«فورين أفيرز»: تاريخ الإمبراطوريات القديمة يسطر مستقبل النظام العالمي

علاء بريك

ماذا على الولايات المتحدة الأمريكية أن تفعل إذا أرادت تجنب احتمال الانهيار والتفكك؟


تاريخيًّا، ظهرت الإمبراطوريات والقوى العظمى وازدهرت ثم شاخت وأفلت في آخر الأمر، في دورة تاريخية تتباين زمنيًّا بين إمبراطورية وأخرى.

وفي مقال نشرته “فورين أفيرز“، يناقش الكاتب السياسي الأمريكي، روبرت كابلان، ذلك من منظور صراعات عالمنا المعاصر وتعايش أطراف الصراع الكبرى، أمريكا والصين وروسيا، إمبراطوريات عصرنا الحالي.

نمط متكرر وتبعات متوقعة

يضرب كابلان أمثلة عدة على إمبراطوريات ظهرت في عصور مختلفة وانهارت، وكان لانهيارها تبعات وخيمة ليس أقلها الفوضى، ومن أهم الأمثلة على ذلك إمبراطورية آل هابسبورج، فهذه جاوزت مدة حكمها في أوروبا عدة قرون، وحين انهارت أتت بالفاشية والنازية.

ويشير كابلان إلى ملاحظة أخرى من سيرة حياة الإمبراطوريات الغابرة أنها قد تضعف وتموت، لكنها تظل جثة حية، ويستحضر في هذا المقام وصف السلطنة العثمانية بـ”الرجل المريض” ليبين كيف أن إمبراطورية ضعيفة قد تعيش طويلًا قبل وفاتها رسميًّا.

مشترك واحد

يشير كابلان إلى أن الصين وروسيا والولايات المتحدة اليوم تعيش ظروفًا مختلفة وتتباين مصالحها حد التعارض أحيانًا، ولكنها على الرغم من كل هذا يجمعها مشترك واحد، ذلك أنها قد تكون هشة إزاء أي هزات قد تجعل مصيرها على غرار مصير الإمبراطوريات السابقة.

ويعزو كابلان هذه الهشاشة في روسيا إلى انخراطها في حرب أوكرانيا بطريقة قد تنهي فيها على نفسها، أما الولايات المتحدة فهشاشتها ترجع إلى حروبها الكثيرة الخاسرة في الخارج، وأما الصين فهشاشتها ترجع إلى استغراقها في المسألة التايوانية المعقدة.

مستقبل غامض

بالإضافة إلى الهشاشة، تشهد هذه الدول في تلك الأيام حالة من عدم اليقين في ما يتصل بالمستقبل، بسبب تحديات تطال جوهر وجودها ذاته، لدرجة أن احتمالات الانهيار لا يمكن استبعادها كليًّا من سيناريوهات مستقبل هذه الدول، بحسب ما يتحدث كابلان.

وعلى سبيل المثال، يرى كابلان أن روسيا ينتظرها أحد مصيرين، أحلاهما مر، فإذا ما انتصرت في أوكرانيا عليها مواجهة عزلة دولية تنعكس تدهورًا في اقتصادها قد يحفز نقمة اجتماعية وانهيارًا من الداخل، وإذا خسرت فستكون على موعد مع تهديد وجودي يطال كيانها.

سيناريوهات النظام العالمي الجديد

على أساس هذه التحولات المتوقعة في المشهد العالمي، يطرح كابلان 3 سيناريوهات محتملة للنظام العالمي مستقبلًا، في أحدها تبرز الولايات المتحدة قوة عالمية وحيدة، بعد تراجع روسيا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وتراجع الصين بسبب مشكلات اقتصادية.

وسيناريو آخر يتكون في ظله عالم ثنائي القطب تحافظ فيه الصين على حيويتها الاقتصادية مع زيادة طابعها الاستبدادي، أما السيناريو الأخير فيشهد التراجع التدريجي لجميع القوى الثلاث، ما يؤدي إلى درجة أكبر من الفوضى في النظام الدولي مع بروز قوى إقليمية متوسطة.

استراتيجية النجاة

يعود كابلان إلى الإمبراطورية البيزنطية ليستخلص من سيرتها الطويلة، فقد امتدت حياتها إلى ما يزيد على ألف و500 عام، وصفة لنجاة القوى العظمى لفترة من الزمن، جوهرها الابتعاد قدر الإمكان عن الحروب المباشرة والاعتماد على التحالفات وتجميد الوضع القائم.

وبناءً على هذه النتيجة، يرى كابلان أن على الولايات المتحدة إذا شاءت النجاة والبقاء أمة واحدة وتجنب الفوضى داخليًّا وعلى الصعيد العالمي أن تبتعد عن عقلية نشر الديمقراطية بالإكراه والعنجهية في السياسة الخارجية والتفكير بأسوأ السيناريوهات لتجنبها.

ربما يعجبك أيضا