عملية النصيرات.. هكذا تمكنت إسرائيل من تحرير الرهائن الأربعة

كيف تمكنت إسرائيل من تحرير الأسرى الأربعة؟

محمد النحاس

يمكن القول أن العملية التي وقعت ظهر السبت، بدأت مساء أمس، عبر عمليات خداع حيث شرعت القوات الإسرائيلية باستهداف جنوب شرق المنطقة الوسطى عبر قصف مكثف ومحاولات تقدم للدبابات، لتباغت العناصر الفلسطينية فيما بعد بهجوم من جهة مغايرة


بشكل عام عادةً ما تجري المهام الاستخبارية الدقيقة المرتبطة بعمليات “خلف خطوط العدو” تحت ستار الليل، وكذلك الأمر بالنسبة للمهام الخاصة التي تنفذها إسرائيل.

لكن وفي وضح النهار، تمكنّت قوات الكوماندز الإسرائيلية من تحرير 4 رهائن، وذلك بعد عملية خداع أدت في نهاية المطاف إلى إخراج المحتجزين أحياء، وفي حين تفاخر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالخطوة، اعتبر خبراء أنّ تحرير هذا العدد بعد 9 أشهر من الحرب الوحشية دليل فشل وليس نجاح، وفق تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية.

عملية مركبة

عملية إسرائيلية كبيرة، لم تقتصر القوات المشاركة فيها على وحدة اليمام، وهي قوات كوماندز متخصصة في تنفيذ العمليات الدقيقة مثل الاغتيالات والاعتقالات في مناطق مكتظة بالفلسطينية، بل شملت العملية عناصر جهاز الشاباك، بالإضافة إلى وحدات من الجيش.

ولم يقف الأمر هنا، فقد شارك في العملية واسعة النطاق بمخيم النصيرات، الطيران الحربي، والمروحيات، ناهيك عن سلاح المدفعية والبحرية، ووحدات المشاة. ووصفها الجيش الإسرائيلي بـ”العملية المركبة”.

cf5d1658 8e16 4839 88e5 86ed2f1d5a31

يمكن القول إن العملية التي وقعت ظهر السبت 9 يونيو 2024، بدأت مساء اليوم السابق، عبر عمليات خداع، حيث شرعت القوات الإسرائيلية باستهداف المنطقة الوسطى عبر قصف مكثف ومحاولات تقدم للدبابات.

عملية تضليل

لم يقتصر عنصر المفاجأة في اختيار التوقيت فحسب، بل كذلك في القيام بعملية خداع لتضليل المقاتلين الفلسطينيين.

استهدفت هذه الهجمات عبر جنوب شرق المنطقة الوسطى لمدينة دير البلح، ما أعطى انطباع بأن توغل كبير بصدد الحدوث في المنطقة، ودفع الكتائب المُدافعة للتأهب وحشد قواتها لصد الهجوم الكبير المرتقب.

منطقة مكتظة

كما كان هناك قصف مكثف عبر المدفعية استهدف الجانب الشرقي لدير البلح، والذي يوازي شارع صلاح الدين الواصل بين شمال وجنوب قطاع غزة، ونشر الفلسطينيون يوم الجمعة مشاهد التصدي لمحاولات توغل القوات الإسرائيلية شرقي المدينة الفلسطينية.لكن لم يكن هناك هجوم كبير يستهدف دير البلح.

لكن جاءت عملية تحرير الرهائن عبر شمال المنطقة الوسطى وتحديدًا في مخيم النصيرات، المكتظ بالسكان، وأدت العملية لسقوط المئات من الفلسطينيين بين قتيلٍ وجريح.

وزاد من اكتظاظ مخيم النصيرات والمنطقة الوسطى عمومًا أنها جزء من المناطق الآمنة المفترضة، وقد نزح لها مئات الآلاف مع توغل القوات الإسرائيلية لمدينة رفح الجنوبية.

كيف بدأ الهجوم؟

بالعودة لمجريات العملية، وفي حوالي الساعة 11.30 صباحًا، هاجمت أفراد القوة الإسرائيلية الخاصة المخيم واستخدموا للتمويه شاحنة مساعدات وسيارة أخرى تحمل بعض المستلزمات تشبه سيارات النازحين.

