فورين أفيرز: كيف تبدو أمريكا مبالغةً في تقدير الضعف الصيني؟

عمر رأفت
فورين بوليسي .. كيف تبالغ الولايات المتحدة في تقدير الضعف الصيني؟

تمر العلاقات الأمريكية الصينية بفترة من التوتر، بعدما شهدت الفترة الماضية مجموعة من المحادثات لإمكانية تهدئة الأوضاع وعودة العلاقات بين البلدين، ولكن جاءت أزمة منطاد التجسس الصيني لتوقف كل شيء.


تبرز مجلة فورين أفيرز الأمريكية رؤية الولايات المتحدة للصين في تحليل للكاتب كريستوفر جونسون بعنوان “كيف تبالغ واشنطن في تقدير الضعف الصيني؟”.

وقالت المجلة الأمريكية، في تحليلها، إن الجميع كان يظن أن الرئيس الصيني الحالي، شي جين بينج، سيكون إمبراطور العصر الحديث، بعد أن حصل على فترة ولاية ثالثة تاريخية في أكتوبر 2022، ولكن سرعان ما تغيرت تلك الفكرة.

شي يواجه ضغوطات

أضافت فورين أفيرز أن تلك التوقعات كانت خاطئة، فالرئيس الصيني يواجه ضغوطات في بلاده، بل إنه لا يتحكم في زمام الأمور بحزم وقوة مثل ما كان يعتقده البعض.

وأشار بعض المراقبين، في تحليل المجلة الأمريكية، إلى سياسة الصين التي وصفت بالفوضوية بشأن فيروس كورونا وأزمة منطاد التجسس الصيني من تنظيم الجيش الصيني، الذي لا يريد لشي علاقات مستقرة مع واشنطن.

ولم تتجاهل فورين أفيرز في تحليلها، دهاء شي السياسي، رغم المشكلات التي يواجهها، فالرئيس الصيني يبذل أقصى جهد للعمل على معالجة العيوب الواضحة، والعمل على إيجاد حلول سريعة وفعالة.

انتقادات ضد سياسات الرئيس الصيني

بدأ شي، حسب ما ذكرت فورين أفيرز، في التغلب على العقبات شيئًا فشيئًا، وبدأ في وضع أجندة سياسية واضحة للصين ترتب عليها رهانات كبيرة، بما في ذلك محاولاته المحفوفة بالمخاطر للتخلص من القطاع المالي الصيني المتخم بالديون.

ويدين المحللون الغربيون حسب ما ذكرت فورين أفيرز بشدة سياسات شي، ووصفها بأنها مدمرة للصين وتهدد البلدان الأخرى، ولكن المجلة الأمريكية قالت إنه من السابق لأوانه إصدار مثل تلك الأحكام.

وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن سياسات شي تشترك في شيء واحد وهي الحفاظ على خلق توازن بين خصومه على المستوى المحلي والإقليمي، فعلى سبيل المثال، يفتقر الحزب الشيوعي الصيني إلى أسس مثل النظم الديمقراطية المستمدة من مؤسساتها أو من المعتقدات المشتركة مثل الدستورية.

توازن القوى

قالت فورين أفيرز، في تحليلها، إن شي يرى أن سياسة الحزب الشيوعي الصيني هي جعل البيروقراطيات في بكين مراكز قوة منافسة محتملة، وهذا يشجعه على إبقائها منفصلة عن بعضها، وقد يصل الأمر إلى إحداث خلافات في ما بينها.

ومن ناحية أخرى، تحدثت فورين أفيرز عن نتيجة سياسة شي في التعامل مع الحزب الشيوعي الصيني، فقالت إن عزل البيروقراطيات أكثر من اللازم يتسبب في صعود إقطاعيات مستقلة موالية فقط لرؤساء الأحزاب، وأن هذه المعضلة أصابت قادة الصين منذ ماو تسي تونج.

وأوضحت المجلة الأمريكية في تحليلها، أن شي يضع أجهزة الأمن الرئيسة في الصين تحت سيطرة مدنية أكثر صرامة، وهذا النهج المتغير قد يجعل بكين أقل خطورة من أولئك الذين يريدون الاعتراف بسرد الحرب الباردة الجديدة مع الصين.

على واشنطن الصبر

قالت المجلة الأمريكية إن واشنطن عليها الصبر والثقة بسياسات شي الجديدة، في حين أشارت إلى أن بكين تحتاج إلى الالتزام بتلك السياسات لتكسب ثقة الولايات المتحدة الأمريكية.

وذكرت المجلة الأمريكية أن العديد من المراقبين صُدموا عندما تخلت الصين فجأة عن سياسة “صفر كورونا” في أواخر عام 2022، بل أدى هذا الأمر إلى اعتقاد البعض بأن فترة شي الثالثة ستكون بمثابة خراب وفقدان سيطرة.

ووصل الأمر، حسب ما ذكرت فورين أفيرز، إلى تهميش شي في جنازة الرئيس الصيني السابق، جيانج زي مين، الذي توفي بعد أيام فقط من احتجاجات الشوارع في نوفمبر الماضي، ويُزعم أن شي يخشى من أن وفاة جيانج قد تؤدي إلى إثارة اضطرابات إضافية، كما حدث في الماضي بوفاة قادة آخرين مرموقين للحزب الشيوعي الصيني.

انقسام مدني عسكري

بخصوص أزمة منطاد التجسس الصيني، قالت المجلة الأمريكية في تحليلها على لسان المسؤول الكبير في البنتاجون، كولن كال، إنه يوجد انقسام مدني عسكري، بسبب الأزمة الأخيرة التي ترتب عليها توقف زيارة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن.

وأضاف كال في تصريحاته، أن أزمة منطاد التجسس الصيني بمثابة خطأ آخر من الصين ومقلق في نفس الوقت، ويبدو غريبًا أن شي يمكن أن يؤيد مثل هذه الأفكار الخطيرة، خاصة أنه كان يعلم أن تلك الزيارة سوف تساعد في استقرار العلاقات مع واشنطن.

واللافت في الأمر، حسب ما ذكر تحليل فورين أفيرز، أن الجيش الصيني يتجاهل تلك الأزمة، بل إن الأمر وصل إلى لا مبالاة واضحة من الخارجية الصينية بشأن هذا الأمر، بل الشيء المفاجئ أيضًا وجود تقارير تشير إلى أن جيش التحرير الشعبي الصيني سعى لإفشال زيارة بلينكن، لإفساد مخططات شي مع واشنطن.

أزمة منطاد التجسس ليست سببًا رئيسًا

أشار التحليل إلى أن أزمة منطاد التجسس الصيني، لا تعد السبب الرئيس لإلغاء زيارة وزير الخارجية الأمريكي، لأن الأمر أكبر وأعظم من أزمة مثل هذه، فبكين ترى واشنطن عدوها اللدود، خاصة بعد العمل الذي تنفذه أمريكا لكبح جماح طموحات الصين العالمية منذ 6 سنوات.

وتعد رئاسة الدولة هي المنصب الأقل أهمية من بين المناصب الرئيسة لشي، فتأتي واجباته، بوصفه رئيسًا للحزب والجيش، في المرتبة الأولى، وينظر شي إلى وكالاته الخارجية والأمنية على أنها أدوات يجب استخدامها بصرامة وانتظام.

ويوجد فرق كبير بين هيكلي النظام الصيني والأمريكي، ويجهل بايدن وكبار مسؤوليه الاختلافات الجوهرية بين النظامين، في حين أخبر بايدن شي أنه يريد المنافسة بين البلدين بدلًا من الصراع، ولكنه قال مرارًا وتكرارًا إن الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان عسكريًّا.

 

ربما يعجبك أيضا