طفرة إنتاج النفط الأمريكي تظهر تناقض الإدارة السياسية

أحمد السيد
مخزونات النفط الأمريكي

أظهر تقرير لوكالة بلومبرج، اليوم الأحد 22 سبتمبر 2024، حالة تناقض إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس فيما يتعلق بسياسات الطاقة.

ورغم التزام الإدارة بالتحول إلى الطاقة النظيفة وإعادة الانضمام لاتفاق باريس للمناخ، حققت الولايات المتحدة مستويات قياسية في إنتاج النفط والغاز خلال فترة حكمهما.

أكبر منتجي النفط في العالم

بحسب التقرير، يحقّ لكامالا هاريس أن تدعي بأنها من أعمدة أكثر الإدارات الأمريكية نفعًا لصناعة الوقود الأحفوري في تاريخ الولايات المتحدة، حيث ارتفع إنتاج النفط والغاز المحليين وكذلك هوامش التكرير وأرباح شركات القطاع إلى معدلات قياسية خلال عملها نائبةً للرئيس جو بايدن.

تتصدر الولايات المتحدة حاليًا قائمة منتجي النفط في العالم، وتضخ يوميًا كمية نفط خام تفوق بنحو 50% ما تنتجه المملكة العربية السعودية.

حالة تناقض بين الإدارة السياسية

لكن ذلك يبدو متناقضًا مع إدارة تعهدت بإحداث قفزة ثورية في مجال الطاقة النظيفة قبل 4 سنوات، وأعادت انخراط البلاد في اتفاق باريس للمناخ منذ أول أيامها توليها السلطة. كان أكثر إدهاشًا أن هاريس بنَت رصيدها السياسي على مجابهة لكبرى شركات النفط في المحاكم على خلفية انتهاكات بيئية حين كانت المدعية العام لولاية كاليفورنيا.

كما أنها صرّحت خلال حملتها للانتخابات التمهيدية الماضية للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة أنها “بلا شك” ستحظر التصديع المائي (التكسير الهيدروليكي) إن تولت الرئاسة، لكنها تراجعت عن موقفها هذا.

دونالد ترامب وكامالا هاريس

سيطرة الشركات على إنتاج النفط الصخري

وفق التقرير، فإن سيطرة الحكومة الأمريكية على شركات النفط في البلاد في الواقع أقل بكثير من حكومات السعودية وروسيا وغيرها من أكبر الدول إنتاجًا للنفط، وفيها يقرر المسؤولون الحكوميون حجم الإنتاج.

أما في الولايات المتحدة، فتهيمن شركات تعمل في أراض ملكيتها خاصة على إنتاج النفط الصخري، وهو النوع الذي حقق المساهمة الأكبر في نمو إنتاج النفط الأمريكي على مرّ العقد الماضي، وتدير ولايات مثل نيومكسيكو وداكوتا الشمالية وتكساس معظم الشؤون التنظيمية الروتينية، وهي غالباً ما ترحب بما تجلبه صناعة عن النفط والغاز من مال ووظائف.

قال مايك سمرز، الرئيس التنفيذي لمعهد النفط الأمريكي، أكبر مجموعة ضغط في القطاع: “أعتقد أن الزيادة في الإنتاج خلال السنوات الأربع الماضية أتت برغم سياسات بايدن لا بفضلها”.

خفّفت هاريس من حدّة خطابها المناهض للوقود الأحفوري الذي طبع حملتها للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في الانتخابات التمهيدية لعام 2020، وربما لديها سبب وجيه لذلك، لا يتقصر على كون بنسلفانيا، وهي إحدى الولايات المرجحة، تقع في قلب أكبر حوض غاز صخري في البلاد.

كاملا-هاريس

توجيه السخط نحو شركات النفط

حاول بايدن توجيه السخط الشعبي نحو شركات النفط التي اتهمها بالتلاعب بالأسعار، وكان لافتًا هجومه على شركة “إكسون موبيل” (Exxon Mobil) التي قال إنها تحقق أرباحًا مفرطةً جدًا فيما تعاني الأسر الأمريكية من أشد تضخم منذ ثمانينات القرن الماضي، لكن موقفه لم يلق آذانًا صاغية، وبدأت تنتشر ملصقات عند محطات الوقود على امتداد البلاد يبدو فيها بايدن مبتسمًا مع عبارة “أنا تسببت بذلك”.

على الصعيد الانتخابي، حمّل المرشح الجمهوري دونالد ترمب بايدن فيما مضى وهاريس حالياً مسؤولية التسبب بأزمة التضخم التي ما يزال الناخبون يقولون إنها تتصدر همومهم الاقتصادية. وهو يؤكد أن سياسة الطاقة التي يطرحها والتي تشجع على استخراج النفط والغاز ستزيد من إنتاجهما فتقلّص أسعار الطاقة إلى النصف، فيما أن إدارة هاريس “ستقضي على الوقود الأحفوري”.

تأثير الإفراج عن الاحتياطي الاستراتيجي

آتت هذه السياسة أكلها، فأسهمت في خفض سعر البنزين والديزل والبتروكيماويات، التي تشكّل العمود الفقري لشريحة واسعة من الاقتصاد الأمريكي، إذ أسهمت في الحدّ من التضخم، ما يمهّد لخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ 4 سنوات.

وكان قانون المناخ التاريخي الذي أطلقت عليه إدارة بايدن تسمية “قانون كبح التضخم” من أجل تسهيل تمريره في الكونجرس، قدم حوافز لإنتاج الطاقة المتجددة واعتماد التقنيات منخفضة انبعاثات الكربون، بما يشمل احتجاز الكربون وغاز الهيدروجين، وغيرها من التقنيات التي تحظى بدعم قطاع النفط.

ربما يعجبك أيضا