في غضون ذلك، هاجمت وحدات الجيش المخيم من كافة الاتجاهات، تحت غطاء من قصف جوي ومدفعي عنيف، وقد أودى الهجوم بحياة أكثر من 200 فلسطيني وأصاب المئات.

واقتحمت القوة الخاصة المتسللة بنايتين من 3 : 4 أدوار بالقرب من السوق وسط المخيم، في وقت متزامن، وتمكنوا من تحرير الرهائن، وأصيب أحد ضباط وحدة اليمام، ولقى حتفه فيما بعد.

محاولة للتصدي

طاردت قوة فلسطينية القوة الإسرائيلية، وتمكنت من إعطاب إحدى السيارات، كما فشلت مروحية في الهبوط للقيام بعملية إجلاء تحت نيران المقاتلين الفلسطينيين، لكن تدخلت قوة أخرى من الجيش وتمكنت من إخراج الرهائن بأمان وجرت عملية الإجلاء قرب الشاطئ المُتاخم للمخيم.

ومن غير الواضح إذا ما كانت المجموعات الفلسطينية المسلحة ستتمكن من صد الهجوم إذا لم تحدث عملية التمويه الإسرائيلية التي سبقت العملية، وحسب القسام، الجناح العسكري لحماس، فقد أودت العملية بحياة 3 رهائن آخرين، أحدهم يحمل الجنسية الأمريكية.

3861716e bca9 4ed7 97b4 60494a309b44

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاجاري، إن توقيت العملية في وضح النهار الذي لم يتوقعه الخاطفون، قدم ميزة تبرر مقدار المخاطرة.

مشاركة أمريكية

بحسب ما نقل موقع “أكسيوس” عن مسؤول أمريكي، شاركت خليّة أمريكية في العملية، لكن مسؤول آخر نفى في تصريحات لشبكة “سي إن إن”، مشاركة “قوات أمريكية على الأرض” في تحرير الرهائن الأربعة، وأن المساعدة جاءت عبر تقديم المعلومات الاستخبارية.

وتضاربت الأنباء عن دور محتمل للرصيف الأمريكي الذي تقول الولايات المتحدة إنها شيدته بهدف نقل المساعدات إلى سكان القطاع.

من جانبها، اعتبرت حركة حماس أن العملية “الوحشية البربرية” والتي جاءت بعد 9 أشهر من بدء الحرب تعبر عن فشل قوات الاحتلال ولا تعد نجاحًا، في حين رأى العديد من الخبراء أنها ليست سوى “نجاح عملياتي محدود”.

مخاوف من توظيف سياسي

بطبيعة الحال سارع نتنياهو لاستغلال الحادثة في تأكيد نجاعة النهج العسكري، رغم أن الهجمات العسكرية الإسرائيلية أودت بحياة العديد من الرهائن، ما يعزز احتمالية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يسعى لإطالة أمد الحرب لأغراض سياسية، وهو اتهام لم يردده خصومه الإسرائيليين في الداخل فحسب، بل وحتى حلفاءه الأمريكيين.

736a379c 0ef2 4966 96c5 9699717a54bb

وفي بيان تلى الحادثة، أبدى أهالي الرهائن مخاوفهم من التوظيف السياسي للعملية، وأن تستغلها الحكومة لعدم عقد صفقة رهائن مع حماس، علاوة على مخاوف وسطاء المحادثات بأن تقود العملية لزيادة التعنت الجانب الإسرائيلي.

وكانت العملية مأساوية بكل المقاييس، فقد تفاجئ سكان المخيم والنازحين بقصف عشوائي مكثف، وبهجمات من كل حدب وصوب وسقط مئات الفلسطينيين بين قتيل وجريح، ووصف البعض الأحداث بأنها كأنها “يوم القيامة” أو كأن “الحرب بدأت اليوم”، ومن الناحية العسكرية لا تعدو العملية كونها نجاح تكتيكي في حرب طويلة الأمد مليئة بالمنعطفات ولا تحمل أكثر من المفاجئات.

ربما يعجبك أيضا