غزة وجنوب لبنان.. كيف عزز نهج بايدن التوترات بالمنطقة؟

نهج بايدن يؤجج التوترات في المنطقة.. كيف ذلك؟

محمد النحاس
بايدن ونتنياهو

رغم الاختلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن الحرب، استمرت الإدارة الأمريكية في تقديم الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي -غير المحدود تقريبًا- للعدوان الإسرائيلي بغض النظر عن التكاليف التي يتكبدها الفلسطينيون


مع تلاشي الآمال في التوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تزداد احتمالات اندلاع الحرب الشاملة بين إسرائيل وحزب الله اللبناني بشكل غير مسبوق.

وفي أعقاب نشر حزب الله فيديو جرى تصويره بواسطة طائرة استطلاع بدون طيار لأهداف مختلفة في شمال إسرائيل، حذر مسؤولون إسرائيليون من “حرب شاملة” قد تؤدي إلى تدمير حزب الله وإعادة لبنان إلى “العصر الحجري”، وكانت طريقة تعامل الإدارة الأمريكية محفزًا لاستمرار الحرب في غزة، وقد تكون دافعًا لاشتعال الجبهة في لبنان.. كيف ذلك؟

حرب كارثية التبعات

الحرب في لبنان، إذا اندلعت، ستكون كارثية على المدنيين في كل من بيروت وإسرائيل، وستزيد من خطر انخراط إيران في صراع أوسع يشمل المنطقة بأسرها، كما أنها ستدمر أحد الإنجازات القليلة لإدارة بايدن منذ 7 أكتوبر، وهو منع نشوب حرب إقليمية شاملة، حسب المقال.

وفي غزة، أسفرت الحرب التي دامت قرابة 9 أشهر عن مقتل أكثر من 37 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وتدمير معظم القطاع، ورغم طرح خطة شاملة لوقف إطلاق النار بدعم من مجلس الأمن الدولي، لم تفعل إدارة بايدن الكثير لتغيير الحسابات لأيًّا من الجانبين، خاصةً إسرائيل.

ورغم الدمار الهائل الذي لحق بغزة، لا تزال قيادة حماس تعمل بكفاءة، فيما لم تحقق إسرائيل أي إنجاز يمكن اعتباره نصرًا، بالإضافة إلى ذلك، بات من الجلي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لديه مصلحة شخصية في إطالة أمد الحرب لأطول فترة ممكنة للحفاظ على وجود السلطة في قبضته.

موقف حماس

رغم ادعاءات الإدارة الأمريكية بأن حماس هي الوحيدة التي تقف في طريق وقف إطلاق النار، حتى نتنياهو لم يعد يتظاهر بذلك، حيث يؤكد “نحن ملتزمون بمواصلة الحرب بعد التوقف لتحقيق هدف تدمير حماس.. لن أتنازل عن هذا”، وفق المقال.

من جهتها، ليس لدى حماس دافع كبير للامتثال لاتفاق وقف إطلاق النار لا ينهي الحرب فعليًا، ورغم تعهد بايدن بمحاسبة إسرائيل على التزاماتها، فإن سجل الإدارة خلال الأشهر الماضية لا يوحي بالكثير من الثقة.

وبدلًا من محاولة تغيير هيكل الحوافز لكلا الجانبين، عملت إدارة بايدن باستمرار على امتصاص أي تكاليف أو عواقب قد تتحملها إسرائيل جراء استمرار الحرب، ما يطيل أمدها، وفق المقال.

الدعم الأمريكي لإسرائيل

رغم الاختلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن الحرب، استمرت الإدارة الأمريكية في تقديم الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي، غير المحدود تقريبًا، للعدوان الإسرائيلي، بغض النظر عن التكاليف التي يتكبدها الشعب الفلسطيني، كما يشير المقال المنشور في المجلة الأمريكية.

قائمة أمثلة المناشدات الأمريكية لإسرائيل للحد من الخسائر المدنية، طويلة ومقلقة، فإسرائيل من جانبها لا تستجيب بل تواصل قصفها العشوائي وحصارها للمدنيين في غزة، كما تجاوزت بسلاسة “الخط الأحمر” المزعوم الذي وضعه بايدن بشأن رفح.

وباستثناء تعليق شحنة واحدة من القنابل التي تزن 2,000 و500 رطل والتي قتلت بالفعل آلاف الأبرياء ودمرت معظم البنية التحتية في غزة، حافظ بايدن على تدفق الأسلحة.

