«فورين أفيرز» تشرح اللعبة التايوانية الطويلة.. هل تشن الصين حربًا؟

أحمد ليثي
اللعبة التايوانية الطويلة

الصين صارت أكثر استعدادًا الآن للتشابك مع الولايات المتحدة في تايوان، لأنها تسعى لتحقيق طموحات أوسع.


على مدار 70 عامًا، تمكنت الصين والولايات المتحدة من تجنب الحرب بينهما بشأن تايوان، لكن في دوائر السياسة الأمريكية إجماعًا على أن هذا السلام لن يستمر.

وحسب تقرير لأستاذ الدراسات الصينية الأمريكي، جود بلانشيت، نشرته مجلة “فورين أفيرز” في 27 ديسمبر 2022، يجادل العديد من المحللين وصناع السياسة بأن الولايات المتحدة يجب أن تستخدم كل قوتها العسكرية للاستعداد لحرب مع الصين.

تحذير أمريكي

حذّر قائد البحرية الأمريكية، مايك جيلداي، من أن الصين قد تستعد لغزو تايوان قبل عام 2024. وردد أعضاء في الكونجرس، منهم النائب الديمقراطي سيث مولتون، والممثل الجمهوري مايك جالاجر، المزاعم نفسها التي تفيد بغزو الصين لتايوان.

ويشير تقرير “فورين أفيرز” إلى أن الولايات المتحدة ملزمة بالدفاع عن تايوان بموجب قانون العلاقات مع تايوان، الذي سنّته عام 1979، بالإضافة إلى أن واشنطن لديها أسباب استراتيجية واقتصادية قوية للوقوف بحزم بجانب الجزيرة، باعتبارها دولة ديمقراطية رائدة في قلب آسيا.

اللعبة التايوانية الطويلة

اللعبة التايوانية الطويلة

معضلة استراتيجية

قال بلانشيت إن واشنطن تركز على الحلول العسكرية، لكن قد يكون هذا خطرًا على مصالحها الخاصة، ومصالح تايوان نفسها. ويرى أن المقياس الوحيد الذي يجب الحكم عليه، هو ما إذا كانت السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة تساعد في الحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان.

وأشار بلانشيت إلى أن واشنطن يجب أن تفهم دوافع قلق الصين، وتدرك حسابات بكين الحالية، ولا تعتمد على التكهنات التبسيطية وغير الدقيقة التي تفيد بأن بكين تسرّع خطط غزو تايوان، وأن لا تدعم أي خطط تضعها الولايات المتحدة أمن الجزيرة فقط، ولكن أيضًا مرونتها وازدهارها.

الحرب الأهلية الصينية

في السنوات الأخيرة من الحرب الأهلية الصينية بين الشيوعيين والقوميين (الكومنتانج) 1945-1949، تراجع القوميون إلى تايوان وأقاموا معاهدة دفاع مشترك مع الولايات المتحدة، التي عملت من وقتها على الحفاظ على السلام في مضيق تايوان، بعدم إعلان استقلال الجزيرة، وإجبار بكين على عدم ضمها.

ووقف الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج دبليو بوش، بجانب رئيس الوزراء الصيني، ون جيا باو، وعارض علنًا اقتراحات تايبيه بإعلان الاستقلال واعتبرها مزعزة للاستقرار. وفي أوقات أخرى، استعرضت واشنطن قوتها العسكرية أمام بكين، كما حدث عندما أرسل الرئيس الأمريكي الأسبق، بيل كلينتون، حاملة طائرات إلى مضيق تايوان.

الصين مستعدة

أشار التقرير إلى أن الصين صارت أكثر استعدادًا الآن للتشابك مع الولايات المتحدة، لأنها تسعى لتحقيق طموحات أوسع، خاصة أن الزعيم الصيني شي جين بينج، راكم قوة أكبر من أسلافه، وقد يكون أكثر تحملًا للمخاطر عندما يتعلق الأمر بتايوان.

وتخلت واشنطن عن التصرف كحكم مبدئي ملتزم بالحفاظ على الوضع الراهن والسماح للطرفين بالتوصل إلى تسوية سلمية خاصة، وتحول تركيزها إلى مواجهة تهديد الصين على تايوان، وهو ما دفع الرئيس الأمريكي جو بايدن، لإعلان أن واشنطن ستتدخل عسكريًّا نيابة عن تايوان في أي صراع عبر المضيق.

اللعبة التايوانية الطويلة

اللعبة التايوانية الطويلة

إشارات مقلقة

ترى عالمة السياسة الأمريكية، أوريانا سكايلر ماسترو، إشارات مقلقة على إعادة بكين النظر في نهجها السلمي، وتفكيرها في ضم الجزيرة بالسلاح، وفق “فورين أفيرز”. وفي أغسطس 2022، دعا نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق إلبريدج كولبي، في المجلة، الولايات المتحدة إلى الاستعداد لحرب وشيكة بتايوان.

وتستند كل هذه التحليلات في أحكامها على القدرات العسكرية المتوسعة للصين. لكنها فشلت في التعامل مع أسباب عدم استخدام الصين للقوة ضد تايوان، نظرًا إلى أنها تتفوق بالفعل على الجزيرة بقوتها العسكرية.

إعادة التوحيد

في خطابه في المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني، في أكتوبر الماضي، أعلن الرئيس شي جين بينج أن إعادة التوحيد السلمي تظل أفضل طريقة لتحقيق هدف الصين بضم تايوان، مشيرًا إلى أن بكين حافظت على المبادرة والقدرة على توجيه العلاقات عبر المضيق.

وحسب التقرير، أدت الاتجاهات السياسية الداخلية في تايوان إلى تضخيم مخاوف الصين، فقد همشت الانتخابات في تايوان حزب “الكومنتانج” المؤيد تاريخيًّا لبكين، وعزز الحزب الديمقراطي التقدمي ذو الميول الاستقلالية سلطته، وبدأت واشنطن استخدام تايوان أداة لإضعاف الصين وتقسيمها.

قلق متنامي

انقسم الرأي العام في تايوان بشأن الصيغة السياسية للبلاد، فالصين تتحكم في تايوان لكنها تسمح لها ببعض المجال لتحكم نفسها اقتصاديًّا وإداريًّا، لكن مع إلغاء بكين وعدها لهونج كونج بمنحها درجة عالية من الحكم الذاتي، أصبحت تايوان متشككة بشأن الاستقلال الكامل عن الصين.

وأشار تقرير “فورين أفيرز” إلى أن قلق واشنطن المتنامي مدفوع بالقدرات العسكرية المتنامية للصين. ووفقًا لمدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وليام بيرنز، أصدر الرئيس الصيني تعليماته لجيشه بالاستعداد للصراع بحلول عام 2027، منوهًا بأن ضم تايوان مطلب للأمة الصينية.

تهديد حقيقي

قال جود بلانشيت إن التهديد العسكري لتايون حقيقي، لكنه ليس التحدي الوحيد الذي تواجهه الجزيرة، وهو ما يجعل الولايات المتحدة تخاطر بإغفال المشكلات الاستراتيجية الأوسع التي من المرجح أن تواجهها.

وتحاول بكين إقناع شعب تايوان بأن خيارهم الوحيد لتجنب الخراب هو الموافقة على السلام بشروط بكين. ويثير محللون ومسؤولون أمريكيون مخاوف تايوان من خلال تضخيم خطر الغزو الصيني لتايوان، ويرسلون أيضًا إشارات سلبية إلى الشركات والمستثمرين بأن تايوان منطقة خطرة، حسب التقرير.

ربما يعجبك أيضا