فضيحة للأمن الإيراني.. اغتيال «فخري زاده» تم على يد منتسبي «الحرس الثوري»

يوسف بنده

رؤية

كان وزير المخابرات الإيراني، محمود علوي، قد صرح بأن المنفذ الذي قام بالتحضير لعملية الاغتيال كان أحد عناصر القوات المسلحة الإيرانية، مؤكدا أن وزارة الاستخبارات لا يسمح لها بالعمل الاستخباراتي في القوات المسلحة.

وجاءت تصريحات علوي ردا على الانتقادات التي طالت وزارته والضعف في أداء واجبها في الكشف عن العملية التي أدت إلى مقتل محسن فخري زاده.

كما صرح وزير المخابرات في برنامج تلفزيوني مساء الإثنين الماضي، 8 فبراير الجاري، بأن وزارة المخابرات حذرت قبلها بشهرين من الأماكن التي تُجمع فيها المعلومات لتنفيذ عملية مقتل فخري زاده، وقبل 5 أيام من العملية كانت قد حذرت من أن العدو يخطط لاغتيال فخري زاده عند نقطة (أبسرد في دماوند)، والتي تم اغتياله عندها.

وأكد وزير المخابرات، أن كلًا من فخري زاده والشخص الذي “أجرى الاستعدادات الأولية لاغتيال فخري زاده كانا من أعضاء القوات المسلحة”.

وبعد هذه التصريحات وانتقاد وسائل الإعلام الإيرانية والحرس الثوري، قال علوي، في تصريح جديد: إن هذا المنفذ غادر إيران قبل العملية. وهو حاليا مطلوب ومتابع.

غضب القوات المسلحة

في مؤشر على تسبب هذه تصريحات علوي، في أزمة مع القوات المسلحة، علقت هيئة الأركان العامة للجيش الثلاثاء الماضي، 16 فبراير/ شباط على هذه التصريحات وقالت: إن هذا الشخص كان “مدمنا” وقد تم طرده سابقا من القوات العسكرية.

وأصدرت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية بيانا أعلنت فيه أن الشخص الذي ذكره وزير الاستخبارات كان يتم تدريبه عام 2015. وبسبب مشاكل أخلاقية وإدمانه على المخدرات لم يتم قبول عضويته رسميًا وتم فصله أثناء التدريب”.

وفي إشارة إلى عدم مسؤوليتها عن الحادث، وأن التقصي لا يتعلق بها قالت هيئة الأركان في بيانها إن “الجريمة الأمنية” لهذا الشخص كغيره من أشخاص المجتمع “تدخل في نطاق مهمة ومسؤولية وزارة الاستخبارات”، رافضة الكشف عن اسم هذا الشخص.

وأضافت أنه بعد طرده عام 2015 “انقطعت علاقته مع القوات المسلحة تماما ولم تكن له هوية عسكرية”.

كما أكدت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية في بيانها اليوم أنه كان يجب على وزير الاستخبارات “أن يكون أكثر دقة في تصريحاته لوسائل الإعلام”.

يذكر أن محسن فخري زاده، العضو البارز بالحرس الثوري وأحد مصممي برنامج إيران للصواريخ والأسلحة النووية، تم اغتياله في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، إثر استهداف سيارة كانت تقله قرب طهران.

وبينما لم يعلن أي فرد أو جماعة المسؤولية عن مقتل فخري زاده، اتهم عدد من مسؤولي النظام الإيراني، إسرائيل بالضلوع في العملية.

اختراق الحرس الثوري

وحسب تقرير صحيفة الجريدة الكويتية، فقد كشف مصدر في مكتب المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، أن المرشد تسلّم أخيراً، تقريراً أمنياً أعده وزير الاستخبارات محمود علوي، حول ملابسات الخلاف بين وزارته و”الحرس الثوري”، بشأن اغتيال العالم النووي العسكري محسن فخري زاده.

