شرق أوسط متعدد الأقطاب.. كيف يرى كيسنجر المنطقة بعد اتفاق السعودية وإيران؟

محمد النحاس

يرى كيسنجر أن اتفاق الرياض وطهران يفتح الباب واسعًا أمام "تغيير قواعد اللعبة".. كيف؟


في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، لكاتب العمود، ديفيد إغناطيوس، يرى أن الصين تبشر بـ”شرق أوسط متعدد الأقطاب”.

وأوضح إغناطيوس، في مقاله المنشور الخميس 16 مارس 2023، أنه تحدث مع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، والمفكر السياسي، هنري كيسنجر، الذي يرى أن الوساطة الصينية بين إيران والسعودية تمثل تغييرًا في شروط اللعبة السياسية في الشرق الأوسط.

تغيير استراتيجي وجوهري 

يورد المقال على لسان هنري كيسنجر أن المصالحة السعودية الإيرانية تشبه إلى حد كبير ما أنجزه كيسنجر مع الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون، لخفض التوتر التاريخي بين موسكو وبكين، وقد شعر وهو يشاهد إنجاز الاتفاق بتأثير “دي جي فو”، وهو مصطلح يعني إعادة معايشة تجربة من الماضي.

وبطريقة مماثلة، جرى “اللعب” على ورقة الخلاف الصيني الأمريكي، للتوصل إلى هذا الاتفاق، وفقًا للمفكر الأمريكي البارز ومنظر السياسة الخارجية الأمريكية، في حديث أجراه مع كاتب المقال. 

الصين كبديل للولايات المتحدة

على المدى القصير، يعتقد كيسنجر أن خفض التصعيد بالشرق الأوسط سيكون جيدًا للجميع، لافتًا إلى أن هذا تمامًا ما سعت إليه الولايات المتحدة الأمريكية منذ الثورة الإيرانية عام 1971، وحاولت تحويل الوجهة لنهج سلمي بدلًا من استخدام القوة.

لكن على المدى البعيد، يشير كيسنجر إلى أن بزوغ الصين على الساحة الدولية كـ”صانع للسلام”، يغير الشروط المرجعية الدولية في الدبلوماسية، موضحًا أن الولايات المتحدة لم تعد وحدها القوة المرنة وذات الثقل، في إتمام مثل هذه الاتفاقات.

خطوات نحو تغيير النظام الدولي

يتابع السياسي الأمريكي البارز وصاحب التاريخ الطويل، قائلًا إن الصين طالبت بأن يكون لها دور في تشكيل النظام الدولي والعالمي، وقد مضت بالفعل بهذه الخطوة للأمام تجاه تحقيق هذا الهدف المنشود.

ويرى كاتب المقال أن هذه الخطوة ستعقّد قرارات إسرائيل المرتبطة بشن ضربة على منشآت إيران النووية، وهو ما يراه كسينجر أيضا لأنه في ظل التقارب الإيراني الصيني “يتحتم على إسرائيل مراعاة مصالح بكين لدى طهران”.

جني ثمار الجهود الأمريكية؟

وفق ديفيد إغناطيوس، كان الصينيون انتهازيون لأنهم استغلوا الجهود الأمريكية السابقة (محادثات بغداد ومباحثات عمان)، دون أن يوجهوا “شكرًا للدبلوماسية الأمريكية”، ومن ثمّ “قصوا الشريط في نهاية المطاف”، ويصف ذلك بـ”جني ثمار النوايا الأمريكية الحسنة”.

وخلال هذه الجلسات، اتفق ممثلو الرياض و طهران على خارطة طريق لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح السفارات، وكان الزعيم الصيني شي جين بينج قد تعهد في زيارته للرياض ديسمبر الماضي، باستغلال نفوذه لإتمام الاتفاق، وبحسب المقال اعترفت إيران بدورها في تسليح الحوثي، متعهدةً بوقف إمدادهم بالسلاح، وذلك خلال الاجتماعات الثلاثية في بكين.

شرق أوسط متعدد الأقطاب

في غضون ذلك وفي ظل ما يكتنف إيران من مشكلات سياسية واقتصادية، والمظاهرات المستمرة منذ أشهر، تدرك إيران أنها باتت قريبة من حافة الهوية، ومع ذلك تواصل العمل على برنامجها النووي في ظل مخاوف من زيادة معدلات التخصيب واقترابها من امتلاك سلاحح نووي، وفقًا لكاتب المقال.

لكن ومع زيادة المخاطر تعهدت إيران بالسماح لوكالة الطاقة الذرية بإجراء عمليات رقابة مكثفة على مواقعها النووية، ويرى المقال أن النظام الإيراني رغم كل ذلك بات في حالة من التراجع. 

وأصبحت المنطقة في ظل هذه الظروف تشهد تعددًا للأقطاب، بدلًا عن نظام القطب الواحد، ومن شأن “الشرق الأوسط متعدد الأقطاب” أن يفتح الباب على مصراعيه أمام قواعد جديدة بالكليّة للعبة السياسية، كما يعتقد الدبلوماسي والسياسي هنري كيسنجر، لأن الدور الأمريكي بات يتضائل رغم وجوده وفعاليته، في مقابل صعود منافسي واشنطن.

ربما يعجبك أيضا