«ضرب منشآت إيران النفطية» هل تعاني إسرائيل أكثر من طهران؟

الهجوم الإسرائيلي المتوقع على إيران وأثره على أسواق الطاقة

شروق صبري
تداعيات الهجمات على المنشآت النفطية الإيرانية

إسرائيل تعتزم تنفيذ هجوم انتقامي على إيران، مع الالتزام بعدم استهداف المنشآت النووية أو النفطية، في ظل توتر أمريكي.


أكدت إسرائيل للإدارة الأمريكية أنها لن تستهدف المنشآت النووية أو النفطية في هجومها الانتقامي المخطط ضد إيران، وفقًا لمسؤولين أمريكيين.

جاء هذا الالتزام استجابةً لطلب البيت الأبيض الرامي لتجنب تصعيد الأوضاع في الشرق الأوسط ولتفادي ارتفاع محتمل في أسعار النفط.

الرد الإسرائيلي

من المتوقع أن يأتي الرد الإسرائيلي قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في 5 نوفمبر، وقد يكون مشابهًا للهجوم السابق الذي وقع في أبريل واستهدف قاعدة عسكرية إيرانية، بعد أن أطلقت طهران 300 صاروخ وطائرة مسيرة على إسرائيل. حسب ما نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية اليوم 15 أكتوبر 2024.

ويتوقع المحللون أن تكون العملية الإسرائيلية هذه المرة أكثر شدة وأوسع نطاقًا، وقد تستهدف مواقع غير متوقعة. بالنسبة للبيت الأبيض، كان الحد من الهجوم الإسرائيلي أمرًا حيويًا لتجنب تصعيد واسع في الشرق الأوسط قد يؤدي لتورط القوات الأمريكية بشكل أكبر، وذلك قبل أقل من شهر على الانتخابات.

الحذر من وعود نتنياهو

وصف ناتان ساكس، مدير مركز سياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينغز، قرار نتنياهو بأنه “مطمئن بعض الشيء للإدارة الأمريكية”. ومع ذلك، يُرجح أن يكون الرد الإسرائيلي قاسيًا لإلحاق أضرار جسيمة بطهران. وقد حذر بعض المحللين الرئيس بايدن من الاعتماد على وعود نتنياهو بشأن الهجوم المخطط.

وأشار فرانك لوينشتاين، المسؤول السابق في وزارة الخارجية خلال إدارة أوباما، إلى أنه “لن تكون هذه المرة الأولى التي يقول فيها نتنياهو ما يرغب بايدن في سماعه، ثم يغير موقفه تحت ضغط اليمين”، مما يدل على أن المتشددين في الحكومة الإسرائيلية لا يزالون يدفعون نحو استهداف المواقع النووية أو على الأقل المنشآت النفطية.

قطاع الطاقة في إيران

على الرغم من أن قطاع الطاقة الإيراني يعاني من هشاشة، إلا أن وجود بدائل وإجراءات احتياطية تجعل من الصعب تعطيل هذا القطاع بشكل كامل.

ومع ذلك، قد يؤدي أي استهداف إسرائيلي للبنية التحتية النفطية الإيرانية إلى تأثيرات كبيرة على الأسواق الإسرائيلية والعالمية للطاقة. وذلك حسب ما  قاله فرزين نديمي، محلل الشؤون الأمنية والدفاعية، وسايمون هندرسون الخبير المتخصص في شؤون الطاقة بالشرق الأوسط، في تحليل لهما بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى يوم 11 أكتوبر 2024.

استهداف البنية التحتية للطاقة

في 29 سبتمبر2023، شنت القوات الجوية الإسرائيلية هجومًا على البنية التحتية للنفط في اليمن، التي يسيطر عليها الحوثيون، وذلك للمرة الثانية منذ يوليو. ورأى المراقبون أن هذه الضربة التي استهدفت منشآت على بعد أكثر من ألف ميل، بمثابة تحذير لإيران، التي تقع حقولها النفطية الرئيسية على مسافة أقرب بكثير من إسرائيل.

هناك إشارات أخرى تشير إلى أن إسرائيل قد تفكر في استهداف الصناعات النفطية والغازية الإيرانية، خصوصًا بعد وعد إسرائيل بالرد الكبير على هجوم إيران بالصواريخ الباليستية في 1 أكتوبر.

ضعف البنية التحتية

رغم أن إيران تملك بنية تحتية نفطية مهمة، إلا أنها ليست غريبة عن مواجهة الأزمات. فقد تمكنت خلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات من الحفاظ على إنتاج النفط وتصديره رغم الضغوط الاقتصادية الكبيرة. إلا أن البنية التحتية للطاقة في إيران تبقى هدفًا غنيًا لأي هجوم محتمل.

