عبد الباسط عبد الصمد.. قرآن يفيض من نهر جارٍ

أماني ربيع

أماني ربيع

حنجرة ذهبية وصوت رنان يأسرك بترتيله لآيات الذكر الحكيم أينما كنت، إنه قيثارة السماء الذي حباه الله بموهبة جعلته يتربع في قلوب الملايين حول العالم ليصبح سفيرًا عالميًا لكتاب الله.

نشأته

في قرية المراعزة بمركز أرمنت في محافظة قنا ولد القارئ الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد سليم داود سنة 1927، ونشأ في بيئة عاشقة للقرآن الكريم، وكان جده الشيخ عبد الصمد من حفظة القرآن المجيدين، وكذلك إخوته، لذا لم يكن غريبًا أن يبدأ الشيخ عبد الباسط حفظ القرآن وهو في سن السادسة ليتمم حفظه في العاشرة، يقول في مذكراته: “كانت سني عشر سنوات أتممت خلالها حفظ القرآن الذي كان يتدفق على لساني كالنهر الجاري”.

تأثر الشيخ عبد الصمد، بالشيخ محمد رفعت، وقال عنه: “كنت أمشى مسافات طويلة جدا قد تصل إلى 5 كيلو مترات لأستمع إلى القرآن بصوت الشيخ رفعت من خلال جهاز الراديو الوحيد الموجود عند أحد أثرياء البلدة”.

بدأ صيت الطفل الصغير ذي الثانية عشرة عاماً يذيع فى قريته، فكان يُدعى لقراءة القرآن فى دوواين الكبراء من كبار القرية، بعدها ذاع صيته داخل محافظة قنا لتنهال عليه الدعوات من كبار العائلات والقبائل لإحياء ليالى قرآنية، وبخاصة فى شهر رمضان.

انضمامه للإذاعة

كان عام 1951 هو عام انضمام الشيخ عبد الباسط إلى الإذاعة المصرية واعتماده قارئًا فيها، وخلال أشهر قليلة حقق شيخنا شهرة واسعة بفضل حلاوة صوته الرنان، وزاد الإقبال على شراء أجهزة الراديو وتضاعف إنتاجها، وعُين بعد ذلك قارئًا لمسجد الإمام الشافعي سنة 1952، ثم لمسجد الإمام الحسين سنة 1958، خلفًا للشيخ محمود علي البنا.

كانت أول زيارة للشيخ عبد الباسط خارج مصر بعد التحاقه بالإذاعة إلى السعودية لأداء فريضة الحج ومعه والده، وطلب منه هناك أن يسجل عدة تسجيلات للمملكة لتذاع عبر موجات الإذاعة، فقام بتسجيل عدة تلاوات للمملكة العربية السعودية أشهرها التي سجلت بالحرم المكي والمسجد النبوي الشريف، لقب بعدها بصوت مكة.

سفير عالمي للقرآن

قرأ الشيخ عبد الباسط القرآن حول العالم من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد النبوي بالمدينة، ثم المسجد الأقصى بالقدس الشريف، والمسجد الإبراهيمي بالخليل بفلسطين والمسجد الأموي بدمشق وأشهر المساجد بآسيا وأفريقيا والولايات المتحدة وفرنسا ولندن والهند ومعظم دول العالم.
وكان استقباله في كل بلد يذهب إليه حافلًا ورسميًا على المستوى الحكومي والشعبي حيث استقبله الرئيس الباكستاني في أرض المطار وصافحه وهو ينزل من الطائرة.

وعندما زار الهند لإحياء احتفال ديني كبير أقامه أحد الأغنياء المسلمين هناك، فوجئ الشيخ عبد الباسط بجميع الحاضرين يخلعون الأحذية ويقفون على الأرض وقد أحنوا رؤوسهم إلى أسفل ينظرون محل السجود وأعينهم تفيض من الدمع يبكون إلى أن انتهى من التلاوة وعيناه تذرفان الدمع تأثراً بهذا الموقف الخاشع.

أوسمة

حصل الشيخ عبد الباسط على عدد من الأوسمة وهم “وسام من رئيس وزراء سوريا عام 1959، ووسام من رئيس حكومة ماليزيا عام 1965، ووسام الاستحقاق من الرئيس السنغالي عام 1975، والوسام الذهبي من باكستان عام 1980، ووسام العلماء من الرئيس الباكستاني ضياء الحق عام 1984، ووسام الإذاعة المصرية في عيدها الخمسين، ووسام الاستحقاق من الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك أثناء الاحتفال بيوم الدعاة في عام 1987، ووسام الأرز من الجمهورية اللبنانية”.

وفاته

كان يعاني الشيخ عبد الباسط من مرض الالتهاب الكبدي والسكر اللذين تسببا في وفاته، حيث سافر قبلها إلى الخارج ليعالج بلندن ومكث بها أسبوعاً بصحبة ابنه طارق فطلب منه أن يعود به إلى مصر، ليتوفى فيها يوم الأربعاء 30 نوفمبر 1988م، وكانت جنازته وطنية ورسمية على المستويين المحلي والعالمي، حضرها كثير من سفراء دول العالم نيابة عن شعوبهم وملوك ورؤساء دولهم تقديراً لدوره في مجال الدعوة بكافة أشكالها.

   

ربما يعجبك أيضا