عجز الجيش البريطاني.. أزمة قديمة فضحتها الضربة الثلاثية

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبد النبي

بعد الضربة الثلاثية على سوريا، رصدت تقارير رقابية حديثة الفجوة التي يعانيها الجيش البريطاني من  نقص القوى البشرية منذ عشر سنوات، في الوقت الذي تتعرض فيه دول عظمى لهجمات إلكترونية على مستوى العالم، فضلًا عن التوترات الأخيرة بين بريطانيا وروسيا، الأمر الذي يُعزز عدم قدرة بريطانيا على الدخول في أي مواجهة أو حرب مستقبلية.

وبحسب التقديرات، فإن الجيش البريطاني بحاجة لأعداد كبيرة من القوى البشرية المُدربة لسد فجواته، في الوقت الذي تراجع فيه حجم العمالة بالجيش، وارتفعت نسبة الاستقالات الطوعية، ما دفع إلى الاعتماد على قوات الاحتياط والمُجندين، إلا أنها أثبتت عدم كفايتها في ظل التهديدات المتغيرة التي تواجهها المملكة المتحدة.

فجوات عددية

في تقرير للمكتب القومي لمراجعة الحسابات (NAO)، أشار فيه إلى أن الجيش البريطاني يعاني من أكبر عجز عددي في أفراده خلال العشر سنوات الأخيرة، وصلت لنسبة 26% في مجالات الاستخبارات والهندسة والسلاح الجوي، حيث يحتاج الجيش لأكثر من 8200 شخص، بينهم 2400 مهندس و800 طيار و700 محلل استخبارات.

وفي المقابل، ارتفعت نسبة المستقيلين طوعًا من القوات المسلحة من 3.8 عام 2010 إلى 5.6% في 2017، وهو ما فاقم الأزمة مع تراجع حجم العمالة بالدوام الكامل بالجيش، الأمر الذي دفع بوزارة الدفاع البريطانية للاعتماد على المُجندين صغار السن لتطويرهم وتدريبهم بمرور الزمن، وهو ما ذكرته صحف “ميرور” البريطانية.

ومن جهته، حذر المكتب القومي لمراجعة الحسابات، من التهديدات المتغيرة والمتزايدة التي تواجهها المملكة المتحدة من هجمات الكترونية من شأنها أن تُغير من القدرات والمهارات التي تحتاج إليها القوات المُسلحة البريطانية في المستقبل، فضلًا عن زيادة المطالب بعقد مزيد من الصفقات العسكرية التي تعاني نقصًا بالفعل.

وفي محاولة لمعالجة النقص، أنفقت وزارة الدفاع البريطانية أكثر من 664 مليون جنيه استرليني على هذه المناطق خلال الخمس سنوات الأخيرة، فضلًا عن تجنيد وتطوير الموظفين المهرة لمواجهة أوجه النقص التي لا زالت قائمة، حيث قامت وزارة الدفاع بتجنيد أكثر من 13000 شخص في القوات المُسلحة العام الماضي.

وبدورها، قالت “ميج هيلير” مديرة لجنة الحسابات العامة في بريطانيا، إن وزارة الدفاع بحاجة إلى نظرة فاحصة لتطوير نهجها الحالي، وتقديم طرق مبتكرة لجذب الموظفين والاحتفاظ بهم، ودون ذلك فإن المملكة المتحدة تخاطر بالمضي في ظل وجود فجوات كبيرة في القدرة والإفراط في العمل على الموظفين القادرين على العمل الجاد.

مُشاركة محدودة

جاء الحديث عن عجز الجيش البريطاني، بعد اضطرار بريطانيا للعب دور ثانوي في الغارات الجوية التي شنتها بالاشتراك مع أمريكا وفرنسا على ثلاثة مواقع أسلحة كيماوية في سوريا.

وفي هذا السياق، قلصت بريطانيا من مشاركتها بشكل كبير مقارنة بأمريكا وفرنسا، حيث شاركت بـ4 مقاتلات “تورنيدو” فقط في الهجوم الفعلي وأطلقت منها ثمانية صواريخ “ستورم شادو”، وهي مقاتلات دخلت الخدمة للمرة الأولى في عام 1979، ومن المقرر خروجها من الخدمة العام المقبل.

يضاف إلى ذلك، أن الغواصة “HMS Astute” التي انضمت للأسطول البريطاني عام 2007، لم تتمكن من إطلاق صواريخها على سوريا بفضل الغواصات الروسية التي منعتها من إطلاق الصواريخ، ودفعتها للارتطام بقاع البحر.

يأتي هذا التدخل تزامنًا مع التوتر المتزايد مع روسيا على خلفية تسميم الجاسوس الروسي “سكريبال” ودورها في دعم استخدام النظام السوري للكيماوي ضد شعبه، الأمر الذي يستدعي أهمية تعزيز وتزويد القوات المسلحة بالموظفين والمهارات، في الوقت الذي تقوم فيه روسيا والصين وأمريكا بتطوير قدراتهم الدفاعية والنووية بشكل غير مسبوق قد لا يمكن بريطانيا من أي مواجهة محتملة في المستقبل.

ويضاف إلى ذلك، الضغوطات التي يواجهها الجيش البريطاني في الخارج بما في ذلك مشاركة وحدات في القتال ضد “داعش” في سوريا والعراق، وتولى أخرى مهمات تدريب في أفغانستان والصومال، وتمركز وحدات في جزر الفوكلاند ومناطق أخرى من العالم، بحسب مجلة “national interest”.

وهنا يمكن القول: إن أزمة الجيش البريطاني ليست بالجديدة ولكنها باتت تشكل خطرًا بعد المشاركة المحدودة لبريطانيا في الضربة الثلاثية ضد سوريا، وكشفت النقاب عن عجز قطاعات ذات أهمية كبرى بالجيش وعلى رأسها القطاعات الهندسية والاستخباراتية وسلاح الجو البريطانية، الأمر الذي قد يحد من مشاركة بريطانيا في أي مواجهة أو حرب مستقبلية في ظل التهديدات المتغيرة والهجمات الإلكترونية وتحديدًا من قبل روسيا.
 
 
 

ربما يعجبك أيضا