عالمة بـ«كامبريدج» تكشف لـ«رؤية» تفاصيل جهاز جديد لمساعدة الأطفال المصابين بالسكري

يتعلم النظام كمية الأنسولين التي يحتاجها الطفل يوميًا وكيف يتغير هذا في أوقات اليوم المختلفة, ثم يستخدم هذه المعرفة لضبط مستويات الأنسولين للمساعدة في تحقيق مستويات مثالية للسكري في الدم.


طور فريق من الباحثين بجامعة كامبريدج البريطانية جهازًا ابتكروه تحت اسم “بنكرياس اصطناعي” سيغير حياة الأطفال المصابين بداء السكري من النوع الأول.
“شبكة رؤية الإخبارية” تواصلت مع قائدة الفريق البحثي من معهد ويلكوم ترست، التابع لمجلس البحوث الطبية لعلوم التمثيل الغذائي وجامعة كامبريدج في المملكة المتحدة، جوليا وير، للتعرف على تفاصيل الاكتشاف الجديد ومميزاته، عقب إيضاح دراسة منشورة حديثًا بأنه آمن للاستخدام وأكثر فعالية في إدارة مستويات السكر في الدم من التكنولوجيا الحالية.

تطبيق “كامابس إف إكس”

البروفيسور رومان هوفوركا من معهد ويلكوم لعلوم التمثيل الغذائي بجامعة كامبريدج طور تطبيقًا أطلق عليه اسم “كامابس إف إكس” CamAPS FX يعمل، جنبًا إلى جنب مع جهاز مراقبة الجلوكوز ومضخة الأنسولين، كبنكرياس اصطناعي، ويضبط تلقائيًا كمية الأنسولين  بناءً على مستويات الجلوكوز المتوقعة أو في الوقت الفعلي.

وقارن الباحثون في دراسة نشرت في  دورية نيو إنجلاند الطبية في 20 يناير الماضي، أداء “البنكرياس الاصطناعي” الذي يستخدم خوارزمية لتحديد كمية الأنسولين الممنوحة بواسطة جهاز يرتديه الطفل، مقابل “العلاج بالمضخة المعززة بالمستشعرات”.

مميزات هائلة للنظام الجديد

بحسب الدراسة، يقدم نظام “كامابس إف إكس” شبه الآلي تنبؤات حول احتمالات ما يمكن أن يحدث لاحقًا في مستويات الجلوكوز في الدم بناءً على الخبرة السابقة، عبر تسجيله كمية الأنسولين التي يحتاجها الطفل يوميًا، وكيفية تغيرهذا في أوقات اليوم المختلفة، لاستخدامها في ضبط مستويات الأنسولين والمساعدة في تحقيق مستويات مثالية للسكري في الدم.

الدراسة أوضحت أن النظام الجديد آلي بالكامل في جميع الأوقات عدا أوقات الوجبات، وأن الآباء لا يحتاجون بعد استخدامه إلى مراقبة مستويات السكر في الدم لدى أطفالهم، مبينةً أن الأطفال المصابون بالنوع الأول من داء السكري في سن مبكرة الأكثر عرضة لخطر الإصابة بنقص الإدراك العصبي، وأن تحسين التحكم في الجلوكوز مفيد خصوصًا خلال المرحلة الدقيقة في نمو الدماغ.

التجربة على الأطفال

الفريق البحثي جند 74 طفلًا مصابًا بداء السكري من النوع الأول، تتراوح أعمارهم بين عام و7 أعوام، للمشاركة في التجربة في 7 مراكز مختلفة في المملكة المتحدة وأوروبا، ومقارنة سلامة وفعالية العلاج الهجين مع العلاج بالمضخة المعززة بالمستشعرات، من خلال استخدام الأطفال نظام الحلقة المغلقة “كامابس إف إكس” الهجين لـ16 أسبوعًا، ثم علاج التحكم لنفس المدة.

أظهرت التجربة، قضاء الأطفال في المتوسط حوالي ثلاثة أرباع يومهم (71.6%) في النطاق المستهدف لمستويات الجلوكوز لديهم عند استخدام CamAPS FX ما يمثل تسع نقاط مئوية أعلى مقارنة بفترة التحكم، ويعادل 125 دقيقة إضافية يوميًا في النطاق المستهدف لنسبة السكري في الدم، كما قضى الأطفال أقل من ربع (22.9%) من وقتهم مع ارتفاع مستويات السكر في الدم أثناء استخدام النظام المبتكر.

