عام على «طوفان الأقصى».. هل غيرت خريطة التحالفات الدولية؟

إسراء عبدالمطلب

تشهد المنطقة منذ عام واحدة من أكبر الأزمات السياسية في العصر الحديث، حيث تشكل الحرب على غزة تحديًا غير مسبوق قد يؤدي إلى إعادة رسم خريطة التحالفات الدولية بشكل جذري.

ومع تصاعد التوترات والصراعات، أصبح من الواضح أن تداعيات هذه الحرب لن تقتصر على حدود غزة فقط، بل ستمتد لتعيد تشكيل السياسة العالمية والعلاقات بين الدول الكبرى والإقليمية.

التحديات السياسية الناتجة عن الحرب

في ظل هذه الأزمة، يبرز السؤال الأهم وهو “هل ستكون هذه الحرب مفتاحًا لتحقيق السلام والأمن، أم أنها ستفتح الباب أمام حرب شاملة على مستوى أوسع؟”.

وتعتبر الحرب على غزة اليوم من أخطر التحديات التي قد تترتب عليها تداعيات بعيدة المدى على الأمن والاستقرار في المنطقة، ومع استمرار التصعيد، يصبح تحقيق السلام أكثر تعقيدًا، ويبدو أن الاستقرار الدائم مرهون بتحقيق شروط معينة، أولها القبول بقيام دولة فلسطينية مستقلة، وهذا الشرط يشكل حجر الزاوية في معالجة التوترات الإقليمية، إذ أن الدولة الفلسطينية تمثل الحل الذي قد يستأصل الكثير من أسباب النزاعات المستمرة في المنطقة.

المفتاح لاستقرار المنطقة

يرتبط أمن المنطقة واستقرارها بشكل مباشر بإقامة الدولة الفلسطينية، التي يمكن أن تضع حدًا للتنافس الإقليمي وتخفف من نشاط الجماعات المناهضة لبناء الدولة الوطنية.

ويرى المحللون أن قيام الدولة الفلسطينية قد يساهم في الحد من النزاعات التي تؤثر على الأمن الإقليمي والدولي، ويعزز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وفي المقابل، فإن عدم تحقيق هذا الهدف قد يؤدي إلى استمرار الأزمات ويفتح الباب أمام حروب شاملة قد تتجاوز الحدود الإقليمية.

إعادة رسم خريطة التحالفات الدولية

مع تصاعد الأزمة في غزة، بدأت خريطة التحالفات الدولية تتغير بشكل لاف، وبدأت القوى العالمية والإقليمية تعيد تقييم مواقفها بناءً على التطورات الحالية، وبدأت بعض الدول تعيد النظر في تحالفاتها القديمة، بينما تبحث أخرى عن فرص جديدة لتعزيز نفوذها في المنطقة.

ومن الواضح أن السياسات الدولية لن تبقى كما كانت عليه قبل الأزمة، ومن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تغيرات جوهرية في العلاقات بين الدول الكبرى، خاصة تلك التي لها مصالح مباشرة في الشرق الأوسط.

تأثير طوفان الأقصى على السياسة العالمية

من جانبه، قال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، الدكتور خالد شنيكات، في تصريحات لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، حول تأثير عملية “طوفان الأقصى” على السياسة العالمية وتغير خريطة التحالفات الدولية، إنه يمكن القول أن الغالبية العظمى من دول العالم تؤيد القضية الفلسطينية، ولكن هذه الدول تفتقر للتأثير الكبير على الساحة السياسية الدولية. فالدول الغربية والولايات المتحدة، التي تتمتع بأكبر قدر من النفوذ، هي في الغالب داعمة لإسرائيل بشكل عام، رغم وجود تفاوت في مستوى التأييد أو المعارضة.

وأضاف شنيكات أننا شهدنا تغييرات على مستوى الوعي الشعبي داخل هذه الدول، حيث تزايدت الحركات المؤيدة للقضية الفلسطينية، خصوصاً في أوساط الطلبة والنخب المثقفة، وهذه الحركات بدأت أساساً في الدول الغربية وانتشرت في عدد من الدول الأخرى.

الدكتور خالد شنيكات

الدكتور خالد شنيكات

استثناءات قليلة

فيما يتعلق بخطوط التحالف، يرى شنيكات أنها لم تشهد تغييرات جذرية مقارنة بفترة الحرب الباردة؛ لا تزال العديد من الدول العربية والإسلامية وأفريقيا تؤيد فلسطين، مع استثناءات قليلة. كذلك، روسيا والصين وإسبانيا وإيرلندا أظهرت مواقف مؤيدة. في المقابل، تبنت بعض الدول مواقف أكثر حيادية.

وتابع: “إجمالاً، التحالفات الدولية لم تتغير كثيراً لأن القضية الفلسطينية لا تعتبر ذات أهمية استراتيجية كبيرة على الصعيد الاقتصادي أو الأمني، فهي ذات بعد ديني وأخلاقي أكثر من أي شيء آخر، الدول الكبرى غالباً ما تدفع بمصالحها الاقتصادية أولاً، ولا ترى في فلسطين أو حتى في العالم العربي عامةً شريكاً اقتصادياً مهماً، اقتصاديات الدول العربية تعد متوسطة أو أقل من المتوسط، مما يقلل من تأثيرها في تحديد موازين التحالفات الدولية”.

تحالفات سياسية

لفت الشنيكات إلى أن : “دعم القضية الفلسطينية في بعض الدول ارتبط غالباً بحركات فكرية وشعبية داخل تلك الدول أكثر من كونه نتيجة لتحالفات سياسية أو اقتصادية دولية”.

الحرب على غزة لا تشكل فقط أزمة إنسانية وأمنية، بل هي أيضًا منعطف حاسم في إعادة تشكيل النظام السياسي العالمي، وإقامة الدولة الفلسطينية قد تكون المفتاح لحل الكثير من النزاعات وتحقيق الاستقرار، بينما الفشل في تحقيق ذلك قد يقود المنطقة والعالم إلى مواجهات أكبر.

2024

ربما يعجبك أيضا