سوريا.. معارك ضارية في أرياف إدلب وحلب

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

تتعرض منطقة شمال غربي سوريا لعملية عسكرية روسية غير مسبوقة، حيث تحاول قوات النظام والميليشيات الإيرانية واللبنانية والعراقية الشيعية بغطاء عسكري وجوي من القوات الروسية اقتحام قرى وبلدات بريف حلب الغربي والجنوبي، وأخرى في جنوب شرقي إدلب وسط معارك عنيفة مع الفصائل الثورية في المنطقة.

وتشهد محاور ريف إدلب الجنوبي الشرقي خاصة مواجهات عنيفة بين الفصائل وقوات النظام وقوات إيرانية وروسية التي تحاول اقتحام المنطقة مدعومة بعشرات الطائرات الحربية والمروحية، وقد تمكنت من إحراز تقدم على محور “معرة النعمان” بعد اتباعها سياسة الأرض المحروقة.

وكانت روسيا باشرت مؤخراً هجماتها البرية على غرب حلب بعد نحو أيام من التمهيد الجوي والمدفعي العنيف، وحاولت التقدم على أكثر من محور في المنطقة.

يُشار إلى أن تركيا كانت قد أبلغت قادة الفصائل بفشل مساعي الحل المشترك مع الروس في إدلب، وأكدت لهم على استمرار دعمها لهم في مواجهة الحملة الروسية.

وتشكل محافظة إدلب المعقل الأقوى للفصائل السورية المعارضة لنظام بشار الأسد، وقد اجتمع فيها اليوم ما يزيد عن 150 ألف مقاتل.

رفع الخطوط الحمراء

أكد قائد العمليات في جيش العزة العقيد مصطفى بكور أن فصائل المعارضة السورية اتخذت إجراءاتها مع احتمال فتح النظام لأكثر من جبهة، وأشار البكور أن فصائل المعارضة بدأت منذ أيام بشن هجمات مباغتة، بغرض تعطيل هذه الهجمات المتوقعة.

وقال إن ما يشاع عن دعم عسكري للفصائل، لا يعدو عن كونه رفعاً للخطوط الحمراء عن استخدام بعض الأسـلحة الفعالة أثناء التصدي لهجمات النظام، وتابع البكور: “على ما يبدو كان هناك تقييد على استخدام هذه الأسلحة الموجودة في المستودعات أصلاً، وعلى رأسها الصواريخ المضـ.ادة للدروع”.

فيما اعتبر قائد الفيلق الثالث في الجيش الوطني السوري “أبو أحمد نور” أن هجوم الروس على منطقة غرب حلب إعلان رسمي بفشل الحلول السياسية في سوريا.

وقال “نور”: “‏فتح معركة ريف حلب الغربي من قِبل النظام والروس البارحة بمثابة إعلان رسمي واضح وصريح بانتهاء كل العمليات السياسية وكل المؤتمرات والضمانات وفشل المجتمع الدولي برعاية أي عملية أو حل سياسي في سوريا”.

وأضاف: “على الثوار جميعاً أن يتيقنوا أن المعركة معركتهم في أي جزءٍ كانوا من المحرر”.

أمريكا تندد

ندد وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” بالهجمات التي تشنها روسيا والميليشيات المرتبطة بها وبإيران على محافظة إدلب شمال غربي سوريا، فيما أكد الرئيسان التركي والأمريكي على ضرورة وقف إطلاق النار في المنطقة، وأوضح “بومبيو” في تغريدة على موقع “تويتر” أن الأفعال الوحشية لنظام الأسد وروسيا وإيران وحزب الله وهجماتهم تجاه محافظة إدلب تحول دون تثبيت التهدئة في شمالي سوريا، مؤكداً على ضرورة وقف إطلاق النار والهجمات في المنطقة.

في سياق متصل، بحث الرئيسان التركي “رجب طيب أردوغان” ونظيره الأمريكي “دونالد ترامب” آخِر التطورات في سوريا والمستجدات في محافظة إدلب، وذلك خلال اتصال هاتفي، وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض “جاد دير” أن “ترامب” و”أردوغان” تناولا في الاتصال ملف محافظة إدلب والتي تتعرض لحملة عسكرية كبيرة، واتفقا على أن العنف الذي تشهده يجب أن يتوقف.

