سقوط ثعلب الإخوان.. ضربة موجعة تقود لتدويل منصب المرشد

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

وجهت الأجهزة الأمنية المصرية ضربة مؤثرة لقيادات جماعة الإخوان في الداخل والخارج، في ظل القبض على القائم بأعمال المرشد محمود عزت، والذي ظل هاربًا على مدار سبع سنوات كاملة، كان فيها بمثابة الدينامو والمحرك للكثير من الأعمال التخريبية والإرهابية المسلحة التي شهدها القطر المصري.

وقال الباحث في شؤون الإرهاب والجماعات المسلحة، عمرو فاروق -في تدوينة له بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، أمس الجمعة- القبض على محمود عزت القائم بأعمال مرشد الإخوان، ضربة موجعة لجماعة الإخوان وقواعدها التنظيمية، لا سيما التي تعيش حاليًا مرحلة من الكمون التنظيمي أو ما يسمى وفقا لأدبيات الجماعة باستراتيجية “دار الأرقم”، أو حتى الخلايا “الحركية”، التي يتم توظيفها في تحقيق الأهداف التنظيمية.

كانت وزارة الداخلية المصرية، أعلنت في بيان، صباح أمس الجمعة، اعتقال محمود عزت، القائم بأعمال مرشد جماعة ‏الإخوان الإرهابية، والمسؤول الأول عن تأسيس الجناح المسلح بالجماعة، والمشرف على إدارة العمليات ‏الإرهابية والتخريبية التي ارتكبها التنظيم بالبلاد على مدار السنوات الماضية. ‏

وفي الفيلم الوثائقي “قطب” الذى عُرض في بداية هذا العام 2020 على شاشة قناة DMC المصرية، على جزئين، وتناول حياة القيادي الإخواني سيد قطب وتحولاته الفكرية، كشف عن طريقة تجنيد بعض الشباب داخل الجماعة الإرهابية وكان أبرزهم القائم بأعمال المرشد العام للإخوان محمود عزت ومحمد بديع المرشد العام الأخير للجماعة.

ضربة موجعة

ويرى الكاتب الصحفي والباحث في شؤون الإرهاب، عمرو فاروق أن القبض على محمود عزت من المرحج أن يوقف ويعرقل بشكل كبير تحركات الجماعة خلال المرحلة المقبلة، لا سيما أنه كان الشخصية المهيمنة والمؤثرة على مفاصل التنظيم على مدار أكثر من أربعين عامًا قضاها داخل جدران مكتب الإرشاد منذ ثمانينيات القرن الماضي.

وأضاف فاروق: أن محمود عزت يمثل المحرك والمشرعن الفعلي لأعمال العنف والإرهاب، والمانح الأول لتشكيل وتأسيس الخلايا النوعية تحت إشراف محمد كمال، الذي حاول الانفراد بسلطة القرار والإطاحة بقيادات الجبهة التاريخية من المشهد قبل تصفيته في مواجهة مع الداخلية المصرية في أكتوبر 2016، والتي خرجت تحت مسميات متعددة مثل العقاب الثوري، وكتائب حلوان، وحركة حسم، وحركة لواء الثورة.

اعتمدت الجماعة لقواعدها التنظيمية، كتاب “فقه المقاومة الشعبية”، وحمل غلاف الكتاب توقيع محمود عزت (بابا محمود)، كرسالة تأكيدية بأن محتوى الكتاب جاء تحت إشراف مكتب الإرشاد، والقائم بأعمال المرشد، فضلًا عن كتاب “دليل الحائر ومرشد السائر”، وكتاب ” كشف الشبهات”.

وهي دراسات شرعية وثقت إيمان الجماعة بقضية الحاكمية وتجهيل وتكفير المجتمعات، وإباحة وتوظيف العنف والقوة المسلحة لخدمة أهداف التنظيم، وفقًا لما أرساه  حسن البنا في كتاب “الرسائل”، وسيد قطب في كتاب “معالم في الطريق”، وفي كتاب “في ظل القرآن” ووثيقة “رد الاعتداء”، وصارت بالجماعة وقواعدها فيما يعرف بنظرية “النكاية والإرباك”، من أجل إسقاط الدولة الديمقراطية وإقامة دولة الخلافة المزعزمة.

فراغ تنظيمي

تشهد الجماعة حاليًا حالة من الفراغ التنظيمي المؤقت في ظل وجود المرشد ونوابه داخل السجن، فضلًا عن عدد كبير من قيادات الجماعة المؤثرين، ما يعني أن الجماعة ستشتعل داخلها الصراعات والخلافات حول مصير إدارة ملفات السلطة والمال.

كان محمود عزت بمثابة صمام الأمان في عرقلة مساعي “جبهة الكماليون” أو “المكتب العام”، للانقلاب والإطاحة بالقيادات القطبية من المشهد نهائيًا ووضعهم خلف ركام تاريخ الجماعة بعد تحميلهم فشلها ومساوئها فيما آلت إليه الأوضاع داخل التنظيم، أو ما عرف حينها إعلاميًا بـ”بصراع الجبهتين”، وسعى كل منهما في التحكم في المشهد الداخلي واقتسام القطاعات والقواعد التنظيمية.

