمريكيون بشكل خطير وحيث التصعيد وارد دائمًا، في وقت تتعاون فيه روسيا والصين بشكل متزايد في الآونة الأخيرة، سواء على الصعيد السياسي أو على الصعيد العسكري. وهذا يمثل بعدًا جديدًا وتحديًا جديًا للحلف الأطلسي، لاسيما وأن التنافس المتصاعد على النفوذ العالمي لا يترك مجالًا لتقديم تنازلات لحلفاء الولايات المتحدة والذي قد يؤثر على مصالحها ولو بشكل طفيف.

ربما يعجبك أيضا