فشل وخيبة أمل.. الشارع التونسي يرفض الإخوان

تراجع شعبية الإخوان بين التونسيين.. صفعة في الانتخابات

أحمد عبد الحفيظ

تواجه تونس منذ ثورة 2011 تحولات سياسية واجتماعية واقتصادية عميقة، وأصبحت الانتخابات جزءًا مهمًا من المشهد الديمقراطي الجديد، حسبما ذكر تقرير نشرته صحيفة “لوموند الفرنسية”، الثلاثاء 27 أغسطس 2024.

واحدة من القوى السياسية التي لعبت دورًا في هذا السياق هي حركة النهضة، التي تعد بمثابة جناح حركة الإخوان في تونس، ومع اقتراب الانتخابات، يأتي السؤال بشأن قدرة الحركة على الفوز في الانتخابات التونسية، وسط سياق متغيّر ومليء بالتحديات.

عودة غير متوقعة

أعلنت المحكمة الإدارية التونسية قبول طعن المرشح للانتخابات الرئاسية عبداللطيف المكي المحسوب على الإخوان شكلًا وأصلًا، بعد أن تم استبعاده من قبل هيئة الانتخابات التونسية.

ورغم أن مكي كان قد قدم استقالته من حركة النهضة الزراع السياسي لجماعة الإخوان في تونس، إلا أن هناك توقعات بأنه سيحصل على دعم الجماعة.

تحديات أمام مرشح الإخوان

تتعدد العوامل التي قد تؤثر على فرص مرشح الإخوان في الفوز، فبالنظر إلى الوضع السياسي الحالي في تونس، تواجه الإخوان تحديات كبيرة منذ صعود الرئيس قيس سعيد إلى السلطة في 2019، سعيد، الذي يتمتع بشعبية كبيرة بين فئات واسعة من الشعب التونسي، تبنى موقفًا صارمًا ضد الأحزاب السياسية التقليدية بما في ذلك حركة النهضة، وقد حلّ البرلمان في يوليو 2021 واتخذ إجراءات لتعزيز صلاحياته الرئاسية، مما جعل مناخ الانتخابات أكثر تحديًا للأحزاب المعارضة.

كما أن هناك تراجع في شعبية حركة النهضة نتيجة لاتهامها بعدم الكفاءة في إدارة الملفات الاقتصادية والاجتماعية عندما كانت شريكة في الحكم، وتسبب هذا في نفور بعض أنصارها ومؤيديها السابقين، وهو ما يضعف قدرتها على حشد التأييد الشعبي، بالإضافة إلى ذلك، تواجه الحركة تحديات داخلية متمثلة في الانقسامات الداخلية والخلافات بشأن القيادة والتوجهات السياسية، مما قد يؤثر سلبًا على حملة مرشحها.

أيديولوجية على حساب الوطن

يبدو أن الشارع التونسي بات يظهر رفضًا متزايدًا لحركة الإخوان مُمثلة في حركة النهضة، التي كانت لاعبًا أساسيًا في المشهد السياسي منذ 2011، هذا الرفض يأتي نتيجة تراكمات من خيبة الأمل والاستياء الشعبي من أداء الحركة خلال فترة مشاركتها في الحكم.

واتهمت حركة النهضة بالفشل في معالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة، مثل البطالة وغلاء المعيشة وتدهور الخدمات العامة، مما زاد من تآكل ثقة المواطنين بها، كما يرى كثيرون أن الحركة لم تفِ بوعودها بتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة.

علاوة على ذلك، هناك شعور متزايد بين التونسيين بأن النهضة تتبع أجندة إيديولوجية على حساب المصلحة الوطنية، مما جعلها في مواجهة مع تيارات وقوى سياسية ومدنية متعددة. هذه العوامل مجتمعة ساهمت في خلق مناخ من الرفض الشعبي المتزايد تجاه الإخوان، وهو ما ينعكس في الاحتجاجات والمواقف المناهضة للحركة في الفضاء العام والإعلام.

العوامل المؤيدة لفرص الفوز

رغم التحديات، لا يمكن تجاهل عوامل أخرى قد تعزز من فرص مرشح الإخوان في الفوز، تمتلك حركة النهضة قاعدة شعبية لا يستهان بها، خاصة في الأرياف والمناطق التي تشعر بالتهميش، والتي قد ترى في الحركة بديلًا سياسيًا يعبر عن تطلعاتها، كما أن الحركة لديها خبرة واسعة في خوض الانتخابات والتعامل مع الحملات الانتخابية، وهو ما يمكن أن يساعدها في تنظيم حملة قوية وفعالة.

علاوة على ذلك، يمكن للحركة الاستفادة من الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدهور في البلاد، والذي يلقي باللوم فيه الكثير من المواطنين على حكومة الرئيس قيس سعيد، فإذا استطاعت النهضة توجيه السخط الشعبي كعادتها تجاه السلطات الحالية وإقناع الناخبين بأنها تمثل البديل الأمثل، فقد تحقق مكاسب كبيرة في الانتخابات.

الدور الخارجي

يلعب العامل الخارجي دورًا مهمًا في تحديد نتائج الانتخابات التونسية، خاصة فيما يتعلق بمرشح الإخوان، تعتبر تونس ساحة صراع نفوذ بين عدة قوى إقليمية ودولية.

يمكن لهذا الصراع أن يؤثر بشكل مباشر على فرص مرشح الإخوان، حيث يمكن أن يؤدي الدعم الإقليمي إلى تعزيز الحملة الانتخابية للمرشح من خلال التمويل والإعلام، على الجانب الآخر، قد يؤدي التدخل الخارجي إلى تقويض الثقة في مرشح النهضة من خلال الحملات الإعلامية المضادة والدعم لحلفاء المعارضة.

مستقبل مرشح الإخوان بالانتخابات

في ظل هذه المعطيات، يعتمد مستقبل مرشح الإخوان في الانتخابات التونسية على كيفية تعامل الحركة مع التحديات الداخلية والخارجية على حد سواء، والتي أثبتت فشلها سابقًا في إدارتها.

ومع كل هذه الضغوط تبدو أن فرصة فوز الإخوان في الانتخابات القادمة ضعيفة للغاية.

ربما يعجبك أيضا