2022 عام الجفاف.. كيف خسر العالم المياه وفقد عصب حياته؟

نادية عبد الباري

حسب ما أعلن الصندوق العالمي للحياة البرية، فإن التغيرات المناخية أنهت منابع مياه عذبة كاملة.


أعلنت الأمم المتحدة، خلال فعاليات قمة المناخ بشرم الشيخ، نوفمبر 2022 أن التغيرات المناخية فرضت نفسها وهددت المياه.

ولم يعد خافيًا على أحد أن التغيرات المناخية فرضت نفسها في عام 2022، بوصفها تهديدًا عالميًّا، ولكن حينما تمس المياه فهذا يمثل تهديدًا مباشرًا لحياة الإنسان ووجوده.

عام 2022.. الجفاف رابط مشترك

الصندوق العالمي للحياة البرية أوضح أن رصيد البشر من المياه العذبة لا يتجاوز 3% من مساحة الكرة الأرضية، ومعظمها غير صالح للاستخدام، كونها مجمدة أو يحول تركيبها الكيميائي دون صلاحيتها للشرب.

والفقر المائي الذي يعيشه السكان في العالم يتمثل في افتقار 1.1 مليار شخص عالميًّا إلى المياه، وشعور 2.7 مليار شخص في المياه بندرة الماء لمدة شهر واحد على الأقل من العام.

والعام الحالي حمل العديد من الأزمات، ولكن أزمة نقص المياه تحديدًا خلفت خسائر اقتصادية جمة، فبلغت أضرار الجفاف 38.4 مليار دولار على مستوى العالم، وبالنظر في خسائر الجفاف لعام كامل، ليصبح عام 2022 تاسع أعلى أضرار جفاف خلال الـ50 عامًا الماضية.

1 1583487

يناير.. الجفاف في الولايات المتحدة

رغم كل احتياطات الولايات المتحدة فإنها تعاني حاليًّا ندرة في منابع المياه، ويوجد خطر محقق يعيشه سكانها، وأوضح مرصد الجفاف الأمريكي، في تقرير له، أن 55% من الولايات يعانون الجفاف وزادت النسبة في 2022، خاصة ولاية كاليفورنيا، ففي شهر يناير عانت ندرة المياه بـ78%، أقل من نفس الشهر في عام 2020.

وقد هذا التناقص حاكم الولاية إلى طلب تخفيف استخدام المياه طواعية، والجفاف في أمريكا كان سببه قلة سقوط الأمطار، فقد أفاد المعهد الأوروبي للدراسات الأمنية والسياسية أن الأمطار في الولايات قلت هذا العام 20 إلى 40%، مع احتمالات أن تقل العام المقبل بنسبة تصل إلى 60%.

فبراير.. ألمانيا تساعد إفريقيا لمواجهة الجفاف

يعاني من 12 إلى 14 مليون شخص في إفريقيا، خطر العيش في جوع بسبب الجفاف، لتكون القارة الأكثر معاناة بسبب ندرة المياه، حسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، وتحتاج إلى معونات لتجاوز تلك الأزمة.

وقد ساهمت ألمانيا في فبراير بـ20 مليون يورو لإنقاذ المزارعين الأشد تضررًا من الجفاف في القرن الإفريقي، والمنحة ستساعد في دعم أكثر من 115 ألف أسرة في ثلاثة بلدان متضررة، هي إثيوبيا وكينيا والصومال.

مارس.. المياه الجوفية غير مستغلة جيدًا

الجفاف يمثل تهديدًا مباشرًا على الإنسان، وفي تقرير الأمم المتحدة عن تنمية المياه في العالم، الذي نشر في مارس، أوضحت أن المياه الجوفية تمثل 99% من المياه العذبة السائلة في العالم، ولكن ليست مستغلة رغم النقص الحاد في مصادر المياه العذبة.

وأوضح تقرير الـUN أنه توجد توقعات بزيادة الطلب على المياه 20 إلى 30% بحلول عام 2050، وأحد أسباب الأزمة هو الإفراط في استخدام المياه الجوفية ببعض المناطق، مثل شمال الهند والولايات المتحدة، 70% لتستهلك في الزراعة والري.

معاناة للحصول على مياه الشرب

حاليًّا يعاني نحو 400 مليون شخص إفريقي إمكانية الحصول على مياه الشرب الأساسية، حتى مع وجود إمدادات هائلة من المياه الجوفية غير المستغلة في المنطقة، وفي هذا السياق، أوضحت منظمة WaterAid أن معظم  البلدان في إفريقيا لديها رصيد كبير من المياه الجوفية.

وتتجاوز المياه الجوفية حاجة الناس إلى الشرب، بل تكفي للزراعة والازدهار للسكان لأكثر من 50 عامًا. وحسب دراسة WATERAID، التي نشرت في مارس 2022، فإن لمعظم الدول الإفريقية بجنوب الصحراء أن يزوِّد 130 لترًا من مياه الشرب للفرد يوميًّا من المياه الجوفية.

ويأتي هذا بالإضافة إلى استخدام قرابة  10% من المياه الجوفية يمكن أن يوفر حاجزًا ضد تغير المناخ لسنوات عديدة مقبلة، ولكنها غير مستغلة بسبب عدم الحفر والاستكشاف، ومن بعدها قلة الإنفاق على معالجة المياه المستخرجة من باطن الأرض.

