عمران خان.. رجلٌ لم تَغِب عنه الأضواء

من لاعب كريكت إلى ناشط اجتماعي ثم سياسي وأخيرًا رئيسًا لوزراء الباكستان، مرَّت مسيرة عمران خان بعدة تحولات على الصعيد المهني والديني، ولمع في الرياضة كما في السياسة.

اسمه الكامل عمران أحمد خان نيازي. أطلقَ صرخة الحياة الأولى في مدينة لاهور يوم 5 أكتوبر 1952، وفيها تابع تحصيله الدراسي ثم سافر إلى بريطانيا لاستكمال دراسته الجامعية أوائل السبعينيات، حيث درس الفلسفة والسياسة والاقتصاد في أكسفورد.

الوجوه المتعددة لعمران خان

ينحدر خان من عائلة ثرية وفرت له فرصة الدراسة في مدارس النخبة الباكستانية وأمَّنَت له تنشِئةً غنية ثقافيًّا وفكريًّا ورياضيًّا، والعائلة نفسها فيها أسماء لامعة في الرياضة، اثنان من أبناء عمومته قادا منتخب الكريكت الوطني، لاحقًا سيحمل خان شارة القيادة ذاتها ويحصل مع المنتخب على لقب كأس العالم في الكريكت عام 1992، وتتسع شهرته أكثر من ذي قبل.

بعد اللقب العالمي وعند ذروة المجد الرياضي، اعتزل خان الرياضة، لكنَّه لم يخرج من الفضاء العام وكرَّس نفسه لأعمال الخير في بلده، وشهدت هذه الفترة أيضًا تحوّلًا على الصعيد الديني والروحي ليتحول إلى الصوفية، ومن حياة لا يمكن وصفها بالتقية والقويمة إلى حياة التقوى والاستقامة والمُحافَظة. ساهم خان من خلال الأعمال الخيرية في بناء أول مشفى لعلاج مرضى السرطان في لاهور، حمل اسم والدته شوكت خانوم، وافتتحه في عام 1994.

الوجه الأخير؟

بعد التقوى ومحبة الخير والشعبية والشهرة الواسعة لن نُفاجأ بأنَّ الرجل سيولي وجهه شطر عالم السياسة على غرار غيره من المشاهير. وبدأت حياة خان السياسية في 1996 بتأسيسه حزب حركة الإنصاف الذي لم يحقق في البداية نجاحًا انتخابيًّا إلا بعد 8 سنوات في انتخابات البرلمان عام 2002 وشغل لأول مرة منصب نائبٍ فيه.

تمحور خطاب خان السياسي حول رفض الفساد ونقدًا متوصلًا لأداء الحكومة والمؤسسات والتفاوت الاقتصادي وسياسات الحكومة، ولم يكتفِ بسلاح النقد بالكلمة، بل نزل إلى الشارع متظاهرًا في عدة مناسبات أيضًا، علاوة على هذا انتقد النخبة السياسّية والاقتصاديّة في البلد متهمًا إياها بتقليد الغرب وفقدان صلتها بتقاليد بلدها وتراثه. في 2018 وبعد ماراثون من النشاط السياسي استمر لمدة 22 عامًا، تكللت جهود خان بالنجاح بعد حملة انتخابية تركزت على مكافحة الفساد والحد من الفقر وحقق حزبه أغلبيةً برلمانية ضمنت له منصب رئاسة الوزراء.

خان في الوزارة

أظهر خان نزعة وطنية وموقفًا نقديًا تجاه أمريكا وأوروبا، وخلال عمله في رئاسة الوزراء تحوّل عن الغرب نحو الشرق وصرَّح بأنَّ بلاده لن تكون وقود حرب لدولٍ أخرى. يتركز عمل خان في السياسة على إصلاح الداخل والابتعاد عن المشاكل والصراعات الخارجية، بحسب ما نقل موقع الجزيرة الإنجليزي عن أستاذ العلوم السياسية في جامعة لاهور رسول بخشرئيس.

عمران خان رئيس الوزراء الباكستاني

خلال 3 سنوات منذ توليه لرئاسة الوزراء حققت الباكستان منجزات عدة أوردها تقرير حكومي عرضه وزير الإعلام الباكستاني، فؤاد شودري، في احتفالٍ، وكان أبرزها تخفيض عجز الحكومة من 20 مليار دولار إلى 1.8 مليار دولار، ورفع حجم التحصيل الضريبي بمقدار ألف مليار روبية تقريبًا، وارتفاع الحوالات من الحارج بمقدار 10 مليارات تقريبًا، وحسب خان لا يزال أمام الحكومة الكثير من العمل لرفع مستوى جودة حياة المواطن العادي.

أخيرًا، تعرض المشهد السياسي الباكستاني خلال الأيام الماضية لهزة كادت تطيح بخان، ويرجعها هو إلى مؤامرةٍ أمريكية بسبب سياسته المناهضة لها، وعجز البرلمان عن حجب الثقة عنه وترتب على ذلك أن حل خان البرلمان ودعا إلى إجراء انتخاباتٍ مبكرة في البلاد، لكنَّ التوترات لا تزال مخيمة في البلاد ومصيرها سيتضح في الأيام المقبلة.