أحدث متحورات كورونا.. هل ينهي “أوميكرون” الوباء؟

أمنية قلاوون

في يناير الماضي، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن أوميكرون المعروف علميًّا باسم “B1.1.1.529” سريع الانتشار، مستشهدة بارتفاع نسب الإصابات به على مستوى العالم.

ومنذ ظهور متحور أوميكرون، في نهاية نوفمبر 2021 الماضي بجنوب إفريقيا، احتل المرتبة الخامسة ضمن متحورات فيروس كورونا المستجد كوفيد 19، المثيرة للقلق بعد “دلتا بلس”، رغم أن المقارنة في المضاعفات بين أوميكرون ودلتا بلس غير عادلة لصالح الأول.

كيف تولد نُسخ من كورونا؟

فسَّر أستاذ كلية الطب بجامعة “جون هوبكنز” وعالم الوبائيات، ستيوارت راي، التغيرات التي تحدث في الفيروس التاجي، بأنها مجموعة من التغيرات التي تستهدف الحمض النووي في الفيروس، وتحدث بالتدريج، وهو الأمر الذي يؤدي إلى حدوث طفرة في جينات الفيروس. وفي السياق ذاته أوضح “راي” أنه تولد نُسخ جديدة من فيروس كورونا أسبوعيًّا، ورغم ذلك فإن هذه النسخ ليست كلها مقلقة بالضرورة.

وأوضح عالم الوبائيات أن المقلق في تلك النسخ المتغيرة من فيروس كورونا، هو حدوث تغير في بروتين سبايك، وهو النتوءات التي توجد على سطح الفيروس والمسؤولة عن ارتباطه بالخلايا البشرية والمسؤولة أيضًا عن مهاجمتها في الوقت نفسه، والتي قد تتطور سريعًا لدى الأشخاص المصابين، ومن ثم تكثر العدوى بين البشر في المجتمع الواحد، وتنتشر بين قارات العالم المختلفة بسرعة.

جلطات في الرئة.. وما الذي نعرفه عن بروتين سبايك؟

تخيل أن جسمك في حرب يقوم فيها بدور الدفاع عن أرضه حين يدخل الفيروس إلى أماكن في الجسم تُعرف بالمستقبلات، في حين لا يقف الفيروس أعزل، فهو بدوره يهاجم أيضًا وسلاحه لاختراق تلك المستقبلات هو بروتين سبايك. ويقود صفوف الفيروس التاجي عند مهاجمة الجسم وحدة فرعية تُعرف باسم S1، مهمتها التعرف إلى المستقبل في الجسم، الذي هو عبارة عن الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين، الهرمون تفرزه الغدة الكظرية الموجودة في الدماغ.

وهذا الهرمون وظيفته تضييق الأوعية الدموية في حين تتوسط الوحدة الفرعية S2 الجيش، والتي تشن الهجوم على المستقبلات. وعلقت استشارية المناعة والبكتيريا بمستشفيات جامعة القاهرة، الدكتورة نهلة عبد الوهاب، على طبيعة هذا البروتين قائلة: “بروتين سبايك هو غطاء يُغلف الفيروس على شكل تاج”. وأضافت في مكالمة هاتفية لـ”شبكة رؤية الإخبارية”: “سبايك حينما يخترق تلك المستقبلات يتسبب في حدوث عواقب خطيرة، مثل جلطات الرئة أو تليّف في الرئة أو نزلات معوية في منطقة البطن، وغير ذلك”.

التنوُّع المناعي ومعدلات العدوى المختلفة

أوضح عالم الوبائيات أن الفيروسات تتغيَّر باستمرار، لذلك يوصي الأطباء بالحصول سنويًّا على مصل الأنفلونزا، منوهًا بأنه في حال الفيروس التاجي الذي يتحوَّر بسبب الطفرات فإن هذه المتحورات قد تستمر ولا تنتهي، وقد تختفي تمامًا. وأوضح أنه من الممكن أن تستمر متحورات الفيروس بسبب الأشخاص، لفترة زمنية معينة، ما يؤدي إلى حدوث تغيرات في تعامل الخلايا مع بروتين سبايك داخل الجسم.

ومع تطوير الفيروس لنفسه أيضًا فإنه من الممكن أن يتسبب ذلك في استمرار انتشاره في مختلف القارات. وقد صفت دورية “نيتشر” العلمية أنه في العام الأول لجائحة فيروس كورونا، توقع العلماء إصابة جميع سكان العالم بالفيروس التاجي، لكن بعد الحصول على اللقاحات المضادة لعدوى كوفيد-19 منذ العام الماضي: “أظهر هذا تنوُّعًا مناعيًّا ومعدلات مختلفة من العدوى والتعافي بين الأشخاص”.

هل ينتهي الفيروس أو يستوطن؟

يعتقد عالم الأوبئة بجامعة إدنبرة البريطانية، سيباستيان فونك، وجود حلين للفيروس التاجي، فإمَّا أن يصبح من الأمراض المستوطنة التي يمكن التعايش معها من خلال الحماية عن طريق الحصول على اللقاح. ويوضح أن هذا الحل غير مثالي، لأن هذه الطريقة تؤدي إلى مزيد من الوفيات، كما لا تتضمن الحماية الكاملة من خطر الإصابة بالفيروس التاجي لجميع أفراد المجتمع. في حين يذهب “فونك” إلى الحل الثاني وهو أن كوفيد-19 لن يصبح متوطِّنًا إلا إذا أُصيب به الأشخاص وهم أطفال.

وفي هذه الحالة التي يصاب فيها الشخص بالفيروس وهو طفل فإن ذلك يؤددي إلى تطوير مناعته طبيعيًّا وبالتدريج، بمعنى أن تكرار نسخ الفيروس وتكرار استقبال الخلايا للفيروس هما ما يطوِّران الأجسام المضادة، ويلزم عن هذا حصول كبار السن على تطعيمات مستمرة ضد العدوى. وتختتم “عبد الوهاب”: “بعض الأبحاث يتنبأ بوجود متغيرات أقوى في الأعراض”، مشددة على ضرورة الالتزام بطرق الوقاية من الفيروس التاجي.

ربما يعجبك أيضا