«سكاي نيوز»: تهديد غير مسبوق للحزب الشيوعي الصيني منذ «مذبحة تيانانمن»

رنا أسامة

من الشائع في الصين وقوع احتجاجات، لكنها عادة ما تكون صغيرة ومحلية ويسهل إخمادها.. فما المختلف هذه المرة؟ وما سيناريوهاتها؟


قالت شبكة “سكاي نيوز” البريطانية إن الاحتجاجات الحالية في الصين خطيرة وبالغة الأهمية، بصرف النظر عما ستؤول إليه.

وتشهد عدة مدة صينية احتجاجات غاضبة لليوم الثالث على التوالي، تنديدًا بالسياسات الصارمة، التي تطبقها السلطات الصينية لمواجهة فيروس كورونا المستجد، حسب تحليل نشرته الشبكة، أمس الاثنين 28 نوفمبر 2022.

أمر شائع

في التحليل الذي نشرته على موقعها الإلكتروني، أشارت “سكاي نيوز” إلى أن الصين شهدت احتجاجات أضخم في هونج كونج، المستعمرة البريطانية السابقة، التي استعادت بكين سيادتها عليها قبل ربع قرن، لكن لم يحدث شيء مماثل في البر الرئيس منذ عام 1989.

ونوه التحليل بأنه من الشائع في الصين وقوع احتجاجات، لكنها عادة ما تكون صغيرة ومحلية ويسهل إخمادها. مضيفًا في الوقت نفسه أن “ما يقلق القيادة الصينية بشأن الاحتجاجات الحالية هو حجمها وانتشارها في جميع أنحاء البلاد واستمرارها”.

تهديد غير مسبوق

حسب التحليل، فإن الحزب الشيوعي الصيني “الاستبدادي” لم يواجه تهديدًا مماثلًا، منذ صعود الحركة المؤيدة للديمقراطية، أواخر الثمانينات، الذي بلغ ذروته في مذبحة ميدان تيانانمن “الوحشية”. وأشعل فتيل احتجاجات هذه المرة حريق بمبنى سكني، أوقع ما لا يقل عن 10 قتلى بمدينة أورومتشي.

بيد أنه يوجد ما يُنبئ منذ أشهر بحتمية وقوع احتجاجات، حسب ما يذكر التحليل، الذي أشار إلى تزايد الغضب والاستياء الشعبيين في الصين من السياسات الحكومية الصارمة لمواجهة فيروس كورونا المستجد، تحديدًا سياسة “صفر كوفيد”.

احتجاجات الصين

صفقة مع الشعب

رأى التحليل أن الاضطرابات الحالية بالصين مدفوعة بما هو أعمق. وتقول الحكمة الشعبية الصينية إنه منذ المذبحة الشائنة في تيانانمين، عقد الحزب الشيوعي الحاكم في بكين صفقة مع الشعب.

وفي إطار تلك الصفقة، تعهد الحزب الشيوعي الصيني، الذي يقوده الرئيس شي جين بينج، بجعل حياة المواطنين أكثر ازدهارًا، والحفاظ على استقرار المجتمع، نظير تمكينه من المضي قدمًا في إدارة البلاد.

أهمية كبرى

يولي الصينيون أهمية كبرى للاستقرار والازدهار، نظرًا إلى تاريخهم مع الفوضى والفقر والاضطرابات. لكن في خلال فترة الإغلاقات، بدؤوا يشككون في قدرات السلطات الصينية على إدارة الوضع.

وبموجب سياسة “صفر كوفيد”، لم يسمح للصينيين بمغادرة منازلهم لأشهر، ووسط مخاوف من عقوبات قد تصل إلى حرقهم أحياء، ظل سكان المبنى المحترق في أورومتشي محتجزين داخله. وما زاد الطين بلة، أنه في ظل الإغلاق، لم يستمر الاقتصاد الصيني في مساره التصاعدي.

وبينما يشاهدون دولًا تخطو نحو التعافي من الوباء، بما فيها قطر التي تستضيف آلافًا في كأس العالم من دون أقنعة، لا يقوى الصينيون على ممارسة حياتهم الطبيعية، ويتضح أن الصفقة التي أبرمها شي مع شعبه لم تعد مجدية، وهو ما اعتبره التحليل مؤشرًا لمزيد من الاضطرابات في الصين الفترة المقبلة.

احتجاجات ضد سياسات كوفيد في الصين

الحكومة فقدت ماء وجهها

أشار التحليل إلى أن الرئيس شي جين بينج، راهن كثيرًا على سياسة “صفر كوفيد”، وبدلًا من إنقاذ الأرواح باستيراد لقاحات أكثر فاعلية، فقدت حكومته ماء وجهها بفرضها ضوابط اجتماعية صارمة.

بيد أن هذه الضوابط لم تفلح في وقف انتشار كورونا، في وقت تكافح فيه الصين تفشيًا جديدًا للوباء، وإصابات قياسية في عدة مدن. وفي حال استمرت الاحتجاجات، التي تتحدى إجراءات الإغلاق، توقع التحليل أن يتفشى الفيروس على نحو أوسع.

إجراءات طارئة

يجادل التحليل بأن الصين ليست مستعدة طبيًّا أيضًا لاحتواء كورونا، وأوصى البروفيسور في جامعة كينجز كوليدج لندن، كيري براون، بالتحرك السريع لاتخاذ إجراءات صحية طارئة، من أجل استيعاب أكبر عدد ممكن من الحالات، التي من المحتمل أن تحتاج إلى دخول مستشفى.

وفي حين أن إجراءات، مثل التتبع والتعقب والإغلاق قد تنجح إذا كانت الأوضاع هادئة، فإنه في ظل الاستياء الشعبي بين مواطنين فاقدين للثقة بالسلطات، من المحتمل ألا تؤتي ثمارها. وأضاف براون لـ”سكاي نيوز”: “إذا استمرت السياسات الحالية، سيندلع مزيد من الاحتجاجات، وقد تتحول إلى ما هو أكثر خطورة”.

مكمن الخوف

جل ما تخشاه الحكومة الصينية، حسب التحليل، هو وجود معارضة منظمة على الصعيد الوطني، لما أثارته من قلاقل أفزعت حكومات سابقة في الماضي.

واستشهد التحليل، في هذا الصدد، بحركة روحية سلمية يطلق عليها اسم “فالون جونج”، انتشرت بأنحاء الصين في التسعينات. وعندما حاصر أتباعها المجمع الحكومي في بكين، تشونجنانهاي، في احتجاج سلمي، شعرت القيادة الصينية بالرعب، واستخدمت أكثر وسائل القمع وحشية للقضاء عليها.

أكبر تحدٍّ

استثمرت القيادة الصينية مليارات في دولة استبدادية تفرض مراقبة مشددة، وقيودًا لقمع المعارضة والاضطرابات، والحيلولة دون انتشارها.

وفيما تواجه الصين الآن اضطرابات تنفجر تلقائيًّا في جميع أنحاء البلاد، رجح التحليل أن توظف مواردها الشمولية كافة لمحاولة قمع تلك الاضطرابات، التي تمثل أكبر تحدٍّ لها منذ أكثر من 3 عقود.

ربما يعجبك أيضا