ضريبة الكربون.. هل بإمكان العالم تنفيذ توصية «ماسك» لإنقاذ المناخ؟

كتب – حسام عيد

منذ أن جاء الديمقراطي جو بايدن إلى سدة الحكم داخل البيت الأبيض، وهو يضع نصب عينيه وأمام إدارته، هدفًا ومهمة رئيسية خلال ولايته الرئاسية، وهي تقليص الانبعاثات الكربونية، وتعزيز نهج التحول إلى الطاقة النظيفة ودعم مشاريعها الصديقة للبيئة والمناخ.

مهمة من شأنها معالجة أزمات التغيرات المناخية والحد من تداعياتها السلبية، لذلك دفعت كبار رجال الأعمال وأثرياء العالم إلى المشاركة بها، عبر تحفيزات مالية وأدوات وسياسات ضريبية.

 إيلون ماسك، رجل الأعمال الأغنى في العالم بثروة تقدر بـ185 مليار دولار، ومالك شركتي “تسلا” و”سبايس أكس”؛ طرح مبادرات من شأنها تقليص انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وتمثلت في تطوير تقنية لالتقاط الانبعاثات الكربونية، وفرض ضريبة على الكربون. فهل ستتحول تلك المبادرات إلى واقع ربما يساهم في إنقاذ مناخ العالم؟.

تطوير تقنية لبلوغ سلبية الكربون

في يوم الإثنين الموافق 8 فبراير الجاري، أفادت وكالة “بلومبيرج” بأن الملياردير الأميركي الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا إيلون ماسك قد أعلن عن مسابقة بقيمة 100 مليون دولار، تهدف إلى التوصل إلى تقنيات لإزالة انبعاثات الكربون في الغلاف الجوي.

وستُدير المسابقة مؤسسة “إكس برايز” -التي نظمت بالفعل مسابقات لتحفيز الابتكارات المتعلقة بالفضاء- الجائزة الجديدة التي تُعد الأكبر من نوعها، وسيتم دعمها هذه المرة بتبرع من قبل مؤسسة ماسك.

سيتم فتح باب المشاركة في المسابقة طوال يوم الأرض الموافق 22 أبريل المقبل، لاختيار 15 فريقًا من جميع أنحاء العالم للمنافسة، التي من المتوقع أن تستمر لمدة 4 سنوات.

وستحصل الفرق المختارة على مليون دولار لمساعدتها على تطوير أفكارها، وسيحصل الفريق الفائز بالجائزة الكبرى على 50 مليون دولار، والمركز الثاني 20 مليون دولار، والمركز الثالث 10 ملايين دولار في عام 2025.

أثناء إعلانه عن المسابقة كجزء من مبادرة مؤسسة “إكس برايز”، قال ماسك: إنه يريد من العلماء إحداث “تأثير حقيقي” وتحقيق “سلبية الكربون، وليس الحياد الكربوني”.

وتابع: “هذه لسيت مسابقة نظرية.. نريد فرقًا تبني أنظمة حقيقية يمكنها إحداث تأثير قابل للقياس وتوسيع نطاقه إلى مستوى غيغاتون.. مهما كانت التكلفة.. الوقت هو أساس الأمر”.

ضريبة الكربون

ماسك قال إن الطريقة الأولى لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون هي فرض ضريبة على الكربون.

وأضاف الملياردير الأمريكي يوم الخميس 11 فبراير 2021، قائلًا: “توصيتي الرئيسية، بصراحة، ستكون مجرد إضافة ضريبة كربون”.

وتابع، “الاقتصاد يعمل بشكل رائع. الأسعار والمال مجرد معلومات.. إذا كان السعر خاطئًا، فإن الاقتصاد لا يفعل الشيء الصحيح”.

في الوقت الحالي، لا توجد عواقب مالية مباشرة للشركات والصناعات التي يطلق إنتاجها غازات الدفيئة في الغلاف الجوي؛ بمعنى آخر، إنتاج غازات الدفيئة مجاني، وأكثرها انتشارًا هو ثاني أكسيد الكربون. ويتم إطلاق ثاني أكسيد الكربون عند حرق الوقود الأحفوري، مثل الفحم والغاز. ثاني أكسيد الكربون الزائد في الغلاف الجوي يحبس الحرارة ويسبب الاحترار العالمي.

وأوضح ماسك أن “ضريبة الكربون ستغير ذلك.. إذا وضعنا سعرًا على [انبعاثات الكربون]، فسوف يتفاعل السوق بطريقة معقولة. لكن لأنه ليس لدينا ثمن، فإنه يتصرف بشكل سيء”.

واقترح إيلون ماسك ضريبة عند الاستهلاك. وضريبة الاستهلاك هي تلك التي تُفرض عند نقطة الاستهلاك، عندما يشتري شخص ما شيئًا ما، حيث تكون ضريبة الدخل هي ضريبة تكسب فيها دخلاً أو تجمع فائدة، ومكاسب رأس المال وما شابه، وفقًا لمؤسسة بروكينجز.

كما اقترح أن تكون الضريبة “غير تنازلية”، بمعنى أنه يمكن فرض الضريبة على أساس مستوى الدخل.

وقال ماسك كمثال إذا كان المستهلك “منخفض الدخل” الذي يتعين عليه استخدام الكثير من الغاز (وبالتالي ينتج الكثير من انبعاثات الكربون)، فيمكنه الحصول على “خصم ضريبي”، هذه هي الطريقة المثلى لتحفيزه على تقليص استهلاكه المسبب للانبعاثات الكربونية.

تشجيع الاقتصادات

في الوقت الحالي، فإن النهج الأكثر مناقشة على نطاق واسع لتشجيع الاقتصادات على خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الخاصة بها هو فرض ضريبة حدود الكربون على الواردات من البلدان التي ليس لديها أنظمة مناسبة لتسعير الكربون.

ويدرس الاتحاد الأوروبي حاليًا مثل هذا الإجراء، كما دعا إليه مجلس قيادة المناخ (الذي يضم في عضويته وزيرة الخزانة الأمريكية القادمة جانيت يلين).

وفضل الاقتصاديون في جميع أنحاء العالم تقريبًا ضرائب الكربون، بحيث يأخذ المنتجون والمستهلكون في الاعتبار كيفية تأثير أفعالهم على المشاعات العالمية.

ويهدف تعديل ضريبة الحدود إلى حث الاقتصادات النامية على فرض ضرائب الكربون الخاصة بها. السياسة سليمة من الناحية المفاهيمية، لكنها ثابتة للغاية ويصعب تنفيذها.

على سبيل المثال، صحيح أن الصين تستغل الاستثناءات البيئية لزيادة إنتاجها بتقنيات رخيصة ملوثة، وتحاول تمديد «فترة السماح»، أو الحق بالتلويث، أطول فترة ممكنة، لتثبيت موقعها الجديد في الاقتصاد العالمي. لكن الصحيح أيضًا أن الدول الأخرى تستغل هذا الواقع لنقل عمليات الإنتاج إلى الصين واستيراد البضائع الرخيصة منها، وفي هذا خداع متبادل.

فهل تقبل الدول الغنية، التي حولت الصين إلى منطقة صناعية خلفية تروي عطشها إلى منتجات رخيصة، أن يتم حساب الانبعاثات الكربونية من المنتجات الصينية في الدول المستهلِكة ووضعها في خانتها؟ وهل تقبل الصين والدول المستهلِكة لبضائعها بوضع تعريفة استيراد مرتبطة بالبصمة الكربونية لكل نوع من البضاعة، أكان قلماً أم سيارة؟ إذا حصل هذا، فقد تنخفض انبعاثات الكربون الصينية إلى أقل من النصف. وبما أن الشيء بالشيء يُذكر، فهل تقبل كبريات الدول المستهلِكة للنفط أن يتم حساب الانبعاثات الكربونية حيث يتم استخدام النفط لا حيث يتم استكشافه وإنتاجه؟.

وختامًا؛ قد يكون وضع ضريبة كربونية على الاستهلاك الحل الأكثر فاعلية وعدالة لإدارة الموارد ورعاية البيئة والتحكم بالتغير المناخي

ربما يعجبك أيضا