شبكة موانئ الصين في العالم.. تجارة هائلة تتحدى أمريكا

شروق صبري
الرئيس الصيني شي جين بينج

في السنوات العديدة الماضية ركز مسؤولو الأمن القومي الأمريكيون بنحو مكثف على القوة العسكرية المتنامية للصين.


تبدو استراتيجية الدفاع الأمريكية ضعيفة أمام التحديات المركزية التي تطرحها الصين، بتحديث سريع لجيش التحرير الشعبي، وأسطول بحري حديث، وقدرات صاروخية.

وبصرف النظر عن أنها أكبر شريك تجاري للعديد من البلدان، تمثل الصين أهمية كبيرة في التجارة الدولية، خاصة بالنقل البحري، بعدما صارت الشركات الصينية رائدة في تمويل وتصميم وبناء وتشغيل وامتلاك محطات الموانئ في جميع أنحاء العالم.

صناعة عالمية

قالت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية، يوم الاثنين الماضي 22 مايو 2023، إن اتجاه الصين العالمي إلى الموانئ كان مدفوعًا بالأولويات الاستراتيجية والاقتصادية. ومنذ أواخر التسعينات، قدم الحزب الشيوعي الصيني الحوافز والدعم المادي للشركات الصينية للتوسع بسرعة في قطاعات مثل الموانئ والنقل البحري، بهدف إنشاء مركز قوي في الأسواق العالمية.

وفي عام 2013، أعاد الرئيس الصيني، شي جين بينج، تحديث هذه الجهود وتمويلها، من خلال إطلاق مبادرة الحزام والطريق، وهي حملة عالمية لبناء روابط بين الصين والعالم عبر التجارة والاستثمار والبنية التحتية. وساعدت هذه الجهود الشركات الصينية في قطاع الموانئ، على النمو من مجرد لاعبين محليين إلى قادة الصناعة العالمية.

قوة الصين البحرية

قوة الصين البحرية

التجارة الدولية

تمتلك الشركات الصينية الآن أو تشغل محطات في ما يقرب من 100 ميناء تجاري، تغطي كل مناطق العالم الرئيسة. ويظل العمل الأساسي لشبكة الموانئ الصينية هو التجارة الدولية، لكن هذه البنية التحتية الحيوية تدعم أيضًا العمليات العالمية لجيش التحرير الشعبي، حسب فورين أفيرز.

ومن بين المرافق المستخدمة لهذه الأغراض، موانئ سنغافورة، وميناء دار السلام في تنزانيا، وميناء بيرايوس في اليونان. وتوفر شبكة الموانئ التجارية الصينية بالفعل الدعم اللوجستي والاستخباراتي، للحفاظ على النطاق المتزايد لمهام جيش التحرير الشعبي بعيدًا عن الشواطئ الصينية.

المهام العسكرية

ترى فورين أفيرز أن تصميم مرافق الموانئ التجارية ليس نموذجيًّا لتمكين القدرات العسكرية المتطورة للصين، ولكن يمكن استخدام أي ميناء تجاري تقريبًا لخدمة مجموعة من المهام العسكرية.

وبدأت الصين ذلك من خلال سفن حربية تابعة لبحرية جيش التحرير الشعبي، تستخدم بانتظام عشرات المحطات الخارجية التي تملكها وتشغلها الشركات الصينية في هذه الموانئ، حيث تعيد التزود بالوقود والإمدادات، وتخضع لعمليات صيانة وإصلاح متخصصة.

صناعة النقل البحري العالمية

توسع ميناء بكين العالمي هو أولًا وقبل كل شيء ظاهرة اقتصادية، مدفوعة إلى حد كبير بالعوامل التجارية، بالنظر إلى أن أكثر من 90% من تجارة البضائع في الصين يجري نقلها بحرًا، وهو ما يتجاوز بكثير المتوسط العالمي البالغ 80%.

وتزعم المجلة الأمريكية أن موانئ المحيطات، بأنحاء العالم، تعد قنوات أساسية لواردات الصين الهائلة من الطاقة والمعادن والزراعة والسلع العالمية الأخرى، فمحطات الحاويات الحديثة وسفن الحاويات الضخمة تسهل تصدير كميات ضخمة من البضائع الصينية الصنع، وهو ما رسم بكين إلى موقع قيادي في صناعة النقل البحري العالمية عبر مركزية التجارة الدولية.

القوة البحرية المتنامية للصين

القوة البحرية المتنامية للصين

الصين تسيطر على أكبر موانئ في العالم

بحلول عام 2022، باتت الشركات الصينية تمتلك أكثر في 36 محطة من أفضل 100 ميناء للحاويات في العالم، 25 منها في البر الرئيس الصيني، ما يثبت وجود الصين في 61% من مراكز الشحن الدولية الأكثر نشاطًا في العالم، حسب فورين أفيرز.

ويستضيف البر الرئيس للصين نفسه 8 من أكبر 10 موانئ في العالم من حيث إجمالي حمولة البضائع، و7 من أكبر 10 موانئ من حيث الإنتاجية. وبنهاية عام 2022، حصلت الشركات الصينية على ملكية أو حصص تشغيلية لـ95 ميناء في 53 دولة، تغطي كل القارات باستثناء القارة القطبية الجنوبية.

منصات لوجستية

أصبحت الموانئ التجارية منصات لوجستية أساسية لعمليات جيش التحرير الشعبي الصيني العالمية، فبإمكانها إمداد السفن وتجديد البترول والزيوت ومواد التشحيم المتخصصة، وتعبئة العتاد والمعدات والأفراد العسكريين.

ومن المحتمل أيضًا أن تزيد مرافق الموانئ الخارجية من قدرات الاستخبارات في بكين، لأن مشغلي المحطات الصينية يكتسبون معلومات خاصة بشأن تحركات السفن والمعاملات التجارية، تفيد في مراقبة الشحنات العسكرية والأنشطة في الموانئ.

وغالبًا ما تكون الموانئ المملوكة للصين مشتركة مع القواعد العسكرية للدول المضيفة، كما هي الحال في حيفا في إسرائيل، حيث توفر محطاتها التجارية مواقع مناسبة لمراقبة إجراءات العمليات العسكرية والموظفين والمتطلبات والتحركات للجيوش الأخرى.

 

هل تنجر إلى الحروب؟

مع ذلك، ترجح المجلة الأمريكية أن يكون جيش التحرير الشعبي يستخدم عددًا محدودًا من المحطات في شبكة الموانئ التجارية الخارجية للصين في زمن الحرب، لأن مثل هذا الاستخدام العسكري من شأنه أن يورط الدولة المضيفة أيضًا، ما قد يحولها إلى دولة محاربة.

وبما أن الصين تفتقر إلى التحالفات العسكرية والاتفاقيات الدفاعية مع الدول المضيفة، فمن غير المرجح أن يعتمد جيش التحرير الشعبي على منشآت الموانئ ذات الاستخدام المزدوج في حالة الصراع، فضلًا عن أن عدم وجود مثل هذه الالتزامات الأمنية الرسمية يقلل احتمال تدخل الصين في النزاعات بالخارج.

اقرأ أيضًا| روسيا والصين تعتزمان توقيع اتفاقيات ثنائية رغم الانتقادات الغربية
اقرأ أيضًا| الرئيس الأمريكي يتوقع تحولًا قريبًا في العلاقات مع الصين

ربما يعجبك أيضا