فرنسا تترقب التحولات.. ماذا بعد الانتخابات؟

ماذا بعد إعلان نتائج الجولة الثانية من انتخابات فرنسا التشريعية؟

محمد النحاس

عندما يكون الرئيس ورئيس الوزراء من معسكرين سياسيين مختلفين، يبقى للرئيس سلطة تعيين رئيس الوزراء، لكنه لا يستطيع تجاوز رأي الأغلبية في الجمعية، لأن الحكومة التي تعارض الأغلبية يمكن أن تكون موضوع اقتراح سحب الثقة.


بعد قليل، ستتكشف نتائج الجولة الثانية من الانتخابات الفرنسية التشريعية المبكرة، والتي تنعقد اليوم الأحد 7 يوليو 2024، فماذا بعد؟

إما الأغلبية المطلقة لليمين المتطرف أو عدم وجود أغلبية كاسحة في الجمعية الوطنية، يبدو أن هذين هما السيناريوهان الأكثر احتمالا لنتيجة الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية في كلتا الحالتين، ستجد فرنسا نفسها أمام تكوين لم تشهده من قبل في الجمهورية الخامسة. ما هي الخطوات التالية المتوقعة في أعقاب الانتخابات؟ وهل يمكن أن تتجه البلاد نحو طريق مسدود؟

هل على الحكومة الاستقالة؟

بدايةً، يبدو أن هزيمة معسكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمر لا مفر منه، فالحصول على أغلبية مطلقة من المقاعد بات بعيد المنال لتحالف ماكرون بعد نتائج الجولة الأولى. ولا يعني ذلك أن رئيس الوزراء جابرييل أتال سيضطر إلى الاستقالة فورًا “استقالة الحكومة بعد الانتخابات البرلمانية هي عرف”.

لذلك لا يوجد جدول زمني رسمي لماكرون ليطلب من الحكومة الحالية الاستقالة أو لتعيين حكومة جديدة، ومن ناحية أخرى، لا يمكن للرئيس أن يتجاهل الوضع السياسي الجديد الناتج عن الانتخابات، بحسب تقرير للنسخة الإنجليزية من صحيفة لوموند.

وبطبيعة الحال، فإن الحكومة التي تُهزم في الجمعية الوطنية تكون معرضة بالفعل لاقتراح سحب الثقة، الذي يمكن تقديمه في الجلسة الأولى للجمعية الوطنية المستقبلية، وتحدد المادة 12 من الدستور ذلك التاريخ ليكون الخميس الثاني بعد الانتخابات، في هذه الحالة سيكون 18 يوليو.

كيف يمكن تشكيل حكومة جديدة؟

إذا حصل معسكر سياسي واحد على أغلبية مطلقة في الجمعية الوطنية (على الأقل 289 من أصل 577 مقعدًا)، فإن تعيين رئيس وزراء من صفوفه يكون أمرًا حتميًّا، وبالنظر إلى نتائج الجولة الأولى من التصويت، يمكن أن تنشأ هذه الأغلبية فقط من التجمع الوطني اليميني المتطرف وحلفائه، أو من اليسار، وفق تقرير لوموند.

في مثل هذا الوضع، عندما يكون الرئيس ورئيس الوزراء من معسكرين سياسيين مختلفين، يبقى للرئيس سلطة تعيين رئيس الوزراء، لكنه لا يستطيع تجاوز رأي الأغلبية في الجمعية، لأن الحكومة التي تعارض الأغلبية يمكن أن تكون موضوع اقتراح سحب الثقة.

ولذلك يجب عليه اختيار مرشح من الأغلبية. هكذا عين فرانسوا ميتران في عامي 1986 و1993، وجاك شيراك في عام 1997، رؤساء وزراء كانوا يعارضونه سياسيًا.

ماذا يحدث إذا لم تكن هناك أغلبية مطلقة؟

حال لم يتمكن أي معسكر سياسي من الحصول على أغلبية مطلقة يتعقد الموقف، في عام 2022، حصل تحالف ماكرون على 246 مقعدًا، ما جعله المجموعة الأكبر في الجمعية الوطنية، لكنه وضعه في موقع الأغلبية النسبية، هذا الوضع المعقد لم يمنعه من تشكيل حكومة والحفاظ عليها لمدة عامين، حيث لم تتحد المعارضة من اليمين أو اليسار لإسقاطه.

من ناحية أخرى، إذا أصبح اليمين المتطرف المجموعة الأكبر في الجمعية، ولكنه فشل في الفوز بأغلبية مطلقة، فقد يجد نفسه في مواجهة “جبهة جمهورية” قادرة على إسقاط حكومته في أي وقت.

زعيم التجمع الوطني، جوردان بارديلا، قد توقع هذا بالفعل، فقد صرح مرارًا منذ 9 يونيو أنه سيرفض أن يكون رئيس الوزراء إذا لم يفز حزبه بأغلبية مطلقة من المقاعد.

ماذا بعد؟

في غياب أغلبية مطلقة، هناك خطر حقيقي من الوصول لطريق مسدود، ولا يفرض الدستور أي جدول زمني لتشكيل حكومة، لكن لا يمكن تبني أي نص تشريعي أو تنظيمي في غيابها، في الأيام الأخيرة، اقترح السياسيون عدة أفكار لمعالجة استمرار الأزمة على هذا النحو:

– تشكيل “حكومة وحدة وطنية” مدعومة من تحالف يوحد بين المعسكرات السياسية.

– تعيين حكومة “فنية” لإدارة البلاد، مع وزراء غير منتمين لأي حزب، على غرار الحكومة التي قادها ماريو دراجي في إيطاليا من 2021 إلى 2022.

– حكومة أقلية في الجمعية، ولكن تسعى لتحقيق التوافق لتمرير التشريعات.

إجمالًا يمكن القول إنه في غياب أغلبية مطلقة، فإن أي حكومة ستعيش تحت تهديد سحب الثقة في الجمعية الوطنية، ما قد يؤدي لتغيير متسارع للحكومات، وفق تقرير لوموند.

ربما يعجبك أيضا