عنف وتهجير.. ماذا يحدث للفلسطينيين في الضفة الغربية؟

الفلسطينيون في الضفة الغربية يواجهون أكبر حملة تهجير منذ عقود

آية سيد
عنف وتهجير.. ماذا يحدث للفلسطينيين في الضفة الغربية؟

يستغل المستوطنون غطاء الحرب في غزة لـ"إعادة رسم الخريطة الديموجرافية للضفة الغربية" وتهجير الفلسطينيين.


كشف تقرير لمجلة فورين بوليسي الأمريكية، عن أن المستوطنين الإسرائيليين يستغلون الصراع الدائر في غزة لإعادة رسم خريطة الضفة الغربية.

ولفت التقرير، المنشور أمس الأربعاء 8 نوفمبر 2023، إلى أنه في ظل الانشغال الدولي بما يحدث في قطاع غزة، يُصعّد المستوطنون اليهود في الضفة الغربية المحتلة، مدعومين بالجنود الإسرائيليين، جهودهم لتهجير التجمعات السكانية الفلسطينية الضعيفة، في أكبر حملة تهجير منذ عقود.

إعادة رسم الخريطة

قال مدير ومؤسس منظمة “كيريم نافوت”، التي تراقب أنشطة الاستيطان، درور إيتكس، إنه منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي، يستغل المستوطنون غطاء الحرب لـ”إعادة رسم الخريطة الديموجرافية للضفة الغربية”.

وفي تصريح للمجلة الأمريكية، أوضح أن الفكرة هي طرد الفلسطينيين من “المنطقة ج”، وهي المنطقة الداخلية الريفية في الأراضي المحتلة، التي يعتبرها المجتمع الدولي أساس الدولة الفلسطينية المستقبلية، وحصرهم في جيوب داخل “المنطقة أ”، التي تضم المراكز الحضرية في الأراضي الفلسطينية.

استغلال الحرب

رغم أن محاولات الضغط على الفلسطينيين لمغادرة “المنطقة ج” ليست جديدة، قال إيتكس إن بعض المستوطنين والمسؤولين الإسرائيليين اليهود يرون حرب حماس وإسرائيل فرصة لتوسيع المبادرة عبر تصعيد حدة العنف وترهيب الفلسطينيين.

عنف وتهجير.. ماذا يحدث للفلسطينيين في الضفة الغربية؟

ارتفاع عنف المستوطنين في الضفة الغربية

أشار التقرير إلى انتشار دعوات الطرد الجماعي للفلسطينيين من منازلهم في الضفة الغربية وغزة منذ بدء الحرب مع حماس، الشهر الماضي، في ما وصفته الجماعات الحقوقية بأنه “عملية تعميم للتهجير في الخطاب الإسرائيلي”.

ولعل أحد الأمثلة الصارخة على ذلك هو مقترح تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر، الذي رفضته القاهرة بقوة. وكذلك دعوات التهجير الجماعي التي روّج لها مشرعون متشددون، مثل عضو حزب الليكود، آريلل كالنر، الذي دعا إلى تكرار “النكبة”.

ارتفاع العنف

تخشى الجماعات الحقوقية أن يساعد هذا الخطاب في إضفاء الشرعية على العنف ضد المدنيين الفلسطينيين. وحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، شهدت هجمات المستوطنين ارتفاعًا كبيرًا في أثناء الحرب، من 3 إلى 7 هجمات في اليوم، في المتوسط.

والجيش الإسرائيلي متورط أيضًا في العنف، بمشاركة قوات الأمن في، أو مرافقتها لـ، نصف هجمات المستوطنين تقريبًا، وفق المنظمة الأممية.

ولفت تقرير فورين بوليسي إلى أنه في جنوبي جبل الخليل، المنطقة الرئيسة للتهجير حتى الآن، يقول النشطاء الفلسطينيون والإسرائيليون إن المستوطنين يقتحمون المنازل، ويضربون المدنيين، ويطلقون النار، ويقطعون الكهرباء، ويغلقون الطرق، ويُصدرون تحذيرات نهائية بالمغادرة أو القتل.

ترهيب الفلسطينيين

حسب منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية، جرى إخلاء نحو 15 تجمعًا سكانيًا، في جنوبي جبل الخليل، ووادي الأردن، ومناطق الرعي شرقي رام الله، وهي مناطق تضم 133 عائلة، منذ 7 أكتوبر، مع تعرض المزيد لتهديدات المستوطنين.

وروى أحد الفلسطينيين الذين تعرضوا للتهجير معاناته لمجلة فورين بوليسي. وقال عيسى أبو الكباش، الذي يبلغ 77 عامًا من العمر، إن المستوطنين ضربوه، وأجبروه على مغادرة منزله في 13 أكتوبر.

وبينما كان الرجل المسن يتحدث للمجلة، ظهر جنود إسرائيليون، وقاطعوا الحوار، واعتقلوه بصحبة آخرين، من ضمنهم 4 صحفيين وناشطًا إسرائيليًا. وحسب التقرير، قال أحد الجنود، في إشارة للفلسطينيين: “يجب أن يشعروا بالخوف وإلا سيقتلوننا”. ثم وصلت الشرطة بعد 30 دقيقة وأطلقت سراح الجميع.

مزاعم إسرائيلية

عند سؤاله عن انخراط الجنود والمستوطنين الإسرائيليين في أعمال عنف ضد المدنيين الفلسطينيين، انفعل نائب رئيس الكنيست، موشيه سولومون، الذي كان يرأس لجنة فرعية معنية بالضفة الغربية حتى الأسبوع الماضي، قائلًا إن الفلسطينيين يشكلون “تهديدًا مستمرًا” على الإسرائيليين الذين يعيشون في الضفة الغربية.

وفي سياق متصل، وصف رئيس مجلس جنوب جبل الخليل الإقليمي، يوتشاي دامري، التقارير المتداولة بشأن خطط المستوطنين لتهجير الفلسطينيين من “المنطقة ج” إلى “المنطقة أ” بأنها “هراء”. إلا أن روايات الفلسطينيين ومقاطع الفيديو التي صورها بعض النشطاء الإسرائيليين تحكي رواية أخرى، وفق فورين بوليسي.

تحذيرات من تفاقم الوضع

تعقيبًا على ما يحدث، أصدرت حوالي 30 جمعية حقوقية إسرائيلية مناشدة مشتركة الأسبوع الماضي، دعت فيها إلى ضرورة مراقبة التهجير الحالي للفلسطينيين في الضفة الغربية من كثب. وقال المدير المشارك لمنظمة “أوفيك: المركز الإسرائيلي للشؤون العامة”، يهودا شاؤول، إنه “في ظل غياب الضغط الدولي الجاد لتهدئة الأمور، ستتسارع وتيرتها”.

وفي السياق ذاته، قال الرئيس السابق للدائرة الأمنية والعسكرية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس جلعاد، إن ما يحدث “يضر بالأمن، وهي ظاهرة غير مقبولة يجب معالجتها”.

لكن الأستاذ الفخري في العلوم السياسية بجامعة بار إيلان الإسرائيلية، مناحم كلاين، استبعد اتخاذ إجراء جاد ضد المستوطنين، لافتًا إلى أن “الحركة الاستيطانية تمثل المؤسسة في إسرائيل اليوم”، مضيفًا أنه لا فرق بين القيادة الاستيطانية والحكومة، ولذلك فإن “العنف يعكس رغبة الحكومة”.

ربما يعجبك أيضا