«فاينانشال تايمز»: تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية يهدد الاتفاق النووي

شروق صبري

تصرفات إيران دفعتها لمعاداة الدول الغربية التي قد تصنف الحرس الثوري كمنظمة "إرهابية"، وقد تخيب آمال طهران لاستعادة اتفاقية دولية لتطوير النووي.


يتعرض الاتحاد الأوروبي لضغوط لوصف الحرس الثوري الإيراني بأنه “منظمة إرهابية”، بعد تورطه في قمع الاحتجاجات المناهضة للحكومة.

وكانت ألمانيا وفرنسا وهولندا من بين الدول الأعضاء التي ناقشت هذا الاحتمال، الذي أيدته رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، كما دعا البرلمان الأوروبي إلى إجراء هذا التصنيف.

منظمة إرهابية

كشفت صحيفة ” فاينانشال تايمز” البريطانية، خيارات الاتحاد الأوروبي لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، في تحول كبير في السياسة الأوروبية ما ينهي آمال طهران في استعادة اتفاقية دولية لتطوير قدرتها النووية.

وتحظى هذه الخطوة بدعم فرنسا وألمانيا، رغم أنهما طرفان في الاتفاقية النووية مع طهران، ولكنهما أقدمتا على ذلك ردًّا على تزويد طهران بطائرات مسيرة لروسيا لاستخدامها في حربها ضد أوكرانيا، فضلًا عن حملتها العنيفة على الاحتجاجات المحلية.

ماذا قالت فرنسا وألمانيا؟

تعد مواقف ألمانيا وفرنسا مهمة لأنهما وقعا مع المملكة المتحدة وروسيا والصين، على الاتفاق النووي لعام 2015 بين طهران ومجموعة (5+1).

وفقًا للصحيفة البريطانية رأت فرنسا “إمكانية تصنيف بعض الأقسام الإقليمية للحرس الثوري على أنها إرهابية وليس المؤسسة بكاملها”، في قالت وزارة الخارجية الألمانية: “لا توجد عقبات سياسية فقط، بل توجد أيضًا عقبات قانونية كبيرة لتصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية”.

1 1490687

هل يمكن تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية؟

قالت “فاينانشال تايمز” إن المملكة المتحدة تدرس ما إذا كانت ستؤيد التصنيف على الحرس الثوري، وهو أقوى جناح في جهاز أمن إيران أم لا، في حين أدرجت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الحرس كمنظمة إرهابية في عام 2019.

وذكرت “فاينانشال تايمز” أنه “غير طبيعي أن تصنف الحكومات جيش دولة أخرى كمنظمة إرهابية”، في حين يرى مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أن “بعض دول الاتحاد يدعم هذا الاقتراح، لأنه سيكون في صالحهم”.

لا يمكن تصنيف إيران كيانًا إرهابيًّا

ترى صحيفة “فاينانشال تايمز” أن الدائرة القانونية بالاتحاد الأوروبي ستصوغ رأي دول الاتحاد البالغة 27 دولة بشأن شرعية هذا الإجراء في غضون الأسابيع الثلاثة المقبلة.

وبموجب لوائح الاتحاد الأوروبي، لا يمكن تصنيف كيان كإرهابي دون وجود قرار من محكمة في دولة عضوة بالاتحاد الأوروبي، بما في ذلك المملكة المتحدة، وأن تصدر  إدانة واضحة، قبل أن يتحرك التكتل لاتخاذ هذه الخطوة، مع العلم بأنها خطوة “معقدة للغاية”.

الاتفاق النووي

سعت الحكومات الغربية لفصل المحادثات النووية عن المخاوف الأخرى المتعلقة بإيران، لأنها تعتقد أن الاتفاق النووي المعروف بـ”خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) هو أفضل فرصة لمنع طهران من تطوير القدرة على إنتاج أسلحة نووية، حسب “فاينانشال تايمز”.

وتوسط الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، بدعم من باريس وبرلين ولندن، في المحادثات غير المباشرة بين أمريكا وإيران، لإنقاذ ما تبقى من الاتفاقية المحتضرة التي ستنهار إذا شرع الاتحاد الأوروبي في تصنيفه الإرهابي على الحرس الثوري.

f7bda744464323687576c7dcff4e0b2e264ecdd0

كيف أغضبت طهران الغرب؟

الاتفاق النووي فرض قيودًا صارمة على نشاط طهران النووي مقابل رفع العديد من العقوبات الغربية، ولكنه انهار بعد انسحاب الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب من الاتفاقية في 2018 وفرض موجات من العقوبات على طهران.

رأت “فاينانشال تايمز” أن إيران ردت بقوة من خلال توسيع برنامجها النووي، وهي الآن تخصب اليورانيوم قرب درجة صنع الأسلحة، وهو ما زاد غضب الغرب بعد قرار إيران بيع الأسلحة لروسيا وحملتها على المحتجين.

واشنطن بدأت

اعتقد بوريل أن هاتين المسألتين “لهما تأثير قوي” في سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه إيران، خصوصًا بعدما اندلعت احتجاجات في إيران بعد وفاة مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عامًا، في حجز الشرطة بعد اعتقالها لعدم ارتدائها الحجاب.

وكانت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد صنفت الحرس الثوري إرهابيًّا كجزء من حملة “الضغط الأقصى” التي تشنها ضد طهران، والتي أثارت التوترات في جميع أنحاء المنطقة.

ويأتي هذا بالإضافة إلى أن واشنطن ترى أن إيران هي التي شنت هجمات على ناقلات في الخليج، وعلى البنية التحتية النفطية في السعودية، ما أدى إلى توقف نصف إنتاج المملكة مؤقتًا، حسب “فاينانشال تايمز”.

حجج قانونية

قال دبلوماسيون غربيون في طهران إن قتل إيران للمعارضين على الأراضي الأوروبية قبل عقود أو استدراجهم إلى دول مجاورة ونقلهم إلى إيران لمعاقبتهم ضمن الإجراءات التي يمكن استخدامها كحجج قانونية ضد الحرس الثوري.

ويرى الدبلوماسيون أنه من المرجح أن يتخذ الاتحاد الأوروبي وبريطانيا إجراءات جماعية لجعل أي انتقام إيراني، مثل طرد السفراء من طهران، أكثر تكلفة للنظام الإيراني، حسب “فاينانشال تايمز”.

تأسيس الحرس الثوري

تأسس الحرس الثوري الذي يبلغ قوامه 120 ألف فرد بعد الثورة الإسلامية عام 1979 بالتوازي مع الجيش التقليدي لحماية الجمهورية من التهديدات الداخلية والخارجية.

وترى الدول الغربية أن الحرس الثوري مسؤول عن تأجيج التوترات في أنحاء الشرق الأوسط، فيسلح ويدعم العديد من الجماعات المتشددة.

رد إيراني خطير

في 22 يناير الحالي، أعلن وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان أنه في حالة إعلان البرلمان الأوروبي الحرس الثوري “منظمة إرهابية” فإن بلاده سوف تنسحب من معاهدة منع الانتشار النووي، وستطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من منشآتها النووية.

وحسب شبكة “فرانس 24” الفرنسية، كتب وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان على “تويتر” أن بلاده ستتخذ مواقف مماثلة وستضع جيوش الدول الأوروبية على قائمة الإرهاب.

 

وقد أشارت صحيفة إندبندنت البريطانية، في تقرير لها يوم 25 يناير الحالي، إلى أن إيران ردت على الخطوات الأوروبية والبريطانية السابقة، بوضعها كيانات وأشخاصًا من الطرفين على قائمة عقوباتها، ومنعتهم من السفر إليها وجمدت أي أصول يمتلكونها بأراضيها.

1 1487915

الضغط على إيران

في تعليقه على مسألة إدارج الحرس الثوري الإيراني على قائمة الإرهاب، قال أستاذ الدراسات الإيرانية، محمد سعيد عبدالمؤمن: “إنها مجرد خطوة للضغط على إيران لمنع تزويد روسيا بالطائرات، التي تستخدمها في الحرب الأوكرانية”.

وأشار عبدالمؤمن في تصريحات لشبكة رؤية الإخبارية إلى أن “إيران لن تتأثر كثيرًا بهذه الخطوة، والحرس الثوري نفسه قد يتضرر قليلًا لكنه لن يضعف ولن ينهار”.

مجرد شعارات

قال عبدالمؤمن إن تصنيف الحرس الثوري كمظمة إرهابية مجرد شعارات، للتأثير فيه للحد من نشاطاته، وهذا لم يمنع إيران من استمرار علاقاتها مع روسيا، أو حتى منعها من مد روسيا بالسلاح، ولن يكون له تأثير يذكر في الحرس الثوري.

وقال عبدالمؤمن لـ”رؤية” إنه قد جرى تصنيف بعض المنظمات على أنها إرهابية مثل حركة حماس في فلسطين و”حزب الله” في لبنان، ولكن هذا التصنيف لم يؤد إلى انهيار أو حتى إضعاف هذه المنظمات.

 iran 8
الحرس الثوري لم يتأثر

أوضح أستاذ الدراسات الإيرانية: “لو أن أي دولة أخرى غير إيران شهدت مثل هذه الاحتجاجات أو عقوبات غربية بمثل هذا الحد لانهارت على الفور، ولكن إيران لديها ثروات هائلة تجعلها تقف على أرض صلبة”.

ورأى أستاذ الدراسات الإيرانية، أن طهران تعرف أيضًا كيف تستغل الكيانات المؤثرة لديها، ويمكنها الرد بالمثل على العقوبات الغربية، لا سيما في حالة إقدامها على تصنيف الحرس الثوري إرهابيًّا.

ربما يعجبك أيضا