طالبان تحاول «غسل سمعتها» بعد 20 عامًا من إزاحتها عن السلطة

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان

شهدت أفغانستان تطورات متسارعة بعد سيطرة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول، والتي تحدثت في أول مؤتمر صحفي لها، تحت أنظار العالم أجمع، الثلاثاء، عن العهد الجديد وخطط المستقبل في أفغانستان.

طمأنة الشعب الأفغاني

وفي أول محاولة لغسل سمعتها القديمة، طمأن الناطق باسم حركة طالبان، ذبيح الله مجاهد، من العاصمة الأفغانية كابول، الشعب الأفغاني قائلا: «تهانينا للشعب الأفغاني وأرجو له مستقبلا لامعا، فالحرية وتحقيق الاستقلال هو من الحقوق المشروعة لكافة البلدان»، مضيفًا: «لن تقوم بتصفية حسابات مع أي أطراف في أفغانستان».

وداخليًا، أكد ذبيح الله أن طالبان لن تخوض أي حرب في أفغانستان، وأن الحركة اتخذت قرارا بالعفو عن الآخرين، عفونا عن الجميع”.

العفو عن الجميع شمل أيضا، بحسب الناطق باسم حركة طالبان، المواطنين الذين عملوا مع الحكومة الأمريكية، مثل المترجمين وغيرهم، والجنود الذين حاربوا الحركة لمدة 20 عاما”.

وتحت مسمى «نمر بفترة تاريخية حاليا»، أعلنت الحركة اكتمال وانتهاء عداوتها لكل من واجهها في أفغانستان.

طمأنة المجتمع الدولي

ذبيح الله سارع أيضا إلى إرسال رسائل للمجتمع الدولي ودول الجوار بقوله «لن تستخدم أفغانستان من أجل إلحاق الضرر بالآخرين، ومتعهدا بأن لا تستخدم الأراضي الأفغانية ضد الآخرين».

كما أكد أن بإمكان وسائل الإعلام العالمية، العمل في ضوء الإطار الثقافي لنا.

إقامة نظام إسلامي

وحول مستقبل أفغانستان، قال مجاهد في المؤتمر الصحفي: «ما نبتغيه هو أن يطمئن الإعلام ودول العالم، بأننا نجري مشاورات مهمة، من أجل تشكيلة آلية سياسية لإقامة نظام إسلامي في أفغانستان».

وفيما يتعلق بتأمين السفارات قال: «السفارات والبعثات الدبلوماسية مؤمنة، ونواصل تأمينها، ونطمئن ممثلي البعثات الدبلوماسية بأنهم لن يتعرضوا لأذى».

وحاولت الحركة تبرئة نفسها من أعمال الشغب والسرقة التي تمت قائلة: «الحكومة السابقة خذلتنا، وأخلت المؤسسات دون إخبارنا، هم فروا وتركوا أعمالهم ومهماتهم، وهو ما سمح للمشاغبين وقطاع الطرق لإحداث الفوضى»، مؤكدة أن طالبان لا تريد حدوث فوضى في كابول خلال الأيام المقبلة، وأن الحركة طلبت من مسلحيها أن يبقوا على مداخل كابل، حتى يتم نقل السلطة بشكل سلمي.

حضور نشط للمرأة الأفغانية

كما عدلت طالبان سياستها تجاه عمل المرأة مشيرة إلى أنه سيكون هناك «حضور نشط للمرأة الأفغانية، ونطمئن العالم بأن حقوق المرأة محفوظة وفق الشريعة الإسلامية، وسيسمح لها بالعمل في البلاد».

وحول مستقبل الأقليات العرقية والدينية، أكد أن الحكومة الجديدة ستعمل على خدمة مصالح الناس، ولن تسمح لأي جهة بإثارة النعرات الإثنية.

وفي خطوة نظر لها بعض المحللين على أنها نوع من المقايضة، طلب المتحدث باسم طالبان من المجتمع الدولي “المساعدة”، عبر الاستثمار والدعم المادي، حتى تتمكن البلاد من الحصول على دخل إضافي لإنهاء تجارة وزراعة المخدرات.

تشكيك دولي

وردا على النغمات التصالحية التي ضربتها الحركة خلال المؤتمر الصحفي، قال متحدث باسم الأمم المتحدة إن المنظمة الدولية ستحتاج إلى رؤية أفعال لطالبان على الأرض في أفغانستان.

وأضاف ستيفان دوجاريك للصحفيين في نيويورك “سنحتاج إلى رؤية ما سيحدث فعلا وسنحتاج إلى رؤية أفعال على الأرض بشأن تنفيذ الوعود”.

من جهته قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن التكتل لن يتعاون مع الحكومة الأفغانية بعد عودة حركة طالبان للحكم إلا إذا احترمت الحقوق الأساسية بما في ذلك حقوق المرأة ومنعت استخدام الإرهابيين لأراضي أفغانستان.

وأضاف في بيان “التعاون مع أي حكومة أفغانية في المستقبل سيكون شريطة التوصل إلى تسوية سلمية بمشاركة الجميع واحترام الحقوق الأساسية لجميع الأفغان بما في ذلك النساء والشبان وأبناء الأقليات علاوة على احترام التزامات أفغانستان الدولية والالتزام بمحاربة الفساد ومنع استخدام التنظيمات الإرهابية لأراضي أفغانستان”.

كما أكد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس “سنحكم على طالبان استنادا إلى أفعالها”، معربا عن أسفه لعرقلة وصول أفغان يرغبون في إجلائهم إلى مطار كابول.

وقال ماس خلال مؤتمر صحافي في برلين في ختام جلسة لوزراء خارجية الاتحاد الاوروبي، “الشيء المهم هو أن تكون المرحلة الانتقالية سلمية وهذا أمر يعتمد على ما ستفعله في الواقع الحكومة الانتقالية حالما يتم تشكيلها، وإذا كان بمقدورنا الوثوق بتصريحاتها”.

سياسة طالبان القديمة

من المعروف أن الحركة ظهرت خلال الحرب الأهلية التي أعقبت انسحاب القوات السوفييتية في عام 1989، وكانت تتواجد بشكل أساسي في الجنوب الغربي ومناطق الحدود الباكستانية.

وتعهدت الحركة في البداية بمحاربة الفساد وإحلال الأمن، لكن عناصرها اتبعوا نمطا متشددا صارما من الإسلام.

وبحلول عام 1998، أحكموا سيطرتهم على جميع أنحاء البلاد تقريبا.

لقد طبقوا نسختهم المتشددة من الشريعة الإسلامية، وطبقوا عقوبات قاسية. وفرضوا على الرجال إطلاق لحاهم، وعلى النساء ارتداء البرقع وتغطية أنفسهن بالكامل. كما حظروا التلفزيون والموسيقى والسينما.

وبعد الإطاحة بهم أعادوا تنظيم أنفسهم من جديد في المناطق الحدودية الباكستانية.

وبتعداد يصل إلى 85 ألف مقاتل، يُعتقد أنهم الآن أقوى من أي وقت مضى.

ربما يعجبك أيضا