شركات واجهة وشبكات غامضة.. من يقف وراء تفجيرات «البايجر»؟

تحقيقات بشأن تخريب أجهزة النداء في هجوم إسرائيل على حزب الله

شروق صبري
تفجيرات البيجر ضد حزب الله

الهجوم الإسرائيلي على حزب الله يكشف عن شبكات غامضة في تصنيع أجهزة النداء وتحديات التحقيقات الدولية المرتبطة بها.


شهدت الفترة الأخيرة هجومًا إسرائيليًا استهدف حزب الله اللبناني، وأسفر عن تخريب آلاف من أجهزة النداء “البايجر” المستخدمة من قبل التنظيم.

هذا الحادث أثار تساؤلات عديدة بشأن سلسلة الإمدادات وراء هذه الأجهزة، مما أدى إلى فتح تحقيقات مكثفة لكشف هوية الشركات والأفراد المتورطين في تصنيعها وتوزيعها، وتمتد التحقيقات إلى شبكة معقدة من الشركات الغامضة والأفراد عبر آسيا وشرق أوروبا.

سلسلة الإمدادات الغامضة

توجهت التحقيقات إلى بعض الشركات التي ظهرت في السنوات الأخيرة، حيث تُظهر السجلات عدم وجود أي دليل ملموس عن أنشطتها، وتديرها شخصيات أعمال غامضة تفتقر إلى وجود رقمي واضح وتجربة في صناعة الاتصالات، وفق ما نشرت “وول ستريت جورنال”، الجمعة 20 سبتمبر 2024.

ولعقود، استخدم كل من إيران والمجموعات المسلحة التي تدعمها مثل حزب الله شركات واجهة في جميع أنحاء الشرق الأوسط والمتوسط للحصول على التمويل والمعدات مع تجنب العقوبات، في المقابل، أنشأت إسرائيل شبكات سرية لاختراق سلاسل الإمدادات التي تستخدمها إيران والمجموعات المتحالفة معها.

تفاصيل الهجوم

يعتبر الهجوم الذي وقع يوم 17 سبتمبر 2024 أحد الأمثلة النادرة التي تمكنت فيها إسرائيل من اختراق سلسلة الإمدادات الخاصة بحزب الله.

وبحسب مصدر مطلع على العمليات الإسرائيلية، فإن هذه العملية كانت الأولى من نوعها التي انتهت بتفجير أجهزة النداء، حيث تم زرع المتفجرات في بطاريات الأجهزة وتفجيرها عن بُعد.

من صنع أجهزة النداء؟

بدأت تحقيقات أجهزة النداء من تايوان، بعد أن أظهرت إحدى الملصقات على جهاز انفجر في لبنان أنه مصنوع من قبل شركة “Gold Apollo” التايوانية.

عقب الهجوم، توجه الصحفيون إلى مكاتب الشركة، حيث نفت الشركة صنع أجهزة النداء، وأوضحت أن ترخيص تصنيعها تم شراؤه من شركة هنغارية غير معروفة تُدعى “BAC Consulting”.

تحقيقات تايوان

شرع المدعي العام في تايوان في تحقيقات لتحديد ما إذا كان هناك صلة بين شركة Gold Apollo والهجوم. تم استدعاء اثنين من المسؤولين التنفيذيين من Gold Apollo وBAC Consulting، وتمت مداهمة مكاتب الشركتين في 4 مواقع في تايبيه.

ونفت شركة Gold Apollo أي ارتباط بالهجوم، حيث أكد مكتب المدعي العام أنه “لم يتم العثور على أدلة محددة تشير إلى تورط تايوانيين في الهجوم”.

معلومات عن BAC Consulting

تأسست شركة “BAC Consulting” في هنغاريا عام 2022، وتجري بأنشطة تجارية متعددة، بدءًا من بيع أجهزة الاتصالات إلى إنتاج ألعاب الكمبيوتر.

وقد تم تسجيلها في منطقة سكنية هادئة في بودابست، وبلغت مبيعاتها العام الماضي حوالي 600 ألف دولار، الشخص الوحيد المسجل كموظف ومدير تنفيذي هو امرأة تُدعى كريستيانا بارسوني-أركيدياكونو، التي تمتلك خلفية معقدة ومتنوعة، ولم ترد بارسوني-أركيدياكونو على طلبات التعليق.

التحقيقات في هنغاريا

بحلول منتصف الأسبوع، تم تعطيل موقع “BAC Consulting” على الإنترنت، وأكد المتحدث باسم الحكومة الهنغارية أن الشركة تعمل كوسيط تجاري، وليس لديها أي موقع تصنيع في هنغاريا وأن أجهزة النداء لم تكن موجودة في البلاد.

أفادت تقارير من وسائل الإعلام الهنغارية أن أجهزة النداء تم بيعها لحزب الله من قبل شركة بلغارية تُعرف باسم “Norta Global Ltd”، وفتحت السلطات البلغارية تحقيقًا على الفور في الشركة، التي تم تسجيلها في العاصمة صوفيا بواسطة مواطن نرويجي في أبريل 2022، قبل شهر من تسجيل BAC في هنغاريا.

تحويلات مالية مشبوهة

تشير التحقيقات إلى أن “Norta Global” حولت إجمالي 1.6 مليون يورو (حوالي 1.8 مليون دولار) إلى BAC Consulting، وأكدت الوكالة الأمنية البلغارية أنه لم يتم تصنيع أو استيراد أو تصدير أي أجهزة نداء مثل تلك التي انفجرت مؤخرًا، لكنها تحقق في صلة الشركة بالحادثة.

وتصف السجلات التجارية نشاط الشركة بأنه “إدارة مشاريع تكنولوجية”، لكن القليل من المعلومات يشير إلى أنها كانت نشطة بشكل كبير في بلغاريا.

شخصيات غامضة

يتولى إدارة “Norta Global” مواطن نرويجي يُدعى رينسون خوس، والذي ورد أنه “رائد أعمال” في شركة نرويجية تُدعى NortaLink، لا يُستخدم رابط الموقع الإلكتروني الخاص بالشركة حاليًا.

وأفادت الشرطة في أوسلو بأنها بدأت تحقيقًا في القضية، ولم تستجب أي من Norta Global أو خوس لطلبات التعليق.

تعقيد الشبكات التجارية

تسليط الضوء على هذه التحقيقات يُظهر حجم وتعقيد الشبكات التجارية التي تُستخدم لتمويل الأنشطة المسلحة، ويُعتبر هذا الهجوم نقطة تحول قد تكشف عن أساليب جديدة يتم من خلالها اختراق سلاسل الإمدادات المستخدمة من قبل الجماعات المسلحة.

تبقى التحليلات مستمرة، حيث يترقب العالم نتائج التحقيقات لكشف النقاب عن هوية المتورطين والشبكات وراء هذه العمليات.

ربما يعجبك أيضا