عام على 7 أكتوبر.. مستقبل حماس وسط تحديات متزايدة

صراعات حماس الداخلية.. المقاومة أم التهدئة الطويلة؟

أحمد عبد الحفيظ
قائد حماس يحيى السنوار

بعد مرور عام كامل على حرب 7 أكتوبر، لم تقتصر تداعيات الحرب على المواجهة العسكرية مع إسرائيل فقط، بل امتدت لتشمل الصراعات الداخلية داخل حركة حماس.

هذه الصراعات أظهرت انقسامات عميقة بين الجناحين السياسي والعسكري، وأثارت تساؤلات عن مستقبل الحركة في ظل التحديات المتزايدة.

الانقسامات بين الجناح السياسي والعسكري

لطالما شهدت حركة حماس توازنًا حساسًا بين جناحيها السياسي والعسكري، إلا أن حرب 7 أكتوبر فجرت صراعات كامنة بين الطرفين، الجناح العسكري، بقيادة كتائب القسام، يظل متمسكًا بخيار المقاومة المسلحة كطريق رئيسي لتحرير فلسطين، ويعتقد هذا الجناح أن الحرب الأخيرة كانت ناجحة في توجيه ضربات مؤلمة لإسرائيل، رغم الخسائر التي تكبدها قطاع غزة.

من ناحية أخرى، بدأ الجناح السياسي، يتبنى نهجًا أكثر واقعية، هذا التيار يعترف بالتحديات الكبيرة التي تواجه قطاع غزة، بما في ذلك الحصار المتواصل والانهيار الاقتصادي، حيث يرى السياسيون داخل حماس أن التهدئة طويلة الأمد مع إسرائيل قد تكون ضرورية لتخفيف معاناة سكان غزة وضمان استمرارية حكم الحركة في القطاع.

هذا التباين في الرؤى أدى إلى توترات بين الجناحين، حيث يشعر البعض داخل الجناح العسكري أن الجناح السياسي قد يتنازل عن “المقاومة” مقابل مكاسب سياسية محدودة، بينما يرى البعض في الجناح السياسي أن استمرارية المقاومة المسلحة دون استراتيجية سياسية واضحة قد تؤدي إلى مزيد من الدمار والمعاناة للشعب الفلسطيني.

الضغوط الإقليمية والدولية

الصراعات داخل حركة حماس ليست معزولة عن السياق الإقليمي والدولي، فبعد الحرب، ازدادت الضغوط على حماس من بعض الدول العربية والإسلامية لتهدئة الأوضاع ومنع تكرار التصعيد.

قطر، التي تعتبر داعمًا رئيسًا للحركة، كانت من بين الدول التي حثت على التوصل إلى تهدئة طويلة الأمد مع إسرائيل، كما أن الدور الإيراني، الذي يعتبر من أبرز الداعمين العسكريين لحماس، لعب دورًا محوريًا في تأجيج الصراعات الداخلية.

إيران تميل إلى دعم الجناح العسكري، حيث ترى في المقاومة المسلحة وسيلة لتحقيق أهدافها الإقليمية، هذا الموقف زاد من تعقيد الصراعات الداخلية داخل حماس، حيث تشعر بعض الأطراف أن الاعتماد على إيران قد يؤدي إلى فقدان الاستقلالية في اتخاذ القرارات الاستراتيجية.

تداعيات الصراعات الداخلية

الصراعات الداخلية داخل حركة حماس لها تداعيات خطيرة على الحركة ومستقبلها، أولًا، التوترات بين الجناحين العسكري والسياسي قد تؤدي إلى انقسامات أعمق داخل الحركة، وربما تنشأ تيارات جديدة تسعى إلى استغلال هذا الانقسام لتعزيز نفوذها، وقد يؤدي هذا إلى تراجع قدرة حماس على اتخاذ قرارات استراتيجية موحدة في مواجهة التحديات المستقبلية.

كما أن الصراعات الداخلية قد تضعف قدرة الحركة على مواجهة الضغوط الإسرائيلية المتزايدة، إسرائيل تستغل هذه الانقسامات لتعزيز عملياتها العسكرية ضد الحركة، معتمدة على ضعف التنسيق الداخلي داخل حماس، كما أن تراجع وحدة القيادة داخل الحركة قد يؤثر على قدرتها في الحفاظ على علاقاتها مع الدول الداعمة، مثل إيران وقطر.

الصراعات الداخلية قد تؤثر أيضًا بشكل مباشر على سكان غزة، حيث يعاني القطاع من حصار طويل الأمد ونقص حاد في الموارد الأساسية، ومع استمرار الانقسامات داخل حماس، يزداد عدم الاستقرار في القطاع، الغزيون، الذين يعتمدون بشكل كبير على المساعدات الدولية وعمليات الإعمار، قد يجدون أنفسهم ضحايا لهذه الصراعات الداخلية، حيث يتعرضون لمزيد من التهميش والمعاناة.

مستقبل حماس

رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها حركة حماس، إلا أنها لا تزال لاعبًا رئيسًا في المشهد الفلسطيني، مستقبل الحركة يعتمد إلى حد كبير على قدرتها على حل الصراعات الداخلية وتوحيد صفوفها.

في المستقبل القريب، قد تضطر حماس إلى اتخاذ قرارات صعبة تتعلق بمسارها السياسي والعسكري، التحديات الاقتصادية والاجتماعية في غزة قد تدفع الحركة نحو قبول تهدئة طويلة الأمد مع إسرائيل، مع الحفاظ على خيار المقاومة كاستراتيجية طويلة الأجل، في المقابل، إذا استمرت الصراعات الداخلية دون حل، فقد تتعرض حماس لمزيد من الضغوط الإقليمية والدولية، مما قد يضعف موقفها في الساحة الفلسطينية.

قدرة حماس على تجاوز العقبات

الصراعات الداخلية داخل حركة حماس بعد حرب 7 أكتوبر تعكس التحديات المعقدة التي تواجهها الحركة، في ظل تزايد الضغوط الإقليمية والدولية، واستمرار معاناة سكان غزة.

ويبقى السؤال الأهم هو ما إذا كانت حماس قادرة على تجاوز هذه الصراعات وتوحيد صفوفها؟ أم أن هذه الانقسامات قد تؤدي إلى تغيير جوهري في مستقبل الحركة ودورها في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

ربما يعجبك أيضا