شعب الماساي في تنزانيا.. بين التهجير والحفاظ على الحياة البرية

آية سيد

يناشد شعب الماساي في تنزانيا الحكومات الغربية للتدخل لوقف إخلائهم من أرضهم، لكن الحكومة ومنظمة اليونسكو يرون أن وجودهم يشكل تهديدًا للحياة البرية.


يواجه أكثر من 150 ألفًا من شعب الماساي في تنزانيا الإخلاء من أراضيهم على يد الحكومة التنزانية.

وبحسب تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية، في 22 إبريل 2022، يحدث هذا الإخلاء بسبب خطوات لمنظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة وشركة سفاري لاستخدام الأراضي كمحمية للحياة البرية وللصيد التجاري. وناشد آلاف الرعاة الماساي في شمال تنزانيا الحكومات الغربية لوقف الخطط إخلائهم.

الماساي يناشدون الغرب

بحسب التقرير، كتب الرعاة الماساي خطابًا للحكومتين البريطانية والأمريكية والاتحاد الأوروبي، يناشدونهم المساعدة في وقف هذه الخطط. وجاء في الخطاب: “نحن نطلب مساعدتكم لكي تعلم حكومتنا أن أرضنا ليست للبيع وأننا سنواصل مقاومة هذا الاعتداء، منذ فترة طويلة، على حقوقنا والسلامة الإيكولوجية لأرضنا. ولهذا نحن ندعو منظمتكم لشجب هذه الانتهاكات ومساعدتنا في منع شعبنا من الانقراض”.

وطالب الماساي الحكومات الغربية بأن توضح للحكومة التنزانية أنها لن تقف مكتوفة الأيدي، في حين “يجري حرماننا من حق العيش بسلام على أرضنا والحفاظ عليها من أجل إفساح المجال لسياحة النخبة والصيد الترفيهي”. وقال الماساي إن حياتهم في خطر، لأن قدرتهم على الحفاظ على الماشية وتوفير الطعام لمجتمعاتهم ستتدمر إذا جرى إخلاؤهم. وكتبوا في خطابهم، “ليس لدينا مكان آخر نذهب إليه”.

معاناة الماساي

ذكر التقرير أن شعب الماساي، تعرض لسنوات، إلى حملات عنيفة، من أجل إخلاء المنطقة للسياحة. وقال أحد زعماء الماساي، طلب عدم ذكر اسمه: “تشعر زوجتي وأطفالي بالتهديد. والمجتمع بكامله قلق بشأن كيف سيبدو المستقبل”. وبحسب التقرير، 82 ألفًا من الماساي قد يُطردون من المنطقة على مدار الـ5 سنوات المقبلة، وفقًا لخطط اللجنة الوطنية لليونسكو في تنزانيا في 2019 لتوسيع منطقة المحمية.

وأوضح التقرير أنهم غير مسموح لهم بزراعة المحاصيل، ما أدى إلى نقص الغذاء. وازداد الوضع سوءًا بسبب الجفاف في المنطقة. وفي هذا الشأن، أورد الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، يوم الثلاثاء الماضي، كيف أدت فترات الجفاف المطولة إلى نقص المراعي والمياه للماشية في منطقة الماساي الشمالية. وتسببت أيضًا في موت أكثر من 60 ألف حيوان.

أمر الإخلاء

وفقًا للتقرير، صدرت إخطارات الإخلاء العام الماضي لكنها توقفت عندما ظهرت مزاعم ترهيب الماساي. ومن المتوقع أن تمضي الإخلاءات قُدمًا في أي يوم. وقال المحامي المقيم بمنطقة نجورونجورو، دنيس موسى أوليشانجاي: “السلطات تحرم الناس من الحصول على المياه والكهرباء. إنهم يريدون خلق وضع غير مريح للناس”.

وقال أحد زعماء الماساي من لوليوندو، والذي طلب عدم ذكر اسمه، خشية بطش السلطات التنزانية به: “الناس قلقون، تنتابعم مشاعر الخوف والقلق، إنهم قلقون بشأن تأثير الإخلاء في مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، فضلًا عن تأثرهم في وسائل معايشهم، وكيف ستصبح حياتهم”.

خطط الحكومة

أفاد التقرير أن الحكومة التنزانية تخطط لإخلاء الماساي، في نجورونجورو، المدرجة ضمن مواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو، وفي لوليوندو، قرب منتزه سيرينجيتي الوطني. وتشتهر كلتا المنطقتين بسياحة السفاري الفاخرة. وبحسب التقرير، تعتقد الحكومة التنزانية واليونسكو أن نجورونجورو مكتظة بالسكان بما يضر الحياة البرية. وقال وزير السياحة التنزاني، داماس ندومبارو، الماساي ليس لديهم حق في الأرض.

وصرّح متحدث باسم اليونسكو: “لم يطلب مركز اليونسكو للتراث العالمي مطلقًا تهجير شعب الماساي. إذا كانت حماية الطبيعة حاجة مُلحة، فإن الشعوب الأصلية جزء من الحل، إنهم فاعلون رئيسون وأصحاب حقوق في تحقيق هذا. وهكذا فإن مركز اليونسكو للتراث العالمي وميثاق 1972 يدركان أهمية الشعوب الأصلية وما نفعله هو إشراك الجميع في إيجاد حل، لتربح الطبيعة والناس”.

إنقاذ الحياة البرية

بحسب تقرير لموقع فرانس 24، في 18 مارس 2022، ارتفع عدد البشر الذين يعيشون في موقع التراث العالمي في محمية نجورونجورو من 8 آلاف في 1959 إلى أكثر من 100 ألف العام الماضي. وارتفع عدد الماشية على نحو أسرع، من نحو 260 ألفًا في 2017 إلى أكثر من مليون اليوم. وهذه الزيادة الكبيرة تمثل تهديدًا للحياة البرية.

وذكر التقرير أن الماساي تعايشوا مع الحياة البرية في نجورونجورو وسيرينجيتي سنوات طويلة. وفي حين يؤدي تغير المناخ إلى جفاف وانخفاض إنتاج المحاصيل، زاد الضغط على الرعاة. وأدى الوجود المتزايد للماشية إلى إبعاد بعض الحيوانات البرية، بسبب الضوضاء. ولفت التقرير إلى أن هذا يمثل خطرًا على صناعة السياحة، التي تمثل 18% من الناتج القومي لتنزانيا.

ربما يعجبك أيضا