على حافة الركود.. اقتصاد بريطانيا يودع الملكة إليزابيث الثانية

ولاء عدلان

يتوقع بنك إنجلترا أن يدخل الاقتصاد البريطاني دائرة الركود اعتبارًا من الربع الأخير من 2022، وأن ينخفض الدخل الحقيقي للأسر على نحو حاد


أعلن مجلس الخلافة في المملكة المتحدة، اليوم السبت 10 سبتمبر 2022، تنصيب الملك تشارلز الثالث رسميًّا ملكًا لبريطانيا، خلفًا لوالدته الملكة إليزابيث الثانية.

وتبدأ بريطانيا، اليوم، مرحلة جديدة من تاريخها، وسط أزمة اقتصادية حادة بفعل عدة عوامل أبرزها ارتفاع معدلات التضخم لأعلى مستوياتها في 40 عامًا، وذلك بعد 70 عامًا من اعتلاء الملكة إليزابيث للعرش، شهد خلالها الاقتصاد البريطاني عديدًا من فترات الازدهار والكساد لكنه ظل متماسكًا.

نمو قوي وأزمات حادة

تولت الملكة إليزابيث الحكم في عام 1952 وهي صاحبة أطول فترة حكم في تاريخ بريطانيا، وخلال هذه الفترة تغيرت كثير من ملامح الاقتصاد البريطاني فتحول من اقتصاد صناعي بامتياز إلى اقتصاد يستحوذ فيه قطاع الخدمات على 80% من حجمه، وخلال الفترة 1952 – 2021 نما الناتج المحلي لبريطانيا بنحو 410%، وتحولت العاصمة لندن إلى مركز مالي يشكل رقمًا صعبًا على خارطة الخدمات المالية عالميًّا.

وشهدت بريطانيا في عهد إليزابيث عديدًا من الأزمات الاقتصادية لكنها تمكنت من الحفاظ على استقرارها والعبور بأمان، وكان أبرزها الأزمة المالية العالمية 2008 وأزمة البريكست، وقبل رحيل الملكة بأيام فقط تراجع اقتصاد البلاد إلى المرتبة الـ6 عالميًّا مع تفوق الهند، المستعمرة البريطانية سابقًا، لتحتل المرتبة الـ5، في إشارة إلى تباطؤ الإنتاجية الذي يهيمن على الاقتصاد البريطاني، وفق روتيرز.

1x 1 1

مسار النمو الاقتصادي في عهد إليزابيث

تأثير الملكة

بنظرة موسعة لمؤشرات اقتصاد المملكة نكتشف حقيقة مفادها أن الملكة إليزابيث تركت اقتصاد البلاد يعاني من ضعف قريب الشبه مما كان عليه عندما تولت الحكم قبل 70 عامًا، ففي عام 1952 بلغ سقف الدين الحكومي نحو 200% من الناتج المحلي للبلاد، والآن لا يزال هذا السقف مرتفعًا أيضًا، ويتجه إلى 100% من الناتج المحلي، وبالنسبة للتضخم فكان في بداية عهد إليزابيث في حدود 11% والآن هو عند مستوى 10.1%، لكن الملكة الراحلة أدت دورًا لا يمكن إنكاره في دعم استقرار البلاد، وفق بلومبرج.

وأسهمت إليزابيث بالتزامها التام بالدستور الذي يحظر تدخلها في عمل السلطة التنفيذية، في بناء سمعة بلادها عالميًّا وجذب المستثمرين الدوليين، فخلال 2021 كان لدى بريطانيا نحو 993 مشروعًا ممولًا باستثمارات أجنبية مباشرة، ودعمت إليزابيث أيضًا تحول بلادها إلى اقتصاد خدمات بامتياز، وأدت العائلة المالكة خلال فترة حكمها دورًا كبيرًا في الترويج للعلامات التجارية البريطانية وللسياحة، وقدرت دراسة لـ”براند فاينانس” في 2017 أن العائلة المالكة تضيف سنويًّا نحو 1.7 مليار دولار للاقتصاد الوطني.

211105125700 video only restricted how qeii changed the monarchy exlarge 169

بريطانيا تواجه أزمة قاسية

قال المعهد الوطني للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية في بريطانيا خلال أغسطس إن مرحلة الركود الاقتصادي بدأت بالفعل وأن عدد الأسر البريطانية التي ستكافح لتحمل تكاليف المعيشة سيتضاعف إلى 7 ملايين أسرة بحلول 2024، من جانبه توقع بنك إنجلترا في يوليو أن تدخل البلاد دائرة الركود اعتبارًا من الربع الأخير من هذا العام وسط توقعات بتجاوز التضخم لمستوى 13%.

وتوقع البنك أيضًا أن ينخفض الدخل الحقيقي للأسر على نحو حاد في 2022 و2023، وبحسب بيانات صندوق النقد الدولي تتجه بريطانيا لتسجيل نمو بنحو 0.5% فقط خلال 2023، بفعل الضغوط التضخمية التي يغذيها في الوقت الراهن تراجع قيمة الإسترليني، ففي نهاية الأسبوع الماضي سجل أدنى مستوياته في 37 عام مقابل الدولار قبل أن يرتفع قليلًا أمس الجمعة إلى 1.16 دولار.

download 1

خطة إنقاذ

جاءت وفاة الملكة إليزابيث بعد ساعات قليلة من إعلان رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة ليز تراس عن تجميد ارتفاع فواتير الطاقة البريطانية لمدة عامين اعتبارًا من أكتوبر، في خطة إنقاذ بنحو 172 مليار دولار تستهدف مساعدة ملايين الأسر والشركات التي تعاني من ارتفاع أسعار الطاقة الذي دفع دراسة لجامعة يورك إلى التحذير من احتمالات أن يعاني نحو 58% من الأسر من فقر في الوقود بحلول 2023.

وخلال يوليو ارتفعت فاتورة دعم الحكومة لتكاليف المعيشة إلى نحو 43.4 مليار دولار، ضمن خطط للحد من التداعيات الاجتماعية لارتفاع التضخم المتصاعد، وفي حين تتوقع وزارة الخزانة البريطانية أن تسهم خطة تراس لدعم الطاقة في خفض التضخم بمقدار 4-5%، يحذر اقتصاديون من أنها قد تقوض مساعي بنك إنجلترا لكبح التضخم حال قابلها ارتفاع في الإنفاق الاستهلاكي للأسر، وفق “سي إن إن”.

BRITAIN POLITICS CONSERVATIVES ROYALS 10 1662467466499 1662467466499 1662467561366 1662467561366

الملكة إليزابيث أثناء تكليف ليز تراس برئاسة الحكومة

ربما يعجبك أيضا