نتنياهو يتحدى الإدارة الأمريكية

رغم تحدي نتنياهو للولايات المتحدة، استمرت الإدارة الأمريكية في مكافأته هو وحكومته اليمينية المتطرفة بدعم عسكري وسياسي ودبلوماسي غير محدود، حتى عندما انتقد نتنياهو الإدارة الأمريكية علنًا بمنع الأسلحة، سارع البيت الأبيض إلى توضيح أن الشحنة الوحيدة كانت استثناءً، وأن تدفق الأسلحة لم يتوقف.

وزاد الكونجرس من الحصانة السياسية لنتنياهو من خلال دعوته لتقديم خطاب أمام هذا الشهر، وهي خطوة أدانها العديد من الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء السابق إيهود باراك، واعتبروها “خطأً فادحًا”.

وفي إعلانه عن خطة وقف إطلاق النار، والتي حاولت الولايات المتحدة تقديمها على أنها اقتراح إسرائيلي، حرص بايدن على تأكيد أن حماس لم تعد لديها القدرة على تنفيذ هجوم آخر مثل الذي حدث في 7 أكتوبر، وأن “الوقت قد حان لإنهاء هذه الحرب”، ما قدم لنتنياهو رواية انتصار ومنصة للتراجع عن هدفه المستحيل المتمثل في “النصر الكامل” وتدمير حماس، هذا العرض رفضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بشكل قاطع، لأنه يدرك أنه لا يوجد ثمن لرفضه.

إخفاق أمريكي واستمرار الحرب

وضع هذا الموقف الإدارة الأمريكية في حرج يتمثل في الاستمرار في تقديم الدعم المادي لحرب لم تعد تدعمها سياسيًا، هذه التناقضات، حسب المقال، هي منبع الإخفاقات المتكررة لإرساء اتفاق إطلاق النار في غزة، وكذلك مداعاة لتواصل التصعيد على الجبهة الإسرائيلية اللبنانية.

هذا التناقض يمتد كذلك بشأن سياسة الإدارة الأمريكية تجاه مهاجمة لبنان، حيث تنصح إسرائيل بعد الإقدام على ذلك، لكن تؤكد دعمها حال انخراطها في حرب مع حزب الله.

نهج خاطئ

تعتقد إدارة بايدن أن الاختلافات أو الصعوبات في العلاقة الأمريكية الإسرائيلية تشكل دافعًا لحزب الله وحماس والجماعات الموالية لإيران في المنطقة لمواصلة وتوسيع القتال، وبالتالي فإن أفضل رادع، حسب تصور الإدارة الأمريكية، هو القضاء على أي خلاف علني بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

لكن وكما أظهرت الأشهر الـ9 الماضية، فإن العكس تمامًا هو الصحيح، تقديم الدعم العسكري والدبلوماسي غير المحدود يقلل من تكاليف العمل العسكري المستمر لإسرائيل ويشجع على السلوك الطائش، كما رأينا طوال الحرب على غزة.

ويرى المقال أن الولايات المتحدة بصفتها الداعم السياسي الرئيس ومورّد الأسلحة الأساسي لإسرائيل، فإن لديها القدرة، بل المسؤولية، في كبح جماح إسرائيل عن اتخاذ إجراءات تضر بالمصالح الأمريكية، كما هو الحال مع الهجوم على لبنان وعدم وقف إطلاق النار في غزة.

دوافع بايدن

لأسباب تتعلق بالسياسة الداخلية وآراء الرئيس الشخصية، اختارت واشنطن عدم استخدام نفوذها الكبير، ويستدرك المقال بأن إدارة بايدن تدرك أن الطريقة الأمثل لمنع التصعيد في لبنان هي إنهاء الحرب المروعة في غزة.

ولإنهاء الحرب في غزة ومنع حرب إقليمية كارثية مماثلة، يجب أن يتغير الموقف الأمريكي الحالي، بما في ذلك بشكل خاص عن طريق حجب الدعم السياسي والعسكري الذي تحتاجه الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل لمواصلة الحرب في غزة أو توسيعها إلى لبنان.

وطالما استمرت الولايات المتحدة في امتصاص أو تحييد التكاليف التي تتكبدها إسرائيل لمواصلة الحرب، لن تستمر فقط الفظائع في غزة، بل قد يكون انتقال الدمار إلى لبنان مسألة وقت.

ربما يعجبك أيضا