صادرات النفط الإيراني تنتعش متجاهلة العقوبات.. كيف؟

ولاء عدلان

في أحدث محاولة من واشنطن لكبح عائدات النفط الإيرانية، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية، الخميس الماضي، عقوبات على 9 شركات بتروكيماويات لتورطها في بيع وشحن النفط الإيراني.


رفع مشروع موازنة إيران للسنة المالية الجديدة التي تبدأ في 21 مارس المقبل، تقديراته لنمو عائدات صادرات النفط إلى 58% على أساس سنوي.

وفي ضوء موازنة إيران للسنة المالية الماضية، من المتوقع أن تتراوح عائدات النفط بين 17 مليار دولار إلى 115 مليار دولار، وخلال 2022 سجلت إيران نموًّا في متوسط صادرات النفط والغاز بنحو 35%، رغم وقوعها تحت طائلة العقوبات الدولية، حسب شركة كبلر لبيانات ناقلات النفط.

زيادة قياسية في صادرات النفط الإيرانية

ترجح شركة كبلر البريطانية أن متوسط صادرات إيران من النفط الخام ومكثفات الغاز ارتفع، خلال 2022، إلى 900 ألف برميل يوميًا من مستوى 668 ألف برميل يوميًا في 2021، وتستند هذه الأرقام إلى بيانات حركة ناقلات النفط وصور الأقمار الصناعية ومصادر نفطية.

ولا تنشر طهران بيانات واضحة عن صادرات الطاقة كجزء من جهودها للالتفاف على العقوبات. وفي نوفمبر الماضي قال وزير النفط الإيراني، جواد أوجي، إن بلاده عززت في 2022 صادراتها من النفط الخام ومكثفات الغاز إلى أعلى مستوى منذ مارس 2019، دون الإشارة إلى أرقام بعينها، وفق وكالة رويترز.

وحسب بيانات وزارة الاقتصاد الإيرانية، قفزت حصيلة إيرادات الحكومة من عائدات تصدير النفط ومكثفات الغاز خلال الفترة 21 مارس 2022 وحتى 21 يوليو 2022 بنحو 580% على أساس سنوي، وتظهر بيانات كبلر ومجموعة “إس في بي” الأمريكية أن صادرت الخام لإيراني بلغت 1.2 مليون برميل في نوفمبر الماضي مسجلة أعلى مستوياتها منذ أغسطس 2022، وفي ديسمبر سجلت متوسطًا بنحو 1.14 مليون برميل يوميًّا.

لماذا ارتفعت صادرات النفط الإيراني؟

هبطت صادرات إيران من النفط الخام إلى نحو 100 ألف برميل يوميًّا، في 2020، بفعل تداعيات جائحة كورونا والعقوبات الأمريكية، مقارنة بأكثر من 2.5 مليون برميل يوميًّا في 2018، وهو العام الذي شهد انسحاب واشطن أحادي الجانب من اتفاق 2015 بشأن برنامج إيران النووي. وشهد العام الماضي محاولات لإعادة إحياء هذا الاتفاق إلا أنها باءت بالفشل في سبتمبر الماضي.

وقال محلل أسواق النفط لدى كبلر، همايون فلكشاهي، في 11 يناير الماضي لـ”صوت أمريكا”، أدى مزيج من العوامل إلى نمو صادرات إيران خلال العام الماضي والشهر الأول من 2023، أبرزها أزمة أسعار الطاقة التي قوضت قدرة واشنطن على تضييق الخناق على شحنات النفط الإيراني، فمنع هذه الشحنات من الوصول إلى الأسواق سيترجم إلى شح في الإمدادات وارتفاع للأسعار، وهذا آخر ما ترغب فيه الإدارة الأمريكية.

نفط وغاز ايران

توقعات بنمو صادرات إيران من النفط والغاز

وأضاف همايون فلكشاهي أن أسواق النفط شهدت العام الماضي انتعاشًا في حركة الأسعار والطلب، ما سمح لإيران بزيادة إنتاجها لتعزيز حصتها السوقية وتقديم خصومات أكبر لمشتريين رئاسيين مثل الصين لاستعادة حصتها، التي تأثرت خلال النصف الأول بفعل المنافسة الشرسة من النفط الروسي الرخيص.

كم تقدر عائدات النفط الإيرانية؟

تراجعت عائدات النفط الإيرانية بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي من 100 مليار دولار إلى 8 مليارات دولار، وخلال العام الماضي، تشير التقديرات إلى رقم يتراوح بين 15 إلى 30 مليار دولار، وفق شبكة “سي إن بي سي”.

