صورة “أردوغان” تُذكر الألمان بـ”هتلر” .. فأطاحوا بـ”أوزيل”!

يوسف بنده

رؤية
 
تعرض لاعب كرة القدم التركي الأصل، مسعود أوزيل، لانتقادات حادة بعد صورة مثيرة للجدل جمعته وزميله في المنتخب الألماني التركي الأصل أيضا أيلكاي غوندوغان بالرئيس التركي، رجب طيب أردوغان في مايو، ما أثار تساؤلات بشأن ولائه لألمانيا، قبل نهائيات كأس العالم في روسيا.
 
والأحد، أعلن أوزيل، في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي: “بقلب مفعم بالأسى، وبعد الكثير من التفكير بسبب الأحداث الأخيرة، لن أعود للعب على المستوى الدولي ما دمت أشعر بهذه العنصرية وعدم الاحترام تجاهي”.
 
وأكد أوزيل أنه مخلص لكل من أصوله التركية والألمانية، مؤكدا في الوقت ذاته أن ظهوره مع أردوغان قبل شهر من الانتخابات التركية لا يحمل دلالات سياسية، وقال أوزيل: “لديّ قلبان: ألماني وتركي”.
 
عودة الصورة
 
أصبحت الصورة الشهيرة التي جمعت أوزيل مع أردوغان قضية رأي عام في ألمانيا وتركيا.
 
وقد أشادت تركيا الإثنين برد لاعب كرة القدم التركي الأصل مسعود أوزيل على “العنصرية” وتركه المنتخب الألماني بعد أن دافع عن ألوانه لـ92 مباراة وساهم في قيادته قبل أربعة أعوام للقبه العالمي الرابع.
 
وتعرض أوزيل، المولود في ألمانيا لعائلة تركية الأصل، لانتقادات قاسية منذ الصورة المثيرة للجدل.
 
وحظي قرار ابن الـ29 عاما بتأييد رسمي تركي، فيما أعلنت المتحدثة باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن الأخيرة تحترم قرار اللاعب، مضيفة “المستشارة تعتز بمسعود أوزيل كثيرا. مسعود أوزيل لاعب كرة قدم ساهم بالكثير لصالح المنتخب الوطني. اتخذ الآن قرارا يجب احترامه”.
 
وفي الجانب التركي، غرد وزير العدل عبد الحميد غول “أهنئ مسعود أوزيل الذي سجل بقراره ترك المنتخب الألماني أجمل هدف ضد فيروس الفاشية”.
 
أما وزير الرياضة التركي محمد كاسابوغلو الذي حذا حذو غول ونشر صورة أوزيل المبتسم مع أردوغان، فقال “نحن نؤيد بصدق الموقف المشرف الذي اتخذه شقيقنا مسعود أوزيل”.
 
وفي تغريدة سبقت إعلان أوزيل تركه المنتخب الألماني الذي توج معه بكأس العالم قبل أربعة أعوام، قال إبراهيم كالين، المتحدث باسم أردوغان، إن اضطرار اللاعب للدفاع عن لقائه بالرئيس التركي “مؤسف لأولئك الذين يدعون بأنهم متسامحون ومتعددو الثقافات!”.
 
وفي إعلانه عن قرار ترك المنتخب الألماني الذي سجل له 23 هدفا، أشار أوزيل الى أنه تلقى اللوم بشكل غير عادل بسبب خروج المنتخب من الدور الأول في كأس العالم، منتقدا بشكل خاص رئيس الاتحاد الألماني رينهارد غريندل.
 
وقال: “لن أكون بعد الآن كبش فداء (لغريندل) بسبب عدم كفاءته وعدم قدرته على القيام بعمله بشكل صحيح”، مضيفا: “في نظر غريندل وأنصاره، فأنا ألماني عندما نفوز، لكني مهاجر عندما نخسر”.
 
وأكد أوزيل أنه مخلص لكل من أصوله التركية والألمانية، مضيفا “على غرار العديد من الناس، جذور أسلافي تعود إلى أكثر من بلد واحد. بينما نشأت وترعرعت في ألمانيا، تملك عائلتي جذورا راسخة في تركيا. لديّ قلبان: أحدهما ألماني والآخر تركي”.
 
وفي أبرز ردود الفعل في ألمانيا على قرار أوزيل، اعتبرت وزيرة العدل كاتارينا بارلي -في حسابها على تويتر- أن ما حصل يشكل “إنذارا إذا كان لاعب كرة قدم ألماني كبير مثل مسعود أوزيل لم يعد يشعر أنه مرغوب به في بلاده أو ممثلا عبر الاتحاد الألماني لكرة القدم”.
 
