«فورين أفيرز»: الجمهوريون يقوضون مكانة الجيش الأمريكي داخل المجتمع

أحمد ليثي

لطالما افتخر الحزب الجمهوري بموقفه المؤيد للجيش الأمريكي، لكنه يهاجم الضباط الذين لا يدينون بالولاء لترامب، ويرى الجمهوريون أن ذلك شرطًا أساسيًّا للنجاح ومفيد لمسيرة الضباط العسكريين.


قالت مجلة “فورين أفيرز” إن السياسيين الجمهوريين وأعضاء وسائل الإعلام المتحالفين مع الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، يقوضون مكانة الجيش في المجتمع

وأشارت المجلة، في تقرير لـ ريزا بروكس نشرته، يوم الاثنين 14 نوفمبر 2022، إلى أن منذ وقت قريب، لم يكن أعضاء الحزب الجمهوري يحلمون بانتقاد من يرتدي الزي العسكري علنًا، لكن الأمر صار شائعًا الآن.

سخرية عسكرية متزاية

سلط التقرير الضوء على تغريدة للسيناتور الجمهوري، تيد كروز، من تكساس، عبر حسابه بموقع “تويتر” في 20 مايو 2021، كتب فيها: “جيش ضعيف وعاجز لن يخدم أمريكا”. وذلك تعليقًا على إعلان ترويجي للجيش الروسي أظهر رجالاً بلا قمصان يتدربون على تمارين الضغط وإطلاق النار، في حين عرض إعلان أمريكي قصة حقيقية لمجندة شابة تربت على يد امرأتين مثليتين.

وتعليقًا على المقطعين الدعائيين ذاتهما، أطلق مذيع “فوكس نيوز”، تاكر كارلسون، حملات منتظمة، يسخر فيها من جهود الجيش الامريكي في تجنيد النساء، التي قال في إحداها، مارس 2021، إن الجيش الصيني صار أكثر ذكورية من نظيره الأمريكي.

حرب يمينية

فسر التقرير محاولات من وصفهم بالمتحالفين مع الرئيس الأمريكي السابق، لتقويض مكانة الجيش في المجتمع، بأنههم يدينون الجنرالات لالتزامهم الحياد السياسي، في حين يريد مؤيدو ترامب أن يميل العسكريون لأجندتهم السياسية، ويتخلوا عن حيادهم.

وحذرت الكاتبة ريزا بروكس من أن السياسات، التي يطالب بها مؤيدو ترامب، قد تقوض أسس الجدارة العسكرية للضباط الأمريكيين، وتقلل من فعالية الجيش في أي حرب مقبلة، منوهة بأن الجيوش، التي تجند وترقي الأفراد، بناءً على مؤهلاتهم، تؤدي أفضل في ساحة المعركة من تلك، التي تدين بالولاء لفصيل سياسي.

جر الجيش إلى السياسة

تلفت بروكس إلى أن السياسيين الأمريكيين دأبوا على الإشارة إلى الجيش في حملاتهم الانتخابية، بل ويسعون للحصول على تأييد الضباط المتقاعدين، نظرًا للشعبية الكبيرة، التي يتمتع بها الجيش الأمريكي، باعتباره المؤسسة الأكثر ثقة في المجتمع، بحسب استطلاعات الرأي.

وتضيف أن الخدمة العسكرية واحدة من بين العديد من التجارب، التي تؤهل الفرد لشغل منصب سياسي، ولكن معظم حملات العسكريين السابقين تركز على تمتعهم بالوطنية، بنسبة أعلى من غيرهم.

استخدام الجيش

يسعي السياسيون إلى ربط الجيش بسياسات معينة، بحسب التقرير، الذي أشار إلى أنه عندما وقّع ترامب على قانون الهجرة، بعد أسبوع من تنصيبه، أعد حفلًا دعائيًّا للقانون، في قاعة الأبطال بالبنتاجون، وهي القاعة المخصصة لمن حصلوا على وسام الشرف.

ومن جهة أخرى، لفت التقرير إلى أن السياسيين قد يستخدمون رأي العسكريين بمثابة هراوة ضد خصومهم، ففي أغسطس 2021، انتقد العديد من الجمهوريين الرئيس  جو بايدن بزعم مخالفته نصيحة جنرالاته العسكريين، وسحب جميع القوات الأمريكية من أفغانستان.

داعم سياسي

يستخدم السياسيون الجيش داعم سياسيّا، في بعض الأوقات، وهنا يستذكر التقرير حين سافر الرئيسان السابقان، باراك أوباما وبيل كلينتون، إلى الأكاديمية العسكرية في ويست بوينت، للإعلان أولويات جديدة للسياسة الخارجية، في حين لم يعلنوا هذه السياسات من منابر الجامعات مثلًا.

