صفقة وتهديد.. كيف يخطط الاتحاد الأوروبي لمواجهة «جمارك ترامب»؟

يستعد الاتحاد الأوروبي لاستراتيجية تجارية جديدة في حال عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تتضمن تقديم صفقة سريعة ثم تهديد بالانتقام إذا فرض ترامب تعريفات جمركية عقابية.

يرى مسؤولو الاتحاد الأوروبي أن هذا النهج الذي يجمع بين الترغيب والترهيب هو الرد الأمثل على تعهدات ترامب بفرض تعريفات جمركية بنسبة 10%، والتي يقدرون أنها قد تخفض الصادرات الأوروبية بحوالي 150 مليار يورو سنويًا.

المرحلة الأولى: صفقة سريعة

يخطط مفاوضو الاتحاد الأوروبي للتواصل مع فريق ترامب إذا فاز في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2024، قبل أن يتولى منصبه رسميًا، لمناقشة المنتجات الأمريكية التي يمكن للاتحاد الأوروبي شراؤها بكميات أكبر.

تهدف هذه الخطوة إلى تقديم عرض تجاري سريع يهدف إلى تجنب التعريفات العقابية والتوصل إلى اتفاق يعزز التجارة بين الطرفين. حسب ما نشرت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية اليوم الاثنين 29 يوليو 2024.

المرحلة الثانية: التهديد بالانتقام

في حال فشلت المفاوضات وفرض ترامب تعريفات جمركية أعلى، يعمل قسم التجارة في المفوضية الأوروبية على إعداد قوائم بالواردات التي يمكن أن تخضع لتعريفات تصل إلى 50% أو أكثر. ويهدف هذا التهديد إلى إظهار استعداد الاتحاد الأوروبي للدفاع عن مصالحه التجارية بقوة.

قال مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي: “علينا أن نُظهر أننا شريك للولايات المتحدة، وليس مشكلة. سنسعى لتحقيق الصفقات، لكننا مستعدون للدفاع عن أنفسنا إذا لزم الأمر. لن نُقاد بالخوف”.

الفترة الرئاسية الأولى لترامب

كانت فترة ترامب الأولى من 2017 إلى 2021 مؤلمة للاتحاد الأوروبي، الذي يتمتع بفائض تجاري كبير في السلع مع الولايات المتحدة.
بعد أن فرض ترامب تعريفات جمركية على واردات الصلب والألمنيوم من الاتحاد الأوروبي وغيرها في 2018 بدواعي الأمن القومي، رد الاتحاد الأوروبي بفرض تعريفات جمركية انتقامية بقيمة 2.8 مليار يورو.

في تصميم التدابير الانتقامية، استهدف الاتحاد الأوروبي ناخبي ترامب الأساسيين بفرض تعريفات صارمة على الويسكي بوربون ودراجات هارلي ديفيدسون النارية والقوارب السريعة. هذه التعريفات معلقة حتى مارس كجزء من اتفاق مؤقت مع إدارة بايدن لتجميد تعريفات المعادن.

توقعات المفوضية الأوروبية

أعرب مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي، فالديس دومبروفسكيس، عن أمله في أن يتمكن الجانبان من تجنب “المواجهة” التي شهدتها الفترة الرئاسية الأولى لترامب. وقال: “نعتقد أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حلفاء استراتيجيون، وخاصة في السياق الجيوسياسي الحالي، من المهم أن نعمل معًا في التجارة”.

ومع ذلك، أضاف: “دافعنا عن مصالحنا من خلال التعريفات ونحن مستعدون للدفاع عن مصالحنا مرة أخرى إذا لزم الأمر”. دعا دومبروفسكيس إلى “نهج تعاوني” وأكد أن بروكسل مفتوحة لـ”صفقات مستهدفة” لتقليل العجز التجاري في السلع الذي تبلغ 156 مليار يورو.

الصعوبات الاقتصادية

منذ حرب أوكرانيا في 2022، استورد الاتحاد الأوروبي كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال لتعويض الإمدادات من موسكو. استمر العجز التجاري مع الولايات المتحدة في ظل إدارة بايدن، حيث بلغ 156 مليار يورو في 2023.

يشير المسؤولون الأوروبيون إلى صعوبة زيادة الصادرات الأمريكية بشكل كبير، حيث تميل إلى أن تكون أقل قيمة من نظيراتها الأوروبية. تهيمن السلع الأساسية على الصادرات الأمريكية، بينما تكون الصادرات الأوروبية الرئيسية هي الأدوية والسيارات والأطعمة والمشروبات الفاخرة مثل الشمبانيا.

التأثير الاقتصادي

يتوقع كبير الاقتصاديين في بنك جولدمان ساكس، يان هاتزيوس، أن حرب التعريفات الجمركية ستضر بالاتحاد الأوروبي أكثر من الولايات المتحدة، حيث ستكلف 1% من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي، مقارنة بـ 0.5% للولايات المتحدة. ومع ذلك، ستضيف 1.1% إلى معدل التضخم في الولايات المتحدة، مقارنة بـ 0.1% في الاتحاد الأوروبي.

يأمل صانعو السياسات في بروكسل أن ترامب لن يرغب في تأجيج التضخم عندما يكون الناخبون قلقين بشأن تكلفة المعيشة. وأضاف: “مهما حدث هذه المرة، نحن مستعدين جيدا”.

يعكس استعداد الاتحاد الأوروبي لمواجهة التحديات التجارية المحتملة مع ترامب التزامه بالدفاع عن مصالحه مع الحفاظ على شراكة قوية مع الولايات المتحدة. من خلال تقديم عروض تجارية سريعة والاستعداد للرد الصارم، إذ يسعى الاتحاد الأوروبي إلى حماية اقتصاده وضمان استقرار العلاقات التجارية بين الجانبين.