شيخوخة الصين تهدد استدامة النمو

فاروق محمد

عدد الأشخاص في سن العمل سيبلغ 700 مليون شخص فقط عام 2050 مقارنة بـ 925 مليون شخص عام 2011


ما زال خطر تناقص عدد المواطنين القادرين على العمل يمثل جرس إنذار للصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، لما له من تأثيرات في القطاعات كافة.

وبحسب وزارة الموارد البشرية والضمان الاجتماعي الصينية، فإن عدد الأشخاص في سن العمل سيبلغ 700 مليون شخص فقط عام 2050 مقارنة بـ925 مليون شخص عام 2011، وفي المقابل فإن 500 مليون شخص سيبلغون 60 عامًا أو أكثر، وبالتالي ستفقدهم سوق العمل، مع معدل مواليد ضعيف لعدة أسباب.

مخاطر شيخوخة المجتمع

بحسب الإحصاءات الحكومية في بكين عام 2018، يزيد عدد العجائز في البلاد على 200 مليون شخص، ما يعني أن المجتمع أصبح متقدمًا في السن، وذلك بمعايير الأمم المتحدة، وبالتالي باتت شيخوخة المجتمع خطرًا يهدد قطاعات اقتصادية، أولها الطلب على القطاع العقاري الذي يمثل شريانًا رئيسًا للبلاد.

وقد ارتبط نمو الصين خاصة، دائمًا بمزاياها السكانية، لا سيما قوة العمل الشابة بالقطاع الصناعي، والتي مكنتها من الظهور بوصفها قوة اقتصادية عالمية، تواجه عمالقة تاريخيين بقوة، ولكن تلك القوة باتت مُهددة الآن بفعل كثرة العجائز الذين ولدوا في خمسينات وستينات القرن الماضي قبل وقف عوامل الزيادة السكانية في سبعينات القرن نفسه.

سياسات مجازفة

ربما أدت سياسات البلاد في هذه الفترة، إلى نجاح اعتماد الصين سياسة الطفل الواحد بصرامة منذ عام 1979، وكانت الحكومة تُصدر تعليمات صارمة للأزواج الصينيين بأن يكون لهم طفل واحد فقط، ومن يخالف ذلك تسحب الحكومة منه مزايا الرعاية الاجتماعية، وتوقع عليه عقوبات مالية، ثم أجرت الحكومة عمليات إجهاض قسري وتعقيم للمخالفين للقانون.

وقد شهدت الصين، بعد هذه الإجراءات، انخفاضًا سريعًا في معدل الخصوبة لم يسبق له مثيل تاريخيًّا، خاصة أنه انخفض من 5.8 طفل لكل امرأة عام 1970 إلى 2.8 طفل عام 1979، ليصل إلى 1.5 طفل فقط عام 2010، الأمر الذي ستعانيه الصين في حال لم تنجح في عودة المعدلات إلى المستويات الطبيعية.

كيف أثرت الشيخوخة في صناديق التقاعد؟

وفقًا لتقرير صادر عن الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، أصبح ما يقرب من نصف صناديق التقاعد بالمقاطعات الصينية يواجه عجزًا ماليًّا في الوقت الحالي، ويعرقل هذا العجز الدائم المساعي الحكومية لوقف النمو المتفشي لديون الشركات الحكومية الصينية. وقد ارتفعت مصاريف التقاعد 11.6% بين عامي 2014 و2016 وصولًا إلى 410 مليارات دولار.

وهذا الأمر هو ما يعكس أن العبء أصبح محملًا على مَن هم في سن العمل لدعم المسنين، لذلك أصبحت المشكلة داهمة، تحديدًا في مقاطعات “هيلونغجيانج” و”جيلين” و”لياونينج” بشمال شرق البلاد التي ترتفع فيها نسبة المسنين إلى حجم القوة العاملة باستمرار.

سياسات عكسية لتحفيز الإنجاب

في ظل ظروف اقتصادية طاحنة مع طفل واحد، فإنه من الصعب أن تجد سياسات الحكومة الصينية الحالية لزيادة الأطفال، مجالًا لتطبيقها، خاصة مع ارتفاع تكاليف المعيشة وساعات العمل الطويلة وارتفاع نفقات رعاية الأطفال، فضلًا عن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

وبالإضافة إلى ذلك تضع الحكومة أيضًا قيودًا صارمة على العمال الأجانب، ما دفع الشركات إلى التشغيل الآلي والروبوتات، بما يكشف حجم التغيرات العميقة التي تحدث داخل الدولة صاحبة أكبر تعداد سكاني على وجه الكوكب الأزرق، والتي تشيب حاليًّا بوتيرة أسرع مما يظن الجميع.

 

 

ربما يعجبك أيضا