وبدوره، أعرب دسيم أوزديمير -من حزب الخضر- عن استيائه لأنه “سيتكون الآن عند الأتراك الألمان الشبان الانطباع بأنه لا مكان لهم في المنتخب الوطني الألماني”، لكن دسيم التركي الأصل انتقد في الوقت ذاته أوزيل لأنه “لم يرتقِ إلى مستوى مسؤوليته كمثال يحتذى به” من خلال فشله في إبعاد نفسه عن أردوغان.
 
ورأى أن “التقاط الصور مع الحاكم الوحيد أردوغان يشكل عدم احترام لأولئك الذين يتعرضون للاضطهاد في تركيا أو يوضعون بشكل تعسفي في السجن”.
 
وكانت “بيلد”، الصحيفة الأكثر مبيعا في ألمانيا، من أشد المنتقدين لأوزيل، واصفة البيان الصادر عنه الأحد بأنه “استقالة متذمر”، منتقدة موقفه بتحميل “الجميع المسؤولية باستثنائه هو”.
 
وردت “بيلد” التي تطالب منذ أسابيع عدة باستبعاد أوزيل عن التشكيلة الأساسية للمنتخب، على مزاعم لاعب خط الوسط بأن جذوره التركية وصورته مع أردوغان استخدمتهما بعض وسائل الإعلام في خدمة اليمين المتطرف، مضيفة “رؤية أوزيل للعالم قريبة بشكل خطير من أردوغان وطغاته”.
 
ويشدد أوزيل أن التقاط الصورة مع الرئيس التركي هو ومواطنه وزميله في المنتخب غوندوغان، قبل أيام قليلة من إعادة انتخاب أردوغان رئيسا لتركيا “لا علاقة لها بالسياسة او بالانتخابات، بل الأمر هو عبارة عن احترام أعلى منصب في موطن عائلتي”.
 
وتابع، إن “وظيفتي هي لاعب كرة قدم ولست بسياسي، ولم يكن اجتماعنا بهدف الترويج لغايات سياسية”.
 

ثلاثة ملايين
 
وتعد ألمانيا موطنا لأكثر من ثلاثة ملايين شخص من أصل تركي.
 
وأخذت المسألة بعدا آخر وأعمق بعد الأداء المخيب للآمال لأوزيل في المباراة الافتتاحية لـ”ناسيونال مانشافات” والتي خسرها الأخير أمام المكسيك (صفر-1) في مونديال روسيا2018، ما دفع المدرب يواكيم لوف لاستبعاده عن المباراة الثانية أمام السويد (2-1)، ليعود إلى صفوف التشكيلة أساسيا في المباراة الثالثة أمام كوريا الجنوبية والتي خرج على إثرها حامل اللقب وهو يجر خلفه أذيال الخيبة بعد الخسارة (صفر-2).
 
وكان القائد السابق للمنتخب الألماني لوثار ماتيوس من أشد المنتقدين لأوزيل وقد اتهمه بأنه لم يعد مرتاحا في قميص المنتخب الألماني.
 
وقال أوزيل، إنه يمكن أن يتقبل انتقادات بخصوص أدائه على أرضية الملعب، ولكن ليس عندما تكون مرتبطة بخلفيته العرقية، مضيفا “إذا وجدت صحيفة أو منتقد خطأ في مباراة ألعب فيها، عندها يمكنني قبول ذلك، لكن ما لا أستطيع أن أقبله هو أن وسائل الاعلام الألمانية أصدرت اللوم بشكل متكرر على تراثي المزدوج وصورة بسيطة لكأس عالم سيئة نيابة عن مجموعة كاملة”، واصفا إياها بأنها “دعاية يمينية”.
 
وتابع “هذا يتجاوز خطا شخصيا لا ينبغي تجاوزه أبدا، حيث تحاول الصحف قلب الأمة الألمانية ضدّي”.
 
وأبدت متحدثة باسم وزير الداخلية الألماني والمختص بالشؤون الرياضية هورست زيهوفر رد فعل متحفظ حيال الأمر، وقالت: “الوزير قال أكثر من مرة من قبل في شأن قضية أوزيل -الموضوع ليس جديدا- إنه لا يرغب في التدخل في هذه الشؤون الداخلية”.
 
وأبدى مشجعون ومجموعة من الساسة الألمان غضبهم من صورة أوزيل مع أردوغان وتعرض لانتقادات من الاتحاد الألماني لكرة القدم الذي قال: إن الرئيس التركي لا يحترم القيم الألمانية بما يكفي.

وألقى راينهارد جريندل رئيس الاتحاد الألماني باللوم على أوزيل في أداء المانيا السيئ في كأس العالم.
 
وتدهورت العلاقات بين ألمانيا وتركيا خلال العامين الماضيين بسبب حملة حكومة أردوغان ضد من يشتبه في ضلوعهم في محاولة انقلاب عسكري فاشلة في تركيا في يوليو/ تموز 2016. ويعيش في ألمانيا ثلاثة ملايين شخص من أصول تركية.

ربما يعجبك أيضا