شاحنة الموت.. تذكير وحشي بأزمة اللاجئين في بريطانيا

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

أفاقت مدينة أيسكيس الصناعية شرق لندن، على خبر العثور على 39 جثة في حاوية شاحنة مسجلة في بلغاريا باسم سيدة أعمال إيرلندية، وأصبحت الشاحنة البيضاء محط أنظار العالم، وأثارت صدمة كبيرة، لما يبدو أنه أسوأ عمليات تهريب البشر على الإطلاق في بريطانيا.

عثرت الشرطة البريطانية، أمس الأربعاء، على 39 جثة داخل الشاحنة، وتم توقيف السائق البالغ من العمر 25 عاما والمتحدر من إيرلندا الشمالية بتهمة القتل، في حين ردت بلغاريا مؤكدة أن الحاوية المذكورة لم تدخل البلاد منذ عام 2017.

“هي جريمة قتل مروعة”، حسبما قالت الشرطة البريطانية، وتضيف” بدأ الأمر بالتحقيق في بلاغ تم تلقيه في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء بشأن “شاحنة بحاوية داخلها أشخاص” عند حديقة ووترغليد الصناعية شرق لندن، ووصلت خدمات الطوارئ للحاوية، ولكن للأسف تأكد وفاة 39 شخصا”.

“هذه حادثة مأساوية فقد عدد كبير من الناس حياتهم فيها”، وفقًا لقائد شرطة إسيكس أندرو مارينر، وأشار إلى أن الدلائل تشير إلى أن الضحايا هم 38 من البالغين ومراهق واحد، وأن الشاحنة سافرت من بلغاريا ودخلت البلاد عبر هوليهيد شمال ويلز يوم السبت”.
 
وأضاف قاد شرطة إسيكس، أنه “لم يعرف بعد عما إذا كان الضحايا لاجئون تم تهريبهم بالشاحنة أم لا.

 ولاحقا كشفت تحقيقات الشرطة أن الجزء المجرور من العربة شحن بحرا من بلجيكا في الليلة نفسها، بينما جاء جزئها الجار من إيرلندا الشمالية.

واليوم، كشفت الشرطة، أن جميع الضحايا التسعة والثلاثين الذين عُثر على جثثهم مواطنون صينيون، وفقًا لقناة “آ.تي.في نيوز” التلفزيونية.

وقالت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل، “هناك نقاط جوهرية لها علاقة بالجريمة، وأهمها التعاون في هذا المجال مع شركائنا الأوروبيين أو الدوليين، لمنع الهجرة النظامية وتهريب البشر ومنح الللجوء للفارين من الحروب”.

من جانبه أعرب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عن صدمته، قائلا “إن الحادث المأساوي أصابني بالصدمة، مشيرا إلى أنه يطلع على المستجدات بصورة منتظمة، وقدم خالص تعازيه لذوي الضحايا.

امرأة إيرلندية

من جهتها، قالت وزارة الخارجية البلغارية، إن شاحنة الجثث هذه مسجلة في مدينة فارنا ببلغاريا باسم شركة مملوكة لامرأة أيرلندية، وإن الشاحنة مسجلة في بلغاريا بتاريخ 19 يونيو 2017 وغادرت البلاد في اليوم التالي ولم تعد منذ ذلك الحين، وأشارت إلى أن السفارة البلغارية في لندن تلقت من الشرطة البريطانية معلومات بشأن تسجيل الشاحنة.

ويقول أندي لاركين، مدير شركة ميكانيكا، وهو الذي أبلغ الشرطة عن الشاحنة “منذ قرابة شهر تقريبا، كانت هناك شركة تبريد يتردد عليها الكثير من الشاحنات من جميع أنحاء أوروبا وكانت الشاحنات تتوقف هناك تنتظر الدخول، لكن من غير المعتاد أن تكون الشاحنات هناك في هذا الوقت”.

