سوريا 2019.. مناطق سيطرة ونفوذ أطراف الصراع

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد 

مع نهاية عام 2019م، تغيرت خارطة النفوذ والسيطرة السياسية والعسكرية على الأرض السورية، وحتى يومنا هذا تشهد بعض جبهات القتال معارك عسكرية ضارية وحجم قصف هائل وذلك جنوب وغرب محافظة إدلب وشمال شرق الفرات وفي ساحل ريف اللاذقية، وقد حققت قوات الأسد والمليشيات الشيعية الإيرانية واللبنانية والعراقية والأفغانية والباكستانية المتحالفة معها تقدمًا على الأرض وبالرغم منذ ذلك فلا تزال 38% من الأراضي السورية خارج سيطرة النظام وإيران وروسيا.

وكانت المعارك الأبرز في 2019، معارك ريف حماة الشمالي والشرقي (كفرزيتا، اللطامنة، مورك)، وخان شيخون وجرجناز، وكذلك معارك شرق الفرات بعد شن الجيش التركي والجيش الوطني السوري (الجيش الحر) عملية عسكرية ضد “قسد”، أما الجنوب السوري فما زال يخضغ لإشراف مباشر من القوات الروسية عبر الفيلق الخامس الذي شكلته من فصائل المصالحات التي كانت تتبع فيما سبق للجيش السوري الحر، مع رفع علم النظام على مؤسسات الدولة، وشهدت مناطق درعا هذا العام مظاهرات تطالب بإسقاط النظام وحرب عصابات واغتيالات لعناصر النظام تؤكد أن النظام لم تعد لديه القدرة على السيطرة كما كان قبل 2011م خصوصا أن المصالحات في الجنوب السوري كانت برغبة إقليمية ودولية.

وبالرغم من ذلك استطاعت الفصائل المقاتلة في الشمال السوري توجيه ضربات للمليشيات الإيرانية وتكبيدها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد في تلال الكبينة بريف الساحل السوري وفي جنوبي إدلب ومعارك ريف حماة الشمالي، وقد نجح الجيش الوطني السوري “الجيش الحر” في صد هجمات كبيرة استهدفت ريف حلب الجنوبي وشرقي إدلب، كما تمكنت الفصائل من قصف قاعدة حميميم الروسية وتدمير طائرات روسية حربية باستخدام طائرات دون طيار، وكذلك شنت عمليات نوعية داخل حلب والغوطة حيث انتهجت سياسة حرب العصابات لاستهداف مفاصل النظام والمليشيات الشيعية والقوات الروسية، كان آخرها سلسلة اغتيالات ضد قوات الأسد والمحسوبين على نظامه في حوران وكذلك شهدت مدينة حماة هجمات مماثلة.

وقد أعلنت روسيا هدنة الروسية من جانب واحد في 31 أغسطس/ آب الماضي 2019، رغم الخروقات المستمرة التي تراوحت بين القصف المدفعي والصاروخي والجوي ومحاولات اقتحام جبهات ريفي إدلب واللاذقية. 

وقد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن قواته العسكرية ستحمي حقول النفط والغاز في شرق الفرات وأن عائدها سيذهب لقسد، وأنقواته العسكرية كذلك ستبقى في منطقة التنف السورية برغبة من دول إقليمية.

ضربات للنظام

ضربات عدة تلقاها النظام السوري في 2019، بدأت بتفعيل قانون سيزر الأمريكي من ناحية، وكذلك صدمة اقتصادية مصرفية قوية هزته من جهة لبنان وهي منع تمرير الحوالات المالية إلى سوريا بالقطع الأجنبي خصوصاً الدولار، ما يعني حرمانه من ملايين الدولارات شهريًا وبطريقة لا يمكن لمليشيات “حزب الله” الإرهابية أن تتدخل لمنعها رغم هيمنتها على مفاصل الدولة اللبنانية.

الليرة السورية في انهيار مستمر، واقتصاد النظام يتجه نحو الشلل التدريجي الاقتصادي.

كذلك تصاعد التوتر بين الميليشيات المدعومة من إيران وروسيا في سوريا، حيث اندلعت عدة اشتباكات في عام 2019 لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة في صراع النفوذ بين طهران وموسكو الذي ألقى بظلاله على المشهد العسكري في سوريا، وبات هناك رأي عام روسي يقول إنه من المستحيل إدارة سوريا كما كانت تدار قبل الحرب إلا بنظام حكم جديد.

