عبر الزوارق المسيّرة.. هكذا قلبت أوكرانيا معادلة القتال في البحر

كيف قلبت أوكرانيا معادلة القتال في البحر مع روسيا؟

محمد النحاس
زورق مسير أوكراني

زوراق أوكرانية مسيرة غيرت معادلة القتال في البحر مع روسيا.. ما القصة؟


في صباح أحد أيام الخريف الماضي، غادرت فرقاطة بحرية روسية خليج سيفاستوبول بأمان قبل أن ينفجر بها لغم، ما أحدث فجوة في هيكلها.

بعدما جرى سحب السفينة إلى الميناء في 14 سبتمبر، أعلنت وسائل الإعلام الروسية أنها تصدّت لهجوم أوكراني بزوارق مسيرة، والتي كانت تستخدمها أوكرانيا منذ شهور لمهاجمة السفن الروسية في البحر الأسود.

هجوم غير مسبوق

بجانب الزوارق المسيرة، أفادت وسائل الإعلام الروسية آنذاك بأن أوكرانيا استخدمت سلاحًا “تجريبيًا”، حسب ما نقل تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية في 24 يونيو 2024.

ونقلت الصحيفة عن الجنرال “إيفان لوكاشيفيتش”، مهندس برنامج الزورق المسيرة الأوكرانية، قوله إن الهجوم كان الأول من نوعه في الحروب البحرية، حيث استخدمت زورق أوكراني مسيّر لغمًا بحريًا وسحبته لمسافة 250 ميلًا قبل العودة إلى الميناء.

ما هي الزوارق المسيرة؟

الزوارق المسيرة USVs هي زوارق تعمل بدون قائد بشري على متنها، ويتم التحكم فيها عن بُعد أو تكون مبرمجة مسبقًا للقيام بمهام محددة بشكل ذاتي، تُستخدم هذه الزوارق في مجموعة واسعة من التطبيقات، منها الأغراض العسكرية والمدنية والبحث العلمي.

تتكون الزوارق المسيرة من عدة مكونات رئيسية تشمل هيكل الزورق المصنوع من مواد خفيفة ومتينة مثل الألياف الزجاجية أو الألومنيوم، كما تستخدم أنظمة الدفع التي تشمل محركات كهربائية أو وقودية لتحريك الزورق.

وتعتمد الزوارق على أنظمة التوجيه والملاحة على أجهزة استشعار مثل GPS، ورادارات، وكاميرات، تسمح للزورق بالتحرك بدقة نحو هدفه وتجنب العقبات، كما تتيح أنظمة الاتصالات التحكم عن بُعد وتبادل البيانات بين الزورق والمشغل، أما الحواسيب والبرمجيات، فتقوم بمعالجة البيانات وتوجيه الزورق بناءً على المعلومات الملتقطة من المستشعرات.

إعادة تموضع

إجمالاً استخدمت أوكرانيا زوارق مسيرة لتدمير أو إتلاف حوالي 24 سفينة روسية متنوعة الأحجام، بما في ذلك الجسر الذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم والذي كان يستخدمه الروس لنقل الإمدادات إلى قواتهم في أوكرانيا.

هذا الأمر أجبر روسيا على إعادة توزيع أسطول البحر الأسود بعيدًا عن سيفاستوبول، ما أتاح لأوكرانيا إعادة تصدير السلع من ميناء أوديسا.

وفق التقرير تستخدم أوكرانيا الطائرات الزوارق المسيرة “بشكل ثوري”، مما يغير قواعد اللعبة البحرية كما فعلت الطائرات الجوية المسيرة في السماء.  هذه الزوراق رخيصة الثمن وصعبة الاكتشاف فضلاً عن إمكانية التصدي لها.

هجمات خطيرة

لوكاشيفيتش أشار إلى أن أوكرانيا تطور مجموعات من الزوارق المسيرة لتنفيذ مهام متعددة تحاكي قدرات سفينة حربية واحدة.

في 16 يوليو 2023، أطلقت أوكرانيا خمس زوارق مسيرة نحو جسر القرم، لكن الطائرات واجهت مقاومة كبيرة من الطائرات والمروحيات الروسية، أحد الزوراق اصطدم بعمود الجسر مسببًا انفجارًا هائلًا.

في 14 سبتمبر، أصابت فرقاطة “ساموم” لغمًا بحريًا، ما أحدث فجوة في هيكلها، استمرت الزوراق الأوكرانية في زرع الألغام في الأسابيع التالية، ما ألحق أضرارًا كبيرة بعدة سفن روسية أخرى، بما في ذلك سفينة الدورية “بافل ديرزهافين”.

تعزيز فاعلية القتال البحري

لوكاشيفيتش أشار إلى أن أحد الابتكارات التقنية كان استخدام خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية “ستارلينك” لتوجيه الطائرات البحرية المسيرة. ورغم التحديات التي واجهتها الزوارق الأوكرانية عند اقترابها من سيفاستوبول، مثل انقطاع الإشارة، إلا أنهم تمكنوا من التغلب على هذه المشاكل في محاولات لاحقة.

جهاز الأمن الأوكراني (HUR) الاستخباري، أيضًا يطوّر زوارق مسيرة جديدة تسمى “ماقورا”، والتي أثبتت فعاليتها في الهجمات البحرية.

الهجمات الأوكرانية بـالزوارق المسيرة أجبرت روسيا على اتخاذ إجراءات مضادة، مثل استخدام الطائرات للمراقبة ونظم الحرب الإلكترونية، كما أنها خففت الضغط على القوات البرية الأوكرانية وأثبتت فعالية الاستراتيجية الأوكرانية في استخدام الابتكار التكنولوجي في تعزيز الفاعلية القتالية.

ربما يعجبك أيضا