لماذا يمثل الابتكار نقلة نوعية؟

قائدة الفريق البحثي من معهد ويلكوم ترست جوليا وير، أوضحت في مقابلة أجريت مع “شبكة رؤية الإخبارية” عبر البريد الالكتروني في الأول من فبراير الجاري أن “إدارة مرض السكري من النوع الأول يعد تحديًا لدى الأطفال الصغار جدًا، نظرًا للتنوع الكبير في متطلبات الأنسولين وأنماط الأكل والنشاط التي لا يمكن التنبؤ بها”.

وأشارت إلى أنه مع العلاجات الحالية لا يحقق العديد من الأطفال أهداف نسبة السكر في الدم الموصي بها، وأن النظام الجديد الهجين يحقق ذلك دون زيادة في نقص السكر في الدم، مبينة أن الأطفال أمضوا ثلاثة أرباع يومهم تقريبا بمستويات الجلوكوز بالنطاق المستهدف باستخدام النظام الجديد، بزيادة 125 دقيقة مقارنة بطرق العلاج السابقة.

تحسن متواضع في السيطرة على نسبة السكر

جوليا بينت أن خوف مقدمي الرعاية والآباء من نقص السكر في الدم في حالة الأطفال الصغار أمر شائع، لافتةً إلى أن العديد من الأطفال لا يحققون أهداف نسبة السكر بسبب عدم وعيهم واحتياجهم إلى توفير مراقبة مستمرة.

ونوهت بأن الاستخدام المتزايد لأجهزة مراقبة الجلوكوز المستمرة والعلاج بمضخة الأنسولين أدى إلى انخفاض حالات نقص السكر في الدم الشديد والحماض الكيتوني السكري، وترافق مع تحسن متواضع في السيطرة على نسبة السكر في الدم، وظل عبء الإدارة مرتفعاً.

أنظمة الحلقة المغلقة الهجين

أضافت قائدة الفريق البحثي: “وجدنا أن أنظمة الحلقة المغلقة الهجينة والتي تسمى أيضًا البنكرياس الاصطناعي قد تعالج المشكلة، بتصدي خوارزمية لضبط توصيل الأنسولين تلقائيًا على أساس مستويات الجلوكوز في المستشعر في الوقت الفعلي”.

وذكرت أن الدراسات في مجال العلاج بـ”الحلقة المغلقة الهجينة” التي تشمل الأطفال الصغار جدًا كانت قليلة جداً وقصيرة المدة، وأن فعالية وسلامة الاستخدام طويل المدى لنظام الحلقة المغلقة، مقارنةً بالعلاج القياسي، غير واضحة، مبينةً أن لمعالجة الفجوة المعرفية استخدموا خوارزمية الحلقة المغلقة مع العلاج بالمضخة المعززة بالمستشعر لدى الأطفال في دراسة عشوائية متعددة الجنسيات.

ماهية النظام وفلسفة عمله

نظام الحلقة المغلقة يحاول محاكاة ما يفعله البنكرياس السليم، من خلال “جهاز استشعار للجلوكوز يوضع على الجلد ويقيس مستويات الجلوكوز تلقائيًا كل بضع دقائق، ويرسل الجهاز مستويات الجلوكوز في الوقت الفعلي إلى خوارزمية في تطبيق هاتف ذكي، لحساب كمية الأنسولين التي يحتاجها الشخص للحفاظ على الجلوكوز في المعدل الطبيعي، وإخبار مضخة الأنسولين تلقائيًا بكمية الأنسولين الواجب توصيلها”.

وشددت وير على أن جميع الأنظمة المتاحة حاليًا “هجينة”، وأنه لا يزال يتعين على المستخدمين إعطاء جرعة أنسولين للوجبات.

مستقبل علاج السكري

بالنسبة لما تعنيه الدراسة لمستقبل علاج السكري من النوع الأول في أوساط الأطفال، قالت وير: “تدعم دراستنا اعتماد العلاج الهجين ذو الحلقة المغلقة في الرعاية السريرية الروتينية للأطفال الصغار جدًا المصابين بداء السكري من النوع الأول ونتوقع أن يحل نظام البنكرياس الاصطناعي الرئيسي محل العلاجات القياسية”.

واختتمت حديثها بالإشارة إلى أن ذلك سيعمل على تحسين التحكم في نسبة السكر في الدم وتقليل عبء الإدارة، ما يؤثر على جودة الحياة، وأنه يجب أن يُتاح للجميع الفرصة لاستخدام نظام الحلقة المغلقة، مطالبةً بإعطاء مرضي السكري حرية الاختيار بين العلاجات.

ربما يعجبك أيضا