صعود اليمين المتطرف بفرنسا.. اقتصاد أوروبا في خطر

شيماء عزيز
فرنسا

تتجه أنظار العالم إلى الانتخابات الفرنسية وتأثير صعود أحزاب اليمين على الاقتصاد الأوروبي، خاصة بعدما أظهرت استطلاعات الرأي أن اليمين المتطرف في فرنسا يدخل المرحلة الأخيرة من حملة الانتخابات التشريعية في الطليعة، يليه اليسار الذي التفت أحزابه حول حزب “الجبهة الشعبية الجديدة”، ومن ثم وبفارق كبير معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون.

تهدد الانتخابات بحدوث مواجهة حول سياسات ماكرون الاقتصادية التي شكلت علامة مميزة في عهده، وطمأنت المستثمرين والشركات إلى حد كبير منذ تولى منصبه 2017، كما سيصبح سد ثغرات الميزانية أكثر صعوبة، على وجه الخصوص إذا فقد السيطرة على البرلمان والحكومة، بحسب ما يراه خبراء ومحللين.

سيناريو استمرار حكم ماكرون

من جهته، يرى الدكتور أسامة عبدالخالق أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، في تصريحات لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، أن استمرار حكم ماكرون ضمن نطاق السياسات الاقتصادية المعتدلة والموالية للاتحاد الأوروبي له آثار إيجابية على ثقة المستثمرين والأسواق المالية الأوروبية، وهذا من شأنه أن يدعم استمرارية السياسات المالية والنقدية الحالية على مستوى منطقة اليورو.

وتابع: رغم الآثار الإيجابية، لا تزال هناك تحديات اقتصادية كبيرة تواجه أوروبا مثل ارتفاع معدلات التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي، وستحتاج الحكومة الفرنسية والاتحاد الأوروبي إلى التعامل مع هذه القضايا بحزم.

وأوضح أستاذ الاقتصاد، أن استمرار حكم ماكرون قد يساعد على استقرار العلاقات بين فرنسا والاتحاد الأوروبي والشركاء الدوليين الرئيسيين كألمانيا والولايات المتحدة، مما له آثار إيجابية على المناخ الاقتصادي.

مخاطر صعود اليمين المتطرف

أشار أستاذ الاقتصاد إلى احتمال دخول حزب الجبهة الوطنية إلى الحكومة، لافتًا إلى أنه خطر كبير على الشركات وعلى التصنيف الائتماني لفرنسا، كما أن صعود اليمين المتطرف يؤثر بشكل غير مباشر على الاقتصاد، بالنظر إلى أن حدوث أزمات سياسية على الصعيد الإقليمي أو الدولي يؤدي بالضرورة إلى تبعات اقتصادية مكلفة.

وتابع أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة: يمكن أن يؤدي صعود اليمين المتطرف إلى إلغاء اتفاقيات وتعاون مبرمج، أيضا من المخاطر المحتملة تفاقم النزاع المتعلق بالهجرة غير الشرعية.

وأضاف عبدالخالق: بالإضافة إلى احتمالية تفاقم الأزمة الأوكرانية التي تحاول روسيا معاقبة الطرف الأوروبي بشكل جماعي عليها.

خفض التصنيف الائتماني

خفضت وكالة التصنيف الائتماني “إس آند بي جلوبال ريتينج” الشهر الماضي التصنيف الائتماني لفرنسا، قائلة إن العجز المالي سيظل فوق 3% من الناتج المحلي الإجمالي حتى نهاية 2027، وتقول هيئة الرقابة المالية الفرنسية إن استراتيجية العجز الحكومية تفتقر إلى الاتساق والمصداقية، فيما دعا صندوق النقد الدولي إلى بذل جهود إضافية “كبيرة”.

ورغم إنفاق حكومة ماكرون مبالغ هائلة لحماية الأسر والشركات من تداعيات الجائحة وآثار انتقال الطاقة، أبقى الرئيس الفرنسي تركيزه على الادخار طويل الأمد من خلال إجراء إصلاحات مواتية للنمو في مجالات المعاشات التقاعدية وقوانين العمل ونظام الرعاية الاجتماعية، وانخفضت البطالة في فرنسا بشكل ملحوظ أثناء تولى ماكرون منصبه، وأثبت النمو الاقتصادي مرونة أكبر في مواجهة الأزمات مقارنة بدول أوروبية أخرى، وفق بلومبرج.

عبء الديون الفرنسية

دفع فريق ماكرون المنتهية ولايته بتخفيضات في الإنفاق العام بقيمة 20 مليار يورو (21.5 مليار دولار) لمواجهة تدهور مؤشرات المالية العامة الناجم عن ضعف النمو في نهاية العام الماضي، غير أن تلك التدابير لم تكن كافية لتجنب مراجعة الخطط طويلة الأجل لتقليص أعباء الدين العام. وقالت “إس آند بي غلوبال” إن عجز الموازنة سيظل فوق 3% من الناتج المحلي الإجمالي حتى نهاية 2027.

كما أن الجمهوريين الذين ينتمون إلى تيار يمين الوسط، والذين يمكن أن يكونوا حلفاء لحزب ماكرون، انتقدوا سياسته المالية وهددوا بالفعل باستخدام التصويت على حجب الثقة لإسقاط الحكومة.

في غضون ذلك، دعت الأحزاب اليسارية إلى فرض ضرائب أعلى على الشركات متعددة الجنسيات والأثرياء لتقليل عبء الدين العام، وهي خطوة رفضتها حكومة ماكرون مرات عديدة.

ربما يعجبك أيضا