وتتقاسم الجغرافيا السورية 5 قوى رئيسية يسيطر كل منها عسكريًا على أجزاء من البلاد ويمكننا أن نعرضها كالتالي:

1-  الجيش النظامي المدعوم بالحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس ومليشيا “حزب الله” اللبنانية ومليشيات النجباء والإمام وحزب الله العراقي والعصائب الشيعية العراقية ومليشيا “فاطميون” الأفغانية ومليشيا “زينبيون” الباكستانية ولواء القدس الفلسطيني و”جيش التحرير” و”الجبهة الشعبية القيادة العامة” برًا، أما جوًا فيتم دعمه عبر الطيران الحربي الروسي، كما قدمت إيران دعمًا جويًا للنظام عبر الطائرات بدون طيار، كذلك هناك قواعد عسكرية إيرانية وروسية في غالب مناطق سيطرة الأسد.

2- الكتائب الثورية المسلحة

أ‌-  الجيش الوطني السوري(الكتلة الشامية – كتلة السلطان مراد –جيش الإسلام – قوات درع الفرات– فيلق الرحمن – فرقة الحمزة)  والذي اندمجت في صفوفه قبل أشهر قليلة الجبهة الوطنية للتحرير (كتائب الجيش السوري الحر في إدلب  – أحرار الشام – فيلق الشام – نور الدين الزنكي – جيش إدلب الحر – صقور الشام) وهذا التشكيل العسكري بات أكبر كيان عسكري ضد النظام وفاق قوامه 150 ألف مقاتل، ويتواجد في مناطق شمالي شرق الفرات وإدلب وريفها وريف حلب الشمالي وعفرين وأجزاء كبيرة من أرياف حلب الجنوبية وبعض أحياء حلب المدينة كحي الراشدين وغالب محافظة إدلب وأجزاء من الساحل السوري، وتتواجد في إدلب وجسر الشغور وريف حلب الجنوبي 12 نقطة مراقبة تركية عسكرية، كذلك يتواجد الآلاف من الجنود الأتراك في مناطق شمالي سوريا في غرب الفرات ومناطق إعزاز وجرابلس والباب والراعي ورأس العين وتل أبيض، وقد وصلت نسبة سيطرة الفصائل إلى 12.12%.

ب – قوات “مغاوير الثورة” التابعة للجيش السوري الحر، تسيطر على منطقة التنف مع انتشارعسكري أمريكي – بريطاني.

3- هيئة تحرير الشام، كما يقاتل في سوريا “الحزب الإسلامي التركستاني”، وهي تسيطر على بعض مدن وبلدات محافظة إدلب السورية.

4- تنظيم الدولة المعروف إعلاميًا باسم “داعش”، خسر البقية الباقية من مناطق سيطرته باستثناء مواقع له في البادية السورية، كما خسر زعيمه “إبراهيم عواد البدري” الشهير بـ “البغدادي”، وقد انتهج التنظيم سياسة حرب العصابات، حيث يشن من وقت إلى آخر هجمات على النظام في مدينة السخنة ببادية حمص، وكذلك لديه خلايا نائمة في عدد من المدن السورية خصوصا في شرق نهر الفرات.

5- حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي pyd “جناحه المسلح “وحدات حماية الشعب الكردي” “ي ب ك” وهو بمثابة الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني pkk في تركيا” وتطلق عليه وسائل الإعلام اسم “قسد” وهو اختصار “قوات سوريا الديمقراطية”، وهو يسيطر مع تحالف من الفصائل العربية على أجزاء من “شرق نهر الفرات” والطبقة وتل رفعت، وهو ما نسبته (25.67%) من مساحة سوريا، وتنتشر قواعد أمريكية وفرنسية وإيطالية في مناطق سيطرته، ولكن قبل نهاية 2019 تلقى التنظيم ضربة قاصمة بعد قرار الرئيس الأمريكي ترامب الانسحاب من سوريا والتخلي عن “وحدات الحماية”.

وحتى الآن ما زال أكثر من 38% من الأراضي السورية خارج سيطرة قوات الأسد والمليشيات الشيعية، بل إن كثيرًا من المناطق الخاضعة له بدأت تخرج فيها المظاهرات كما حدث في بلدة كناكر ريف دمشق وبعض مدن حوران،  كذلك مناطق سيطرته بها مناطق صحراوية ليس لها أهمية استراتيجية، ومنطقة كالبادية السورية وحدها تحتاج لمليون جندي لتأمينها لإنها عبارة عن مساحات شاسعة من الأراضي الصحراوية.

الليرة السورية تنهار ووصل سعر صرف الدولار الواحد إلى ألف ليرة، وهو ما يعني أن مناطق سيطرة الأسد ستشهد مجاعة لا محالة، وأن الجماهير السورية في تلك المناطق ستخرج احتجاجا على هذا الوضع الكارثي عاجلا أو آجلا كما خرج أهل العراق ولبنان اليوم..
كذلك أصبح الشمال السوري معقلا لـ 150 ألف من المسلحين المعارضين للنظام، وهذا يعني أن المعركة في سوريا مستمرة.

 

ربما يعجبك أيضا