وبنظرة أكثر دقة، يقدر همايون فلكشاهي أن تجني طهران عائدات نفطية عن مجمل 2022 تتراوح ما بين 20 و25 مليار دولار، مع الأخذ بعين الاعتبار أنها تقدم خصومات سعرية مرتفعة وأن متوسط سعر برميل النفط عالميًا تراوح بين 65 دولارًا إلى 70 دولارًا خلال العام الماضي.

الصين أكبر مشترِ للنفط الإيراني

منح تركيز الولايات المتحدة على معاقبة روسيا، خلال العام الماضي، الفرصة لطهران لزيادة صادراتها إلى بلدان مثل الصين والهند وتركيا وفنزويلا، مستندة على خبرة طويلة في تجاوز العقوبات، وحقيقة كونها واحدة من الخمسة الكبار المنتجين للنفط، ويمكنها إنتاج أكثر من 3.5 مليون برميل من النفط يوميًّا.

إيران هي ثالث أكبر مزود للنفط للصين بعد روسيا والسعودية، وخلال النصف الثاني من 2022 زادت شحناتها إلى الصين، وفي ديسمبر وحده استقبلت الصين شحنات من النفط الإيراني تقدر بنحو 1.2 مليون برميل وهي الأعلى على الإطلاق بزيادة 130% على أساس سنوي، وفق “فورتكسا” البريطانية لبيانات ناقلات النفط.

ووفقًا لشركة في جي أيه البريطانية لاستشارات الأسواق، معظم صادرات الخام الإيراني تدخل الصين على أنها شحنات من دول أخرى، وحسب تحقيق لـ”فاينانشال تايمز” الأسبوع الماضي، فإن إيران تستخدم أسطولًا من سفن أقرب لأشباح بحرية تخفي ملكيتها الأصلية وتحركاتها لتتحايل على العقوبات، وخلال الأشهر الأخيرة تحول جزء من هذه السفن لنقل النفط الروسي كونه يخضع لعقوبات أقل من الإيراني، ما يثير الشكوك حيال فاعلية العقوبات الدولية سواء على إيران أو روسيا.

الناقلات النفطية تتحول للنفط الروسي

زيادة ملحوظة في شحن النفط الروسي عبر شبكة الناقلات التي تستخدمها إيران للتحايل على العقوبات

أمريكا تواصل ملاحقة النفط الإيراني

نهاية يناير، قال المبعوث الأمريكي الخاص لإيران، روبرت مالي، لـ”بلومبرج” إن بلاده تدرك جيدًا زيادة مبيعات النفط الإيراني للصين، وتواصل مراقبتها عن كثب وملاحقة المتورطين في استيراد النفط الإيراني.

وفي أحدث محاولة من واشنطن لكبح عائدات النفط الإيرانية، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية، الخميس الماضي، عقوبات على 6 شركات بتروكيماويات مقرها إيران والشركات التابعة لها، و3 شركات في ماليزيا وسنغافورة لتورطها في بيع وشحن المنتجات النفطية الإيرانية لصالح شركة النفط الوطنية الإيرانية.

وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في تغريدة عبر حسابه على تويتر: “نواصل اتخاذ إجراءات لعرقلة محاولات طهران للتحايل على عقوباتنا الخاصة ببيع البتروكيماويات والمنتجات النفطية”.

 

إيران تأمل المزيد

تأمل طهران أن تواصل صادراتها النفطية التحرك خلال السنة المالية الجديدة عند مستوى 1.3 مليون برميل يوميًّا، لتجني زيادة في عائداتها النفطية بنحو 58% على أساس سعر نفط في حدود 85 دولارًا، وتسعى لزيادة استثمارات النفط والغاز.

ومن أجل ذلك، عززت علاقاتها مع موسكو مستفيدة مع وقوع الأخيرة تحت طائلة العقوبات الدولية، منذ نهاية فبراير الماضي، على خلفية حرب أوكرانيا، وأعلن نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، أمس، أن بلاده تواصل مع إيران تطوير اتفاق بشأن مبادلة إمدادات النفط والغاز، وفق وكالة إنترفاكس الروسية.

وفي يوليو الماضي، كشفت شركة النفط الوطنية الإيرانية، عن توقيع اتفاقيات لتطوير 7 حقول نفطية باستثمارات روسية بقيمة 4 مليارات دولار، وخلال الشهر الحالي وقعت عقدًا بـ900 مليون دولار مع شركة الهندسة والإنشاءات البحرية الإيرانية لتطوير المرحلة الأولى من حقل غاز كيش البحري، وفق “رويترز”.

ويحتوي حقل كيش على 1.5 تريليون متر مكعب من الغاز، ويشار إلى أن إيران تمتلك ثاني أكبر احتياطيات للغاز في العالم بعد روسيا، ويصل إنتاجها إلى 990 مليون متر مكعب يوميًّا فقط، بسبب العقوبات ويذهب معظمه للاستهلاك المحلي.

ربما يعجبك أيضا