منشآت ضخ النفط وتقاطعات الأنابيب، خصوصًا في جنوب غرب إيران حيث تتركز الحقول الرئيسية، تعد من أبرز نقاط الضعف. واحدة من هذه النقاط الحساسة تقع شمال جزيرة “خارغ”، وهي موقع حيوي يجمع بين خطوط الأنابيب الرئيسية.

الإنتاج والصادرات

تنتج إيران حوالي 3.95 مليون برميل من النفط يوميًا، وهو معدل إنتاج استعادته مؤخرًا بعد تراجعات بسبب العقوبات الدولية. يُستخدم نحو 2 إلى 2.4 مليون برميل يوميًا لتلبية احتياجات المصافي المحلية، فيما يتم تصدير الباقي.

صادرات النفط الخام الإيرانية وصلت إلى 1.82 مليون برميل يوميًا في مارس، حيث كانت الصين هي المستورد الرئيسي. في مجال الغاز، تعد إيران ثالث أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم بإنتاج يومي يبلغ حوالي 684 مليون متر مكعب، لكن استهلاكها المحلي الكبير يجعلها مستوردًا للغاز في بعض الأوقات.

مصافي التكرير

تدير إيران 28 مصفاة للنفط والغاز في مختلف أنحاء البلاد. أكبر هذه المصافي هي “نجم الخليج” بالقرب من مضيق هرمز، وهي مصفاة يديرها جزئيًا الحرس الثوري الإيراني.

وتنتج هذه المصفاة نحو 19% من إجمالي احتياجات البلاد اليومية من النفط الخام المستخدم في المصافي. بالإضافة إلى ذلك، تدير إيران حوالي 60 مصنعًا للبتروكيماويات، يمكن لبعضها التحول لإنتاج البنزين في حالة الطوارئ.

منشآت التخزين والتصدير

تعتبر جزيرة “خارغ” المحطة الرئيسية لتصدير النفط الخام الإيراني، حيث تمتلك قدرة تحميل تصل إلى 5 مليون برميل يوميًا. يتم نقل النفط الخام إلى “خارغ” عبر خمس خطوط أنابيب تحت البحر قادمة من البر الرئيسي.

جزيرة “خارغ” قادرة على تحميل حتى 11 ناقلة عملاقة في نفس الوقت. وتملك إيران نحو 28 مليون برميل من سعة التخزين في هذه الجزيرة، ما يمثل حوالي 26% من إجمالي سعة التخزين الوطنية.

نقاط الضعف الاستراتيجية

رغم أن إيران لديها قدرات تخزين كبيرة، فإن معظم صهاريج التخزين الموجودة فوق الأرض معرضة بشكل كبير للهجمات الجوية والصاروخية. بالإضافة إلى ذلك، تعاني إيران من نقص في التقنيات الحديثة وقطع الغيار بسبب العقوبات الدولية، مما يجعل صيانتها للبنية التحتية أمرًا صعبًا.

المنطقة الجنوبية الغربية من إيران، حيث تتركز معظم الحقول النفطية، تعتبر منطقة حساسة، مما يزيد من احتمالية استهدافها في حال وقوع هجمات.

السيناريوهات المحتملة

أي هجوم إسرائيلي على البنية التحتية للطاقة في إيران سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط عالميًا. وقد ارتفعت الأسعار بالفعل من مستوياتها المنخفضة عند 70 دولارًا للبرميل لتصل إلى أكثر من 80 دولارًا في 7 أكتوبر.

في حال استهداف منشآت النفط الإيرانية، فإن إيران قد ترد باستهداف منشآت الطاقة الإسرائيلية. الحيوية، مثل المصافي في حيفا وأشدود، وكذلك محطات الطاقة وتحلية المياه، قد تكون أهدافًا محتملة لهجمات إيرانية. وفي الوقت نفسه، قد يتعرض مضيق هرمز، للتهديد من قبل إيران، مما قد يؤدي إلى اضطرابات في أسواق النفط العالمية.

توصيات وتحذيرات

استنادًا إلى تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن في 4 أكتوبر، التي دعا فيها إلى عدم استهداف منشآت النفط الإيرانية، يجب على الإدارة الأمريكية مواصلة حث إسرائيل على تجنب مثل هذه الهجمات.

وبدلاً من ذلك، يمكن لإسرائيل استهداف منشآت عسكرية أو أمنية إيرانية، مثل مقر الحرس الثوري أو المنشآت التي تدعم برنامج الصواريخ الإيراني، لتقليل خطر التصعيد إلى حرب شاملة وتجنب تأثيرات سلبية كبيرة على أسواق الطاقة الإقليمية والعالمية.

 

ربما يعجبك أيضا