غضب سنة إيران يتصاعد بسبب اضطهاد «الملالي» الممنهج

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

كانت إيران دولة سنية، ولكن قبل 5 قرون قام إسماعيل الصفوي ودولته الصفوية بإبادة مئات الآلاف من السنة، وإجبار الملايين على التشيع عنوة، ليس في إيران بحدودها الحالية فقط وإنما حتى في هيرات بأفغانستان وفي مناطق شاسعة من اذربيجان الجنوبية والشمالية.

ومع هذا فإن ثلث السكان في إيران هم من السنة، وهذا ما يؤكده زعماء السنة في إيران، ومن السهل التأكد من ذلك عبر النظر إلى خارطة إيران، وخصوصا أطرافها في بلوشستان وكردستان وتركمان صحراء وجلستان (ذات أغلبية تركمانية) وأجزاء كبيرة من إقليمي الساحلي وبوشهر تسكنها أغلبية سنية، بل يكفي أن نعلم أن الفرس في إيران نصفهم من السنة.

كما تشهد الأحواز أو عربستان، نسبة تسنن هي الأكبر في إيران، بين الشيعة العرب الذين كانوا يشكلون الأغلبية في هذا الإقليم فيما مضى.

أدى كذلك التوسع الإيراني المباشر في سوريا واليمن والعراق وتمويل التخريب والإرهاب في البحرين ولبنان، ودخول المرشد خامنئي في صدام مع محيطه الإقليمي، وإنفاق نظامه المليارات على مليشياته العسكرية والسياسية في المنطقة، إلى إلحاق الضرر بشكل بالغ بالاقتصاد الإيراني وبتماسك الشعوب الإيرانية وباثارة النعرات القومية والمذهبية.

والسنة يعانون من الاضطهاد بشكل ممنهج، وكان آخر هذا الاضطهاد، قام السلطات الإيرانية بهدم أساس جامع مدينة إيران شهر في محافظة سيستان وبلوشستان، قبل أيام دون وجه حق، وكذلك إنشاء خامنئي لما أسماه “مجلس تخطيط المدارس السنية”، وهو تدخل مباشر في المذهب السني بشكل فج وغير مسبوق.

ومع هذا فالمذهب السني ينتشر انتشار النار في الهشيم، نتيجة للوعي الجماهيري وشبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت والفضائيات السنية الإيرانية أو الناطقة بالفارسية كوصال حق ووصال جيهاني وكلمة.

زعماء السنة انتقدوا مرارا وتكرارا تدخلات النظام الإيراني  الخارجية خصوصا في سوريا والعراق، وكذلك هيمنة الحرس الثوري على الحياة السياسية والاقتصادية في البلاد.

تزايد السنة في إيران

فيما أعرب الدكتور ناصر رفيعي، العضو البارز في “الهيئة العلمية لجامعة المصطفى العالمية (شيعية)”، عن قلقه من انخفاض عدد سكان الشيعة وارتفاع عدد أهل السنة في إيران، قائلاً: “إن علماء ومراجع التقليد الشيعية قلقون جداً من انخفاض عدد الشيعة وازدياد أهل السنة في إيران”، وأضاف: أن عدد أهل السنة في إيران يرتفع بسرعة، وفي المقابل نسبة عدد الشيعة تنخفض، مشيراً إلى أن عدد تلاميذ المرحلة الابتدائية من أبناء السنة يعادل 50% من كل التلاميذ في إيران، ما يعني أن عددهم أصبح يعادل الشيعة”، وأضاف رفيعي: “في إحدى المدن في محافظة أذربيجان الإيرانية يفوق عدد أهل السنة عدد الشيعة، حيث أصبحت نسبة السنة 70%، والشيعة 30%، وهذا خطير جداً”، حسب قوله نقلاً عن وكالة “مهر” الإيرانية، وعزا هذا الخبير ارتفاع عدد أهل السنة في إيران إلى تعدد الزوجات بينهم، وكثرة الإنجاب، وانخفاض عدد سكان إيران، والذي تشكل الشيعة غالبيته، حسب قوله.

وكان آية الله مكارم شيرازي، الذي يعد من كبار علماء الشيعة وأحد أبرز أساتذة الحوزة العلمية الشيعية في مدينة قم، كان قد حذر من ارتفاع عدد أهل السنة في إيران، حيث أعلن عن قلقه الشديد علناً في مؤتمر “الإمام السجاد الدولي”، وقال “نرى اليوم أهل السنة يشترون الأراضي في أطراف مدينة مشهد (خراسان) كي يزداد عددهم”. واستطرد في نفس المحاضرة قائلاً: “إن أي أحد ينفق ريالاً واحداً لترويج المذهب الشيعي فهو يساعد على استقرار وأمن إيران”.

زعيم السنة يوبخ خامنئي

كما وجه الزعيم السني البارز في إيران، الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي، إمام الجمعة في مدينة زاهدان، مركز إقليم بلوشستان، رسالة إلى خامنئي، قال فيها إن السنة في إيران لا يزالون يعتبرون “مواطنين من الدرجة الثانية، والمشكلة الرئيسية في التمييز ضد السنة في إيران تأتي من جهات معينة في مراكز صنع القرار”، وأضاف: “بعد 42 عامًا من انتصار الثورة، لا يزال السنّة في إيران يواجهون العديد من المشاكل والمخاوف بشأن الحقوق المدنية”.

وأشار أن أمر خامنئي بالقضاء على التمييز ضد السنة في إيران، والذي صدر ردًا على رسالته في عام 2017 مجرد “أمر صوري” حيث “لم يتم تنفيذه من قبل المسؤولين التنفيذيين في البلاد”، واستشهد بقضايا مثل عدم تعيين شخصيات سنية كوزراء ومحافظين ومستشارين أو نواب رئيس وممثلين عن المرشد الأعلى ومستشاري المرشد الأعلى وغيرها من المناصب، وكما اشتكى من عدم التوظيف في الوزارات والقوات المسلحة ومكاتب مراكز المحافظات السنية كأمثلة على المشاكل التي يعاني منها السنة في إيران، وبسبب مواقفه، منع عبدالحميد وهو عضو في “رابطة العالم الإسلامي” ومقرها في مكة المكرمة، من السفر إلى السعودية لحضور مؤتمرات الرابطة.

الغضب العابر للمذاهب

الثورة الداخلية المرتقبة التي تحدث عنها قادة النظام الإيراني كلاريجاني نرى إرهاصتها في أقاليم الأحواز وأذربيجان الجنوبية وبلوشستان، فالأتراك في أذربيجان الجنوبية والأكراد في كردستان والعرب في الأحواز (عربستان) والبلوش في بلوشستان والتركمان في إقليم تركمان صحراء، ومعهم الأقليات الآثنية الصغيرة كاللور والبختيارية والطالش والغيلك والمازندرانيين وغيرهم، وهؤلاء جميعهم يشكلون مجتمعين، حوالي 65% من السكان وغضبهم ظاهر للعيان.

ربما يعجبك أيضا