غانا أول اختبار.. خطوة صينية غربية لتخفيف أزمة الديون في إفريقيا

آية سيد
خطوة صينية غربية لتخفيف أزمة الديون في إفريقيا

لطالما تذمرت الحكومات الغربية من إقراض الصين لدول إفريقيا، متهمين إياها بدفع الدول الإفريقية إلى فخ الديون بغرض التحكم في سياساتها أو السيطرة على أصولها.


دخلت غانا التاريخ منذ أكثر من 6 عقود عندما قادت موجة دول إفريقيا جنوب الصحراء التي نالت استقلالها.

واليوم، قد تدخل غانا التاريخ مجددًا كأول حالة اختبار لنهج جديد يهدف إلى تخفيف عبء الديون. فحسب تقرير لمجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية، تغلبت الصين والحكومات الغربية على أول حاجز أمام إعادة هيكلة مليارات الدولارات المستحقة على بعض الدول.

حزمة إنقاذ

في 17 مايو الجاري، وقّع صندوق النقد الدولي على حزمة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار لغانا وصرف على الفور الشريحة الأولى بقيمة 600 مليون دولار.

وحسب تقرير “ذي إيكونوميست”، في 18 مايو 2023، أصبح هذا ممكنًا فقط من خلال تأكيدات الدائنين الثنائيين، تحديدًا الصين، ونادي باريس الذي يتكون من دول غربية ثرية، بأنهم سيتحملون الخسائر على قروضهم لغانا. لكن الضمانات تحتاج إلى أن تصبح واقعًا إذا كانت الدول المثقلة بالديون ستحصل على شطب الديون الذي تحتاج إليه.

ولفتت المجلة البريطانية إلى أن الكثير من البلدان الإفريقية الأخرى تحتاج إلى المزيد من المساعدة من الجميع، لأن عبء الديون المتصاعد سيُجبر الحكومات الإفريقية على خفض الاستثمارات الأساسية في التعليم والصحة، ما يقوّض التقدم الذي تحقق في السنوات الأخيرة.

اقرأ أيضًا| الصين والبنك الدولي يستكشفان الحلول لمأزق أزمة الديون

اتهامات للصين

لطالما تذمرت الحكومات الغربية من إقراض الصين لدول إفريقيا، متهمين إياها بدفع الدول الإفريقية إلى فخ الديون بغرض التحكم في سياساتها أو السيطرة على أصولها. وعلى الرغم من أن بعض الديون كانت طائشة أو مرهقة، فإن هذه الانتقادات غير منصفة إلى حد كبير، على حد وصف “ذي إيكونوميست”.

هذا لأن الصين موّلت الطرق، والموانئ، والسكك الحديدية، وغيرها من البنية التحتية الضرورية، عندما كان المقرضون من القطاع الخاص والدول الأخرى غير راغبين في فعل ذلك.

لكن، وفق المجلة البريطانية، يمكن اتهام الصين بعدم الانسحاب في الفترة الأخيرة عندما حاول صندوق النقد الدولي والدائنون الغربيون تقديم طوق نجاة لدول مثل زامبيا ومالاوي، التي وجدت نفسها تغرق في الديون.

سبب الخلاف

أفادت “ذي إيكونوميست” أن الصين جادلت بأنها لا ينبغي أن تتحمل الخسائر في إعادة هيكلة الديون لأن قروضها كانت في أغلب الأحيان مرتبطة بمشروعات محددة، مثل الطرق أو السكك الحديدية أو الموانئ، التي تحقق عوائد إيجابية للدولة المقترضة.

وكذلك أبدت بكين انزعاجها من اضطرارها إلى تكبد خسائر على قروضها، إلى جانب كل الدائنين الثنائيين ومن القطاع الخاص، في حين تُسدَد قروض البنك الدولي بالكامل.

ووفق المجلة، هذا جعل الصين على خلاف مع الدول الغربية، التي تقول إن البنوك متعددة الأطراف تحتاج إلى الحفاظ على مكانتها المتميزة للاحتفاظ بتصنيفاتها الائتمانية المرتفعة التي تسمح لها بالاقتراض والإقراض بتكلفة زهيدة.

الخروج من المأزق

يبدو أن الصين ونادي باريس توصلا إلى حل وسط لهذا المأزق، حسب “ذي إيكونوميست”. وفي مقابل موافقة الصين على تحمل الخسائر، من المتوقع أن يقدم البنك الدولي منحًا إضافية وقروضًا ميسرة جديدة بفائدة منخفضة.

وستصبح غانا أول اختبار لهذا الحل الوسط، على الرغم من سهولته نسبيًّا. هذا لأن غانا تدين للصين بـ1.9 مليار دولار، أو أقل من ثلث الـ6 مليارات دولار التي تدين بها زامبيا للصين.

وأشارت المجلة إلى أن زامبيا تعثرت عن السداد منذ أكثر من عامين. ومنذ ذلك الحين، تظل زامبيا معلقة، في حين تتجادل الصين والدائنون الآخرون بشأن كيفية تقاسم الخسائر. والآن تأمل في التوصل إلى اتفاق في غضون شهر.

اقرأ أيضًا| صندوق النقد الدولي يطالب الصين بتخفيف أعباء الديون على الدول الفقيرة

ارتفاع الديون الإفريقية

قفز الدين العام مقابل الناتج المحلي الإجمالي في إفريقيا إلى أعلى مستوياته منذ عقدين. وحسب ما أوردت “ذي إيكونوميست”، فإن متوسط تكلفة خدمة الدين الخارجي يستهلك 17% من العائدات الحكومية، وهي أعلى نسبة منذ عام 1999. ويؤثر سداد الديون والفوائد في الإنفاق على المدارس، والعيادات، والبنية التحتية اللازمة للنمو.

وفي الثمانينيات والتسعينيات، عندما اضطرت الدول الإفريقية إلى الاقتصاد في الإنفاق بسبب الديون الطاحنة، ترك التقشف آثارًا دائمة، مثل عدم حصول اليافعين الأفارقة، وخاصة الفتيات، على الرعاية الصحية أو التعليم الجيد، ما جعلهم أكثر فقرًا.

منع الأزمة

لتجنب تكرار هذه المأساة، يتعين أن تنظر الدول الإفريقية إلى مواردها. ووفق “ذي إيكونوميست”، تكون حصة عائدات الحكومة في الناتج المحلي الإجمالي منخفضة بشدة في معظم الحالات، ويجب أن يصبح تحصيل الضرائب أقل عشوائية.

لكن ستحتاج الجهات المانحة في بعض الأحيان إلى المساهمة بقروض ومنح ميسرة. ويجب كذلك إعادة هيكلة الديون التي لا يمكن تحملها، ما يعني أن الصين يجب أن تتعاون مع صندوق النقد الدولي وتتحمل الخسائر.

وحسب المجلة البريطانية، يُظهر التقدم في غانا أن هذا ممكن من حيث المبدأ، ولهذا يجب البدء الآن في تنفيذ الخطة عمليًّا.

اقرأ أيضًا| دور جديد لإفريقيا في التجارة العالمية.. هل تستغل مواردها محليًّا؟

ربما يعجبك أيضا