عمالة الأطفال في الأردن.. ظاهرة تتفاقم وإجراءات مكافحة «لا تفلح»

علاء الدين فايق

الأردن صادق على أهم الاتفاقيات الدولية في مجال مكافحة عمل الأطفال، لكن هذا لم يفلح في الحد من المشكلة.


كشف تقرير حديث عن ارتفاع عدد الأطفال في سوق العمل الأردنية، إلى 100 ألف، يعمل نحو 50% منهم بأعمال تصنف بالخطرة.

وحذر التقرير، الذي صدر عن بيت العمال للدراسات بالأردن، من أن بقاء معدلات الفقر والبطالة مرتفعة بنسب غير مسبوقة، واتساع حجم العمالة غير المنظمة، يدفع باتجاه تزايد قياسي لأعداد الأطفال العاملين.

أسباب عمالة الأطفال في الأردن

بنى بيت العمال تقديراته هذه على ما وصفه بغياب الحلول الفاعلة لمشكلة البطالة، التي وصل معدلها خلال عام 2021 إلى 24.1%، وتوقعات بقاء أكثر من 435 ألف متعطل عن العمل دون وظائف، ما يؤثر سلبًا في قدرة ما يقرب من 2.5 مليون مواطن يعيلونهم على توفير الدخل اللازم لتأمين الحد الأدنى لمتطلبات معيشتهم، ويدفع العديد من الأسر للزجّ بأطفالها إلى سوق العمل.

ووفق أرقام المسح الوطني لعمل الأطفال، للعام 2016، فإن عدد الأطفال العاملين في الفئة السنية من 5 إلى 17 سنة، بلغ قرابة 76 ألف طفل، 80% منهم أردنيون، وأن أكثر من 45 ألفًا من الأطفال العاملين يعملون في أعمال تصنف بأنها خطرة، وفق معايير العمل الدولية وقانون العمل.

إحصاءات عمالة الأطفال

أشار التقرير إلى أن أبرز النشاطات الاقتصادية، التي يعمل بها الأطفال، تتمثل في تجارة الجملة والتجزئة، وإصلاح المركبات، والزراعة، والصناعات التحويلية، والإنشاءات، موضحًا أن القطاع الزراعي يستخدم بقدر أكبر الأطفال في سن 5 إلى 11 عامًا، بما يمثل 56% من العاملين بهذه السن، في حين تتجه الفئة السنية 15 إلى 17 عامًا للعمل بنسب أكبر في الصناعات التحويلية والإنشاءات والبيع وإصلاح المركبات.

وبين التقرير أن متوسط أجور مجمل الأطفال العاملين يبلغ 171 دينار شهريًّا، وما يقرب من 5 دنانير يوميًا، أي أقل من 10 دولارات، وأنهم يتعرضون لمخاطر متعددة على صحتهم وسلامتهم، من أهمها الغبار والدخان، والضجيج، والحرارة العالية، والأدوات الخطرة، والمواد الكيماوية، إضافة إلى الإيذاء النفسي والبدني، والإهانات المتكررة والصراخ والانتقادات.

مكافحة عمل الأطفال لم تفلح

بشأن مدى احترام الأردن لمعايير العمل الدولية الخاصة بعمل الأطفال، أوضح التقرير أن المملكة صادقت على أهم الاتفاقيات الدولية في مجال مكافحة عمل الأطفال، ومع هذا لم يفلح ذلك في الحد من هذه المشكلة، التي قال إنها ما زالت تتفاقم سنويًّا.

وأشار إلى أن نسبة المخالفات المضبوطة، التي تبلغ سنويًّا ما يقرب من 500 حالة، ضئيلة جدًا مقارنة بالعدد الفعلي للأطفال العاملين، ولا تتجاوز نسبتها 0.5% من حجم عمالة الأطفال، في وقت افتقدت فيه السياسات والبرامج الخاصة بالحد من عمل الأطفال للتنسيق الفعال بين الجهات المعنية لتنفيذها.

توصية بإجراءات عاجلة

أوصى تقرير بيت العمال للدراسات بالأردن بضرورة إعادة تشكيل الفريق الوطني لعمل الأطفال، ووضع آلية عمل محكمة لمهامه وصلاحياته وفعاليتها، وتضمن دورية اجتماعاته، وكذلك تحديث الإستراتيجية الوطنية للحد من عمل الأطفال، واعتمادها من مجلس الوزراء، بحيث تكون ملزمة لجميع الجهات ذات العلاقة.

وكذلك أوصى باتخاذ إجراءات عاجلة على مستوى السياسات الاجتماعية، للمساهمة في التصدي لهذه المشكلة، وتطوير سياسات الحد من الفقر، وتحسين الظروف الاقتصادية لأسر الأطفال المعرضين للانخراط في سوق العمل. وطالب بتطوير سياسات الحد من البطالة، وشمول عمال المياومة والعاملين لحسابهم الخاص بمظلة الضمان الاجتماعي.

وشدد التقرير، في توصياته، على تفعيل تطبيق نظام عمال الزراعة، الذي ما زال غير مطبق منذ صدوره العام الماضي 2021، وربط الأسر المتضررة بشبكات الأمان الاجتماعي، وتطوير نظام متابعة لأسر الأطفال العاملين والمشردين، لتقديم الدعم الاجتماعي والإرشادي لهم.

ربما يعجبك أيضا