فورين بوليسي: أوروبا «الساذجة» لا تبالي بالخطر العسكري الصيني

شروق صبري
طيارون ألمان

يجب على الحكومات الأوروبية إصدار تشريعات لحظر مواطنيها والشركات من مساعدة جيش التحرير الشعبي بأي شكل من الأشكال، وتغيير العقلية الأوسع في أوروبا بشأن التهديد العسكري الصيني.


كشفت مجلة “دير شبيجل” عن أن العديد من عناصر سلاح الجو الألماني السابقين، دربوا طيارين عسكريين صينيين على مدار العقد الماضي.

ونقلت المجلة الألمانية، في تقرير لها