وشهدت الأيام الأخيرة فصولا جديدة من الخلاف العلني بين هذين الجهازين الأمنيين، بعد أن تحدث علوي، بشكل علني على التلفزيون الرسمي، عن ضلوع أحد منتسبي “الحرس”، برتبه لواء، في عملية الاغتيال التي جرت في نوفمبر الماضي.

وبحسب المصدر، فإن تقرير علوي، الذي أعده بطلب من المرشد، توصل إلى وجود اختراقات أمنية كبيرة في صفوف “الحرس” والأجهزة الأمنية التابعة له، من استخبارات أجنبية، خصوصاً الأميركية والإسرائيلية.

تحقيقات علوي، الذي منحه المرشد صلاحيات كبيرة لإعداد التقرير، كشفت ثغرة كبيرة تمر من خلالها جميع عمليات تجنيد العملاء، فقد تبين أن أغلبية الاختراقات جاءت في صفوف منتسبي “الحرس”، الذين سافروا للقتال في الخارج، خصوصاً في سوريا والعراق ولبنان وأفغانستان، حيث جرى استدراجهم.

وتجنب التقرير، توجيه أي اتهامات لـ “فيلق القدس” المكلف بالعمليات الخارجية، موجهاً أصابع الاتهام إلى عناصر غير تابعة للفيلق من المتطوعين للقتال في سورية، وقياديين وعناصر في “الحرس” سافروا بوتيرة غير مسبوقة للعراق وسورية، بحجة زيارة العتبات المقدسة لدى الشيعة.

في الوقت نفسه، أشار التقرير، بطريقة واضحة، إلى أن الاختراق الأمني نادر جداً في صفوف الجيش، نظراً للبروتوكولات الأمنية المشددة التي تشمل عناصره.

وحسب القوانين الإيرانية لا يحق للعناصر التابعة للقوات المسلحة الخروج من البلاد دون إذن مباشر من المرشد، وهناك قصة معروفة عندما واجه الجنرال قاسم سليماني قبل تسلمه قيادة “فيلق القدس” محاكمة عسكرية، لأنه عبر الحدود الأفغانية دون إذن خلال ملاحقة مجموعة مسلحة، لكن خامنئي أعفاه منها بأمر مباشر.

وتغير الأمر بعد التدخل الإيراني في سوريا والعراق، فمنح المرشد عدداً كبيراً من منتسبي “الحرس” رخصة عامة تسمح لهم بالخروج من البلاد في مهام إلى سورية والعراق ولبنان، كما أعطى إذناً يسمح لعناصر القوات المسلحة بالخروج من البلاد والمشاركة في مراسم دينية، خصوصاً مراسم الأربعين بالعراق.

وتواترت أخيراً أنباء عن خلاف بين علوي وروحاني، لتقرب الأول من المرشد على حساب الرئيس، وتقديمه تقارير مباشرة إلى مكتب خامنئي دون علم روحاني.

وأمس الأول أعلن محمود واعظي، مدير مكتب الرئيس الإيراني، أن الأخير نبّه علوي بشأن تصريحاته حول إمكانية أن تلجأ إيران إلى إنتاج قنبلة ذرية.

وكان تصريح علوي فاجأ الجميع، حتى أن وكالة “تسنيم” المقربة من الحرس، كانت من أبرز منتقديه، متسائلة إن “كان يدرك تبعات تصريحاته على المصالح العليا للبلاد”.

ودخل علوي في صراع مباشر مع جهاز أمن الحرس الثوري، بعد أن ظهر عبر التلفزيون الرسمي، وأعلن رسمياً مسؤولية عناصر موالية للحرس بوزارة الدفاع عن عملية اغتيال فخري زاده.

وكشف أن وزارته رصدت تحركات مشبوهة في موقع الاغتيال، وأبلغت الأجهزة المعنية، وطلبت من فخري زاده شخصياً التحوط، لكن تحذيراتها قوبلت بالتجاهل من “الحرس”.

ربما يعجبك أيضا