إبريل.. معاناة غرب إفريقيا وإقليم كردستان

غرب إفريقيا يعيش ذروة جوعه بسبب ندرة المياه في هذا العام، ولكن لا يمكن إغفال أن رحلة العطش بدأت من 2015 دون تصرفات واضحة للإنقاذ، إلى أن تضاعف عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات غذائية طارئة أربع مرات تقريبًا، في الفترة من 2015 حتى الآن، وكانت 7 ملايين.

وفي 2022 بلغت 27 مليون شخص بسبب الجفاف وسوء توزيع الأمطار لانخفاض مصادر الغذاء في المجتمعات المحلية. ومن إفريقيا إلى إقليم كردستان، الذي أعلن المسؤولون فيه أن عام 2022 هو عام الجفاف.

وقد تأثر أكثر من 35 ألف فدان من الأراضي الزراعية، في الإقليم، ما يؤدي إلى نزوح محتمل من القرى التي تعتمد على الزراعة ورعي الماشية، وهو ما بدأ بالفعل في أكتوبر الماضي، حسب تصريحات الفاو.

1 1583488

فقد المياه

مايو.. نهر كولورادو مجهد بالجفاف

العديد من الأنهار قد عانت هذا العام، ومن أكبرها نهر كولورادو غرب الولايات المتحدة الأمريكية، الذي يحتل المرتبة الثانية من ناحية أكبر كمية من احتياطي المياه في أمريكا.

ويطل نهر كولورادو على بحيرة بأول بالعاصمة الأمريكية واشنطن، وبسبب افتقار النهر إلى المياه في مايو، واجهت 7 ولايات أمريكية خطر تراجع إمدادات الكهرباء.

يونيو.. نهر بو الإيطالي يتعرض للجفاف

أوروبا كان لها نصيب الأسد من فقر منابع المياه، فقد تعرض جزء من شمال إيطاليا لأسوأ موجة جفاف منذ 70 عامًا، تأثر بها نهر بو من انخفاض منسوبه، مع عدم هطول أمطار بالكاد لمدة 110 يومًا.

وقد أثر هذا الشح المائي في السكان المحليين، بعدما كان يوفر المياه لأكثر من ربع مليون مواطن، حسب موقع “يورو نيوز”.

يوليو.. أوروبا تعاني أسوأ موسم لعدم هطول الأمطار

بحسب موقع المفوضية الأوروبية، فالقارة عانت في 2022، نقص هطول الأمطار، فانخفض كثيرًا، لا سيما في الأراضي الإيطالية، وجنوب ووسط وغرب فرنسا، ووسط ألمانيا، وشرق هنغاريا، والبرتغال، وشمال إسبانيا، وهو ما عرض المنطقة لأعلى مستوى من الجفاف على مدار 5 عقود.

ونشرت المفوضية في يوليو، أن نسب المياه المخزنة في الخزانات الإسبانية قلت حاليًّا 31% عن متوسط السنوات العشر الماضية، وفي البرتغال، بلغت في يوليو نسب الطاقة الكهرومائية المخزنة في خزانات المياه نصف متوسط احتياطاتها في السنوات السبع الماضية.

1 1583491

أغسطس.. نزوح الآلاف بسبب الجفاف في الصومال

لاجئو المناخ في العالم جنبًا إلى جنب مع لاجئي الحرب والنزاعات المسلحة، فقد أوضحت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، أن الجفاف في الصومال وصل إلى مستويات غير مسبوقة.

وقد سُجّل مليون شخص كنازحين داخل البلاد، في أغسطس 2022، وهذا بسبب انخفاض معدل هطول الأمطار المسجل وقلة الأمطار أو انعدامها في يونيو.

سبتمبر.. مصر قد تفقد المياه بحلول عام 2025

مصر عانت أيضًا تبعات تغير المناخ على نسب المياه فيها، ووفقًا لليونيسيف فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعاني حاليًّا  الإجهاد المائي في العالم، فتعد من أكثر المناطق التي تعاني ندرة المياه في العالم.

وأصدرت المنظمة تقريرًا في سبتمبر، أوضحت فيه أن مصر واجهت عجزًا في المياه بنحو سبعة مليارات متر مكعب، وبحلول عام 2025، قد “تنفد المياه” في البلاد.

أكتوبر.. أنهار العراق صارت حكايات من التاريخ

منابع المياه في العراق شبه جفت بالكامل، وأنهارها التاريخية، دجلة والفرات، أصبحتا جزءًا من الكتب والحكايات فقط، هذا ما أكده المجلس النرويجي للاجئين في أكتوبر 2022، فأوضح أن المجتمعات الزراعية في العراق شهدت انخفاضًا في كل المحاصيل للعام الثاني على التوالي، بسبب ظروف الجفاف القاسية.

ووفقًا للمسح الذي أجراه المجلس، فإن أكثر من 90% من خمس محافظات عراقية فشلت في حصد محصول القمح هذا الموسم نتيجة مباشرة لنقص المياه، في حين أن 25% من المحافظات الباقية عانت عدم تحقيق أي أرباح من محصولهم من القمح للعام بكامله.

نوفمبر وديسمبر.. التمويل أزمة كبيرة

يشير تقرير لمنظمة الصحة العالمية أنّه في شهري ديسمبر تبين وجود 45% من البلدان، تسير على الطريق الصحيح لتحقيق أهداف التغطية بمياه الشرب.

ويجد 25% فقط من البلدان سوف تحقق أهداف الصرف الصحي الخاصة بها، ولكن الأمر يحتاج إلى تمويلات تقدر بنحو 340 مليار دولار العام المقبل لتحقيق الكفاف النسبي من المياه.

ربما يعجبك أيضا