روسيا

اعتبر الناشط السياسي أحمد شبيب أن دخول الطرف الأمريكي على الواجهة فيما يخصّ إدلب وطرح بعض الضغوطات والتهديدات، جعل ذلك روسيا تُسرع بعملية الحسم العسكري في ادلب، مُوضحاً ذلك بقوله لأورينت نت “لدى قانون قيصر الأمريكي عدة شهور قبل التطبيق على نظام أسد ومن يقف بجانبه من روس وإيرانيين، ويُضاف إلى ذلك بعض الإجراءات داخل حكومة ترامب الأمريكية والتي تحتاج لمدة زمنية كي يليها تطبيق بعض التهديدات التي ضغطت بها فيما يخصّ ادلب وعدم التدخل العسكري فيها، ووصل بها الأمر لعرض الدعم اللوجيستي لفصائل المعارضة بحال وافقت تركيا على ذلك”، وبحسب مراقبون فإن روسيا خسرت كثيراً بحربها في سوريا وتحتاج للتعويض الاقتصادي.

فيما قال العميد أسعد الزعبي إن “روسيا وعدت نظام أسد بتسليمه كامل سوريا وإعادة سيطرته عليها بالقوة، وهذا ما دفعها للإسراع بالحسم العسكري في ادلب، تمهيداً لمناطق تلي هذه المحافظة، خاصة أن أشرس المعارضين والمدنيين هم من يتواجدون حالياً بإدلب كونهم من كافة أصقاع سوريا وجميعهم رفضوا كل أشكال المصالحة والخضوع لحكم الأسد”.

الجيش الوطني السوري

من جهته، القيادي في الجيش الوطني، النقيب عبد السلام عبد الرزاق رأى أن التدخل الروسي منذ بدايته كان يهدف للسيطرة على كامل تراب سوريا والقضاء على ثورة الشعب السوري، وأضاف عبد الرزاق لأورينت نت قائلاً “دخلت روسيا إلى سوريا كقوة احتلال وخدمةً لمصالحها التي يضمنها بشار الأسد، عدا عن سعيها لإعادة نفوذها في المنطقة وتجريب كافة أسلحتها الجديدة على السوريين، ولهذا معركتها مستمرة بإدلب حالياً وبغيرها لاحقاً”.

ووفق النقيب عبد الرزاق فإن “روسيا لم تُشارك بسوريا إلا لتطبيق الحل العسكري الذي تفهمه وتُجيده جيداً، وما أستانا وسوتشي إلا لعب على القرارات الدولية، والهدن كذلك هي تكتيك عسكري بحت وليس رغبةً بالحل السياسي، وهدفها الاستراتيجي في سوريا هو احتلال كامل التراب السوري، وليس فتح طريق دولي هنا أو تسيير دورية عسكرية هناك، ولهذا الحسم اليوم في ادلب وربما يكون في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون بعد حين، ولذلك وجب التنبيه للمطامع الروسية والحل الذي تُفكّر فيه، والهدف من إصرارها على الحسم العسكري”.

الحرس الثوري

حصلت صحيفة تلغراف البريطانية على تسجيلات صوتية تشير إلى تواجد عناصر إيرانية من ميليشيا الحرس الثوري تقاتل في معركة إدلب وذلك دعماً لعمليات ميليشيا أسد، وتكشف التسجيلات الهامة التي حصلت عليها الصحيفة حاجة نظام الأسد وروسيا إلى مرتزقة الميليشيات الشيعية لخوض معركة إدلب وهزيمة المعقل الأخير للثورة حيث تتواجد عناصر إيرانية، وأفغانية تقاتل في جبهات إدلب المشتعلة، ومن المعروف مشاركة قوة القدس التي كان يقودها قاسم سليماني في سوريا لدعم النظام إلا أن إيران زعمت مؤخراً إنها لن تدعم معارك النظام عسكرياً في إدلب نظراً لتبعات المعركة على تركيا وما يمكن أن تسببه بأزمة كبيرة للاجئين.

وبحسب التسجيلات الجديدة تعمل المليشيات الشيعية في إدلب بحسب خطط سليماني والذي كان يخطط للاستيلاء على المنطقة على الرغم وعود الحكومة الإيرانية بعدم فعل ذلك، وتعمل الميليشيات الإيرانية تحت لواء قوة القدس، وتحصل على المعلومات الاستخباراتية، والدعم والتدريب من الحرس الثوري الإيراني.

وينضوي تحت قوة القدس عدة مليشيات مرتزقة منها فاطميون، والتي خاضت معارك لصالح النظام في حلب ودمشق ودير الزور. ويعتمد النظام على مرتزقة المليشيات الشيعية لتعويض النقص في قواته البرية التي تخوض حرب عصابات لمواجهة قوات الفصائل، وتظهر التسجيلات اللغة الطائفية المتطرفة التي يستخدمها المقاتلون الشيعة الأفغان والإيرانيون حيث تظهر صيحات “يا علي. يا علي” على المذياع يتداولها المقاتلون أثناء المعارك.

ربما يعجبك أيضا