منصب المرشد

يفتح القبض على محمود عزت الباب على مصرعيه أمام طرح قضية “تدويل منصب المرشد”، والخلاص من فكرة قصره على إخوان مصر ضمنيًا، دون غيرهم باعتبار أن القاهرة مهد الحركة الأم التي تأسست على يد حسن البنا، وطور بنيانها الفكري سيد قطب، ومن ثم لا يجوز نهائيًا أن ينتقل منصب المرشد خارج حدود القاهرة، لا سيما في ظل وجود أزمة حقيقية موجودة منذ تسعينيات القرن الماضي بين إخوان مصر وإخوان الكويت ولبنان وتونس، والتي تولد عنها ما عرف بـ”بيعة المقابر” تهربًا من الصدام المباشر مع قيادات التنظيم الدولي وقتها.

سقوط بلا رجعة

القبض على محمود عزت أسقط ولايته عن التنظيم مثلما سقطت من قبل عن محمد بديع، تحت لافتة أنه لا تجوز “ولاية الأسير”، خاصة أن الجماعة على مدار السنوات الماضية عاشت أزمة الخلاف بين “ولاية الأسير” (محمد بديع)، وولاية “المسردب أو المختفي” (محمود عزت)، ومن  المرجح أن بقاء محمود عزت متخفيًا في الداخل المصري على مدار السنوات الماضية، ربما كان بسبب رغبته القوية في إدارة القواعد التنظيمية من داخل القاهرة، وإجراء الكثير من التعديلات الهيكلية للكيان الإخواني، مع الاحتفاظ بالشكل العام من ضرورة إدارة شؤون التنظيم من داخل مصر وليس خارجها.

من الضروروي أن تعلن جماعة الإخوان في الفترة المقبلة خليفة محمود عزت، أمام الرأي العام من خلال بيان رسمي، لقطع الطريق على جبهات وأطراف كثيرة ترغب في اقتناص المنصب، وكرسالة تطمينية للقواعد التنظيمية داخل مصر وخارجها بأن الجماعة ما زالت قادرة على الاستمرار والمواجهة في ظل الملاحقات والضربات الأمنية، فضلًا عن أن الجماعة لديها سيناريوهات في عملية تدويل المناصب القيادية في حال القبض على القيادات المؤثرة وقيادات الصف الأول.

القطبيون

من المرجح أن لا يخرج مصير أمور الجماعة الجديد عن قيادات التيار القطبي المهيمن على المشهد ومفاصل الجماعة منذ سبعينيات القرن الماضي، وعن القيادات التي كانت ضالعة في قضية تنظيم (65) الذي أسسه سيد قطب، ومن ثم يعتبر أهم القيادات المرشحة لهذا المنصب وتتوافر فيها شروط التيار القطبي، هم، محمد البحيري، المقيم حاليًا بلندن، ويعتبر الذراع الأساسية لمحمود عزت في الخارج، والمتهم رقم (25) في قضية تنظيم سيد قطب، وتلميذ مصطفى مشهور، ويحظى بتأييد واسع من قواعد الإخوان التنظيمية، ويعرف بأنه قيادي حركي، وكان مسؤولًا عن الكثير من الملفات الخارجية بتكليف من مكتب الإرشاد.

وذهب البعض بأنه المرشد السري للجماعة خلال المرحلة الماضية، فضلًا عن إبراهيم منير، المتهم رقم (30) في المجموعة الثانية لتنظيم (65)، نائب مرشد الإخوان والأمين العام للتنظيم الدولي، ويسيطر بشكل مطلق على مكتب لندن، ومختلف المشاريع الاقتصادية والمالية للتنظيم في الخارج، يضاف إليهما، يوسف ندا، الإمبراطور المالي للإخوان، والمفوض السابق للشؤون الدولية والعلاقات الخارجية للتنظيم الدولي، والمتهم رقم (44) في المجموعة الثالثة لتنظيم (65)، ويعيش بين الحدود الايطالية والسويسرية.

ومن المرحج أيضًا أن يتم استبعاد محمود حسين أمين عام الجماعة وفقًا للكثير من الاعتبارات أهمها أنه ليس من قيادات تنظيم (65)، رغم أنه من تلاميذ مصطفى مشهور، لكنه لا يحظى باحترام القواعد التنظيمية وداخل في خلافات حادة مع قيادات الإخوان الهاربة في تركيا حول اختلاس الأموال، ومن ثم ستشهد الساعات المقبلة محاولة من المشاورات بين القيادات المؤثرة وقيادات التنظيم الدولي حول الإعلان عن كاهن المعبد الإخواني الجديد.

ربما يعجبك أيضا