وبحسب صحيفة “الجارديان” البريطانية، نظمت الجمعيات الخيرية المعنية باللاجئين، وقفات احتجاجية، للتضمان مع الضحايا، وضد جماعات مهربي البشر.

على الرغم من عدم تأكيد أي روابط لجماعات تهريب البشر، قالت جماعات الهجرة، إن الحادث أبرز كيف أن تشديد الأمن على الحدود لا يفعل شيئًا لردع الناس عن البحث عن الأمان في المملكة المتحدة، بل دفعهم إلى البحث عن طرق أكثر خطورة للوصول إلى الشواطئ البريطانية.

محاولات يائسة

على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، لقي أربعة أشخاص مصرعهم أثناء قيامهم بمحاولات يائسة لعبور القناة الإنجليزية، وسط تدهور الأوضاع للنازحين في شمال فرنسا حيث تقوم الشرطة بقمع وجودهم هناك، ويقول نشطاء، إن هذا العداء المشدد، إلى جانب زيادة الأمن على جانبي الحدود، يدفع المهاجرين إلى أيدي المهربين، بحسب “الصحيفة”.

وقال مادي ألين، أحد الناشطين في “مساعدة اللاجئين” ميدانيا، إن الحكومة “ملطخة بالدماء” بعد وفاة 39 شخصًا، مضيفًا: “إذا شددت الإجراءات الأمنية، فسيقوم الناس برحلات أكثر خطورة، فالإجراءات الأمنية في كاليه ودنكيرك أصبحت أكثر صرامة لذلك يتخذ الناس طرقًا بديلة، وسيستمر الأمر إذا واصلوا جعل الطرق الأكثر أمانًا أكثر خطورة وصعوبة”.

وقال كلير موسيلي، مؤسسة جمعية “العناية لأجل كاليه” الخيرية: “إن تشديد الإجراءات الأمنية ليست حلا، هي فقط تؤدي إلى المزيد من الوفيات، إنه أمر مروع، فما الذي سوف يحدث إلى الناس حتى ننتبه؟ تشديد الأمن على الحدود لن يمنع الناس من القدوم إلى البلاد، وما حدث يثبت ذلك”.

وقال بول مومري مسؤول في جمعية النقل البري: “هناك أشخاص أذكياء للغاية يقومون بتهريب العصابات سيأخذون أموالا هائلة من الناس من المناطق الفقيرة في العالم ويدخلونهم في ظهر الشاحنات، مضيفا: “إذا نظرنا إلى السنوات القليلة الماضية، فقد بدأوا في استخدام طرق” ابتكارية “أكثر، ونحن نشهد المزيد والمزيد من التقارير عن الأشخاص الذين يغتنمون فرصهم، ربما لأنه تم ردعهم بسبب ما يعتبرونه أمانًا أكبر”.

في منطقة غرايز الصناعية، كان العمال في السابق أقل اهتمامًا بسياسات الحدود والهجرة، لكن الحادث أرسل بوضوح موجات صدمة عبر المجتمع، وقالوا إن وصول المهاجرين عبر الشاحنات في المنطقة لم يكن أمراً غير شائع، لكن بالنسبة لعشرات الأشخاص الذين فقدوا حياتهم في هذه العملية لم يسبق له مثيل.

قال السيد لاركين، “هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا، كلما فكرت في الأمر، أشعر أكثر بالصدمة، وتساءل هل في الوقت الذي شاهدت فيه الشاحنة لأول مرة هل كانوا على قيد الحياة؟ هل كان بإمكاني مساعدتهم؟ .

“هويات الجناة ما زالت مجهولة، والكثير من الأسئلة لم يعثر لها على إجابات بعد، بينما تستمر عملية جمع الأدلة، لكن الفرضية الراجحة لم تكن سوى جريمة منظمة من فعل جماعات الإتجار بالبشر”، بحسب الصحيفة.

ربما يعجبك أيضا