وترى بروكس أنه من الخطير للغاية تصوير الجيش كأنه دائرة انتخابية، مشيرة في هذا الشأن إلى خطاب ترامب أمام رتل من العسكريين الذين يرتدون الزي الرسمي في قاعدة ماكديل الجوية بفلوريدا في فبراير 2017، حين قال: “انتخابات 2016 كانت رائعة، ومن الواضح أنكم اخترتوني، وأنا أيضًا اخترتكم”.

نقص في المجندين

أشار التقرير إلى أن مجموعة المجندين، الذين يستوفون معايير اللياقة البدنية تتضاءل، في حين أن نقص التجنيد يمثل مشكلة، ويلقي اليمين من جهته، باللوم على مبادرات التنوع والشمول، قائلين إنها تقلص من قبول المجندين المؤهلين، في حين تقول سجلات الجيش إن 41% من العسكريين ينتمون إلى الأقليات.

وجادلت بروكس بأن الخطر الحقيقي على الجيش، لا يكمن في احتضانه للتنوع، بل في هجوم اليمينيين ضد مجتمعات الأقلية في الولايات المتحدة، الأمر الذي يشعرهم بأنهم غير مرحب بهم في الخدمة العسكرية، على حد قولها.

تقويض الشعبية العامة

لطالما افتخر الحزب الجمهوري بموقفه المؤيد للجيش الأمريكي، لكن الحزب يهاجم الضباط، الذين لا يدينون بالولاء لترامب، ويرى الجمهوريون أن ذلك شرطًا أساسيًّا للنجاح، ومفيد لمسيرة الضباط العسكريين، بحسب بروكس.

وحذرت الكاتبة من أن تلك الحملات قد تقوض الشعبية العامة للجيش لدى المواطنيين، وتؤدي إلى تراجع الثقة به، خاصة بين مناصري الحزب الجمهوري، مشيرة إلى أن هذا حدث سابقًا مع ضباط سابقين، مثل الجنرال جيم ماتيس، الذي شغل منصب وزير الدفاع في إدارة ترامب، وقلل الأخير من شأنه لإدانته علانية استخدام القوة في مقتل جورج فلويد.

تآكل أخلاقيات الجيش

قالت بروكس إن هذه الطريقة في الهجوم، ستؤدي إلى تآكل الأخلاق الحيادية داخل الجيش، وقد يؤدي ميل اليمينيين للاعتقاد بأن الجيش يجب أن يكون على تحالف أيدلوجي معهم، إلى تحطم المعايير الحيادية للجيش، ويحوله إلى حليف حزبي.

وبحسب المقال، ترسل هذه التصريحات إشارات إلى الضباط الآخرين بأنهم قد يعتمدون في مهاراتهم على الانتماء الأيديولوجي إلى اليمين، وحماية المنظمات التي يقودونها، بل وقد يحصلون على ترقياتهم بهذه الطريقة.

إنكار الانتخابات

ذكرت بروكس أنه لا يزال لديها علامات مقلقة على التآكل في أخلاقيات الجيش الأمريكي، مدللة على ذلك بإنكار مستشار الأمن القومي لترامب والجنرال المتقاعد، مايكل فلين، لنتائج الانتخابات.

وأشارت إلى أن فلين ضغط على ترامب لفرض الأحكام العرفية، بعد خسارة الأخير انتخابات 2020، وزعمت أن حفنة من قدامى المحاربين شاركوا في هجوم 6 يناير على مبنى الكابيتول، بل وتعدى بعضهم على الأفراد العسكريين، الذين تدخلوا لحماية المبنى.

النشاط الحزبي

بالرغم من أن العديد من العسكريين على دراية باللوائح والقوانين، التي تمنع النشاط الحزبي، تشير أبحاث إلى أنهم لا يفهمون لماذا عليهم الالتزام بهذه القواعد، لذا، ترى بروكس أنه على كبار قادة البنتاجون الدفاع عن هذه القضية، ولهذا، تحدث الجنرال مارتن ديمبسي والأدميرال مايك مولين عن أهمية النأي بالجيش عن السياسة.

من جهتها، قالت بروكس إنه يجب على أعضاء الكونجرس، خاصة أعضاء الحزب الجمهوري، تحذير زملائهم وحلفائهم في وسائل الإعلام من عواقب الهجمات المفرطة على العسكريين، وعلى الصحفيين أن يبذلوا قصارى جهدهم لشرح أهمية أخلاقيات الجيش  للجمهور، وأثرها في تماسكه الداخلي.

ربما يعجبك أيضا