طرق جديدة لمكافحة الأمراض وتعزيز الزراعة في البلدان الفقيرة.. ما هي؟

شروق صبري
الملاريا و البلهارسيا في افريقيا

لا زالت بعض الدول الإفريقية تعاني من الفقر و الأمراض الخطيرة فضلًا عن ضعف الإنتاج الزراعي، لكن توجد حلول يمكن أن تساهم في حل هذه الأزمات.


تؤثر الأمراض التي وصفتها الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية بـ”الأمراض الاستوائية المهملة”، على أكثر من مليار شخص وتقتل نحو نصف مليون منهم.

وغالبًا أولئك المصابين بداء البلهارسيات، الذي تسببه ديدان طفيلية تعيش في المياه العذبة في المناطق الاستوائية، يعيش أغلبهم على أقل من دولارين يوميًّا، ويصاب به سنويًّا نحو 200 مليون شخص. ويقتل 200 ألف شخص كل عام.

الملاريا والبلهارسيا

أشارت مجلة فورين أفيرز الأمريكية، أمس الاثنين 25 سبتمبر 2023، إلى انه على النقيض من الملاريا، التي تتسببت في ارتفاع معدل الوفيات، والتي كانت محورًا لكمية هائلة من الاستثمارات الخاصة، والمساعدات الأجنبية، والعطاءات الخيرية، فإن داء البلهارسيات لم يشكل قط أولوية صحية عالمية.

ونتيجة لذلك، فإنها لا تجتذب سوى قدر ضئيل للغاية من الاستثمارات الخاصة أو العامة. لقد أصبح القضاء على الملاريا الآن أمرا ممكنا، وذلك بفضل اللقاحات الجديدة، ولكن لا يوجد لقاح ضد البلهارسيا.

اقرأ أيضا: أمريكا تسجل أولى الإصابات المحلية بالملاريا منذ 20 عامًا

وتؤثر ديناميكية مماثلة على الزراعة الاستوائية، حيث توجد العديد من المحاصيل المهمة للأنظمة الغذائية وسبل العيش في البلدان الفقيرة في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، ولكن لا تتداول كثيرًا على المستوى الدولي، مثل الدخن والبطاطا والأنسيت في ما تستفيد المحاصيل مثل الذرة والقمح وفول الصويا التي تزرع وتستهلك بكميات كبيرة في البلدان الأكثر ثراءً من البحث والتطوير في التكنولوجيات التي تعمل على تعزيز قدرتها على الصمود والإنتاجية.

الملاريا و البلهارسيا

الملاريا و البلهارسيا

معدلات الجوع وسوء التغذية

تمتد بعض هذه المكاسب إلى العالم المنخفض الدخل، ولكن في كثير من الأحيان يحدث خسائر في الإنتاجية بسبب الاختلافات في التربة والآفات والمناخ. لكن ما يسمى بالمحاصيل اليتيمة في العالم الفقير تجاهلها المستثمرون والحكومات وفاعلي الخير. ونتيجة لذلك، فإن معدلات الجوع وسوء التغذية آخذة في الارتفاع مرة أخرى في العالم النامي.

 اقرأ أيضا: محمد بن زايد: الإمارات ستظل داعمًا أساسيًّا لجهود مكافحة الملاريا

واليوم، لا يستطيع أكثر من 3 مليارات شخص تحمل تكاليف اتباع نظام غذائي صحي، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى انخفاض الإنتاجية الزراعية في البلدان الفقيرة. ومع ذلك فإن إحراز التقدم في مكافحة أمراض المناطق المدارية المهملة، والمحاصيل اليتيمة، وغير ذلك من التحديات الخاصة بالبلدان الفقيرة من شأنه أن يحدث فارقًا هائلًا في الحد من الفقر، وتحسين الصحة والإنتاجية، وزيادة الاستقرار في جميع أنحاء العالم.

مكافحة الأمراض

لا يوجد نقص في الأموال للاستثمار في البحث والتطوير في هذه المجالات، وخصصت شركات مثل Apple وAlphabet ما يتراوح بين 140 مليار دولار إلى 160 مليار دولار نقدًا للأبحاث نهاية عام 2022، وإذا أضيف بقية الشركات المدرجة في مؤشر ستاندرد آند بورز، فإن النقد المتاح للشركات يتجاوز 2.5 تريليون دولار، وتحقق الغالبية العظمى منها عوائد منخفضة، نظرًا لأسعار الفائدة السائدة.

ولكن في أغلب الأحيان، يقف القطاع الخاص على الهامش على الرغم من أن القيمة الاجتماعية والصحية والبيئية والاقتصادية لشركة أو مشروع، على الاستثمار في هذه المجالات البحثية يمكن أن يكون مرتفعا للغاية.

