غزة.. الحرب ليست بالقنابل فقط بل بـ«التعبيرات الملطفة» أيضًا

احترس.. الإعلام الغربي يُلطف الحرب في غزة لإخفاء الإبادة الجماعية

بسام عباس
الدمار في غزة

ناشدت الكاتبة الأمريكية من أصل فلسطيني، أروى المهداوي، الصحفيين، والإعلاميين في كل مكان، للتوقف عن استخدام كلمة “وسطي”، فهي كلمة خبيثة أفسدت طريقة تفكيرنا في السياسة، وشوّهت نظرتنا إلى العالم.

وتساءلت في مقال بصحيفة “الجارديان” البريطانية عن كيفية تعريف “الوسطي” في قضايا معينة، خاصةً في ما يتعلق بالحرب على غزة، والإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل هناك.

سمات اللغة السياسية

قالت المهداوي إن الأمر يبدو مبالغًا فيه بعض الشيء، ففي النهاية، يبدو أن كون المرء “وسطيًا” أمر معقول للغاية، فالوسطي هو شخص معتدل وعقلاني وعملي، ويتخذ موقفًا وسطيًا، وهو ليس متطرفًا، مثل هؤلاء الأيديولوجيين المجانين في أقصى اليمين، أو في أقصى اليسار، والوسطية أمر ينبغي للجميع أن يجتهدوا في أن يكونوا عليه.

وأضافت، في مقال نشرته “الجارديان” الجمعة 23 أغسطس 2024، أن ما تعنيه كلمة الوسطية تحتاج إلى توضيح، لافتةً إلى أنها تحجب أكثر مما تنير، فالكلمة لا تصف مجموعة من الأفكار بقدر ما تعزز نظامًا قائمًا على السلطة، وأن هذا إحدى سمات اللغة السياسية.

واستشهدت الكاتبة بما كتبه جورج أورويل، عام 1946، في مقالته الشهيرة “السياسة واللغة الإنجليزية”: “في عصرنا، يشكل الخطاب السياسي والكتابة السياسية، إلى حدّ كبير، دفاعًا عما لا يمكن الدفاع عنه”، موضحة أن هذه الجملة، بعد 78 عامًا، لا تزال وثيقة الصلة، بأحداث اليوم خاصة المذبحة في غزة والضفة الغربية.

 تعبيرات ملطفة

لفتت الكاتبة إلى التصريحات الصادرة عن الزعماء الإسرائيليين، والتي تشير بوضوح إلى نية الإبادة الجماعية، والمآسي التي تحدث في غزة، مشيرة إلى اغتيال القوات الإسرائيلية توأمين يبلغان من العمر أربعة أيام، إلى جانب أمهما وجدّتهما، بعد أن ذهب والدهما لاستلام شهادتي ميلاديهما في وسط غزة.

وأضافت أن الأمر لم يقتصر على غزة، ففي الضفة الغربية، نشرت إسرائيل خططًا لبناء مستوطنات جديدة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي، موضحةً أن هذه المجازر والمآسي تبرر بطرق ملتوية كثيرة، فهذه الحرب لا تُشن بالقنابل فحسب، بل تُشن أيضًا بـ”التعبيرات الملطفة، والغموض المحض”.

لا تصدق عينيك

قالت المهداوي، إنه عندما تشرح ما يحدث بلغة واضحة، فلا يمكن الدفاع عنه، ولذلك فاللغة السياسية تلبس كل هؤلاء الأطفال القتلى والجوعى تعبيرات ملطفة، وتحجب التطهير العرقي بالأوهام، والكتابة السياسية تقول: “لا تصدق عينيك. فإنّ ما تراه أكثر تعقيدًا مما تستطيع عيناك أن تستوعباه”.

وأضافت أن هذا السرد ترسخ إلى الحد الذي جعل الناس لا يصدقون أعينهم عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين، ومن أجل الدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه، يبتعد الساسة والكتّاب السياسيون عن الواقعية، وعن اللغة الواضحة، ويختبئون وراء مصطلحات محترمة مثل “الوسطية”.

وتابعت أن السياسيين وصموا المحتجين المؤيدين للفلسطينيين بأنهم من أقصى اليسار أو متطرفين، مشيرة إلى أن الاستمرار في إرسال الأسلحة إلى إسرائيل من دون قيد أو شرط، وحماية الحكومة اليمينية المتطرفة من المساءلة، يُعَدّ موقفًا وسطيًا، وبالتالي معقولًا.

ربما يعجبك أيضا