صناعة «التريند».. مايسترو السوشيال ميديا المحكوم بالربح والأبعاد النفسية

شيرين صبحي
صناعة التريند

كيف يمكن أن يحول أحداث مأساوية مثل الحروب إلى "ميمز وكوميكس".. مختصون يوضحون العوامل التي تحكم صناعة التريند على منصات التواصل الاجتماعي.


ما بين أبعاد نفسية وأخرى تتعلق بالربح، يسيطر التريند على منصات التواصل الاجتماعي، ويمكن أن يحول أحداثًا مأساوية إلى مجرد “كوميكس وميمز”.

“شبكة رؤية الإخبارية” تواصلت مع مختصين لتحليل هذه الظاهرة والإجابة عن الأسئلة التي تحوم حولها.. ما التريند؟ ولماذا يظهر فجأة؟ ومن يقف خلفه؟ وكيف يمكن أن تتحول المآسي والحروب إلى تريندات ضاحكة؟

الحرب العالمية الثالثة

حرب روسيا أوكرانيا

يحدث التريند نتيجة التفاعل على حدث معين متداول، كما يوضح استشاري تكنولوجيا المعلومات والإعلام الرقمي، محمد الحارثي، فالحدث المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي لم يعد بمعزل داخل دولة معينة أو بعض الدول، بل في نفس اللحظة يحدث تفاعل عليه في كل الدول، إلا إذا كان حدثًا لا يهم سوى دول معينة.

ومع الضربة الأولى التي وجهتها روسيا إلى أوكرانيا، خلال الحرب الروسية الأوكرانية، ظهر تريند “الحرب العالمية الثالثة” أو “حرب روسيا وأوكرانيا”. أحيانًا يحدث التريند داخل دولة معينة فقط، مثل اختطاف سيدة أو انتحار موظف شركة الاتصالات، كان التريند رقم واحد في مصر لأنه يهم المجتمع المصري، لكن هذا ليس تريندًا عالميًّا.

التريند العالمي

السفينة الجانحة بقناة السويس 1

التريند العالمي يجب أن يهم العالم كله، مثل حادثة السفينة إيفرجيفن التي علقت بقناة السويس، في البداية لم يكن تريندًا إلا داخل مصر، وبعدما قال العديد من الأشخاص إن لهم منتجات تخصهم على هذه السفينة التي ستتأخر وحدث تفاعل عالمي على الحادث صار عالميًّا. وتوجد محاولات ليكون التريند صناعة، وفقا للحارثي، فالتريند هو تفاعل كثير من مستخدمي مواقع التواصل على حدث معين أو محتوى أو منشور معين.

وهو لا يصبح تريندًا إلا إذا حدث تفاعل من وجهة نظر المستخدم، بمعنى تناول المحتوى بوجهات نظر مختلفة. فيوضح الحارثي أن السوشال ميديا ومحركات البحث تستطيع تصنيف التريند، وفقًا لمؤشرات تتغير لحظيًّا. خوارزميات الذكاء الاصطناعي الموجودة على سوشيال ميديا تستطيع التعرف إلى الكلمات الدلالية التي تستخدم على المنشورات.

ما الهدف من صناعة التريند؟

صناعة التريند هي محاولة لتصدير حدث أو خبر أو موقف أو أغنية أو محتوى معين ليتصدر محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي، بهدف صناعة تفاعل يحدث عليه، فيتحول مجرد تناول الخبر أو الحدث من محتوى عادي إلى تفاعل على نطاق واسع وسريع الانتشار فيتحول بهذه الآلية إلى تريند.

وبعض شركات الدعاية والتسويق تحاول العمل على فكرة الوسم المتداول، لتتيح منتجاتها بنمط معين وطريقة محددة، يتسنى من خلالها تفاعل كثير من المستخدمين عليه، فيتحول الأمر من مجرد محتوى وإعلان عادي إلى تريند رقم واحد أو اثنين أو ثلاثة. ويتحدد ذلك التصنيف وفقًا لمدى سرعة انتشاره ودائرة تناوله والتفاعل معه.

علاقة التريند بالعوامل النفسية

98

الخليل كوميدي

الناس عمومًا لديهم احتياج إلى الظهور، أن يكونوا “متشافين”، هذا الاحتياج يلبيه الناس بأكثر من طريقة، كما توضح الاختصاصية النفسية إيمان جابر، إما بطريقة تكيُّفية، مثل إني جوعان فعلي أن أعمل للحصول على نقود وشراء طعام، أو بطريقة غير مشروعة بأن أسرق. توضح إيمان جابر أنه “يوجد احتياج إلى الظهور بشراهة، وهذا يدفع البعض إلى فعل أي شيء لتحقيق هذا الظهور، مثل ما يفعله الخليل كوميدي”.

وتقول: “هؤلاء يهتمون بإضحاك الناس بأي وسيلة أو عمل منشورات للحصول على كومنتات كثيرة والاستفادة بعدد المشاهدات لتحقيق الربح المادي، حتى لو عن طريق الإسفاف”. وقد يكون التريند على مآسٍ مثل الحروب والمجاعات أو ارتفاع الأسعار، لكن الأمر يتحول إلى موجة من الضحك والسخرية، لأن عددًا كبيرًا من الناس يحدث لديهم حالة من التبلد في مشاعرهم، وعدم التعاطف الكفاية، وفقًا لجابر.

تريندات سلبية

trend

تضيف “جابر” لـ”شبكة رؤية الإخبارية”: “نحن لا نستدعي لحظات الحزن والألم، هي تأتي دون جهد منا ونعايشها، أما الأمر المكلف فهي اللحظات التي نشعر فيها بالسعادة أو الفرح. وهذا يقتضي أن نذهب إلى مكان أو نكون بصحبة آخرين وما إلى ذلك، فإذا وجد الإنسان شيئًا متاحًا وسهلًا يسبب له المرح، مثل مشاهدة الفيديوهات المضحكة أو مشاهدة الأفلام الكوميدية أو متابعة الكوميكس، فإنه ينساق خلفها”.

يوجد نوعان من التريندات، توضحهما إيمان جابر، أحدهما يأتي صدفة دون تخطيط مثل فيديو لممثلة طفلة تظهر فجأة وهي فتاة شابة التقطت لها صور بالصدفة. والنوع الآخر هو التريندات المخطط لها أن تحقق الكثير من المشاركات، فمثلًا وسط حالة الحرب وغلاء الأسعار والقهر الذي يعيشه الناس، نجد شخصًا ينشر فيديو لهدية سعرها يتعدى المليون جنيه، وهو أمر يستفز الغالبية، وطبيعي جدًّا أن يتهكموا عليه.

ربما يعجبك أيضا