ووفقًا للتقديرات التي جمعتها منظمة الصحة العالمية، فإن متوسط الفوائد الصافية التي يحصل عليها الأفراد المتضررون عن كل دولار عندما يستثمر في البحث والتطوير في مجال أمراض المناطق المدارية المهملة يتراوح بين 17 إلى 28 دولارًا.

الملاريا و البلهارسيا في افريقيا

الملاريا و البلهارسيا في افريقيا

مشاريع البحث والتطوير

يعكس هذا ما يحدث عندما يتم شفاء الناس، فيمكنهم استئناف حياتهم وسبل عيشهم، وإعادة الأموال إلى اقتصادهم المحلي. فعندما تتولى المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية (CGIAR)، وهي اتحاد دولي للبحوث الزراعية، أعمال البحث والتطوير في مجال الزراعة الاستوائية، فإن متوسط العائد الاجتماعي يبلغ نحو 10 دولارات عن كل دولار مستثمر.

وفي الوقت نفسه، فإن معظم أموال الشركات موجودة في صناديق أسواق المال أو في سندات الخزانة الأمريكية، ما يدر فائدة تتراوح بين 4 و6%. ومع ذلك هناك فجوة هائلة بين هذه العائدات الخاصة المنخفضة على الممتلكات النقدية لدى الشركات والعائدات الاجتماعية المرتفعة على مشاريع البحث والتطوير لمعالجة المشاكل التي تعاني منها البلدان الفقيرة. لأن الفقراء لا يستطيعون دفع الكثير، حتى مقابل الاكتشافات التي تغير حياتهم أو حتى تنقذها.

مشاريع البحث والتطوير

رغم أن الأشخاص الذين يعيشون على دولارين أو ثلاثة دولارات فقط في اليوم يمكنهم إنفاق ما يكفي لتغطية تكاليف التصنيع والتوزيع في الشركات، وهذا هو السبب وراء تقديم شركتي يونيليفر وكوكا كولا خدمات مربحة إلى القرى النائية الفقيرة في جميع أنحاء العالم، لكنهم لا يستطيعون تحمل الهامش الإضافي الذي تحتاج الشركات إلى استرداد تكاليف البحث والتطوير الكبيرة المقدمة.

ولكن المستهلكين في البلدان الغنية قادرون على استيعاب هذه العلاوات لجعل البحث والتطوير مربحين، وهم يفعلون ذلك عن طيب خاطر، حتى في مجال التكنولوجيات غير الأساسية مثل ألعاب الفيديو، أو الأجهزة الإلكترونية المنزلية، أو مستحضرات التجميل.

وحتى في ظل وجود أعداد ضخمة من الناس المتضررين، فإن الزيادات السعرية الممكنة تكون ببساطة أقل من أن تتمكن الشركات الساعية إلى تحقيق الربح من تبرير الاستثمار على نطاق واسع في مشاريع البحث والتطوير في إيجاد حلول لمشاكل الفقراء. ونتيجة لذلك، يخسر العالم فرص البحث والتطوير التي تحقق عوائد مجتمعية عالية للغاية.

الاستثمار في الأدوية والتكنولوجيات الزراعية

لهذه الأسباب، عندما يتعلق الأمر بأمراض المناطق المدارية المهملة والمحاصيل اليتيمة، فإن السوق العالمية وحدها لا تحقق أفضل النتائج الممكنة. وعلى الرغم من أن البلدان الغنية والمؤسسات الخيرية يمكنها أن تقدم المزيد، فإن تأثيرها المحتمل محدود مقارنة بما يمكن أن تفعله المبالغ الهائلة من رأس المال الخاص التي تقف على الهامش. إن ما يحتاج إليه العالم هو التدخل الحكومي لخلق الحافز لاستثمارات القطاع الخاص. وتحتاج الحكومات إلى أداة جديدة لاستغلال كل هذه الأموال.

إن الابتكار في قانون الملكية الفكرية من الممكن أن يجعل من المربح للشركات الاستثمار في الأدوية والتكنولوجيات الزراعية للأشخاص الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف البحث والتطوير بالكامل.

والفكرة بسيطة، إذا تقدمت شركة ما بطلب للحصول على براءة اختراع “خيرية” لعلاج مرض استوائي مهمل أو محصول يتيم ووعدت إما بإطلاقه في الملكية العامة أو توفير وصول عالمي غير حصري وخالي من حقوق الملكية وغير مقيد، بحيث يمكن منح الشركة ليس فقط براءة اختراع لهذا الاكتشاف ولكن أيضًا امتداد لبراءة اختراع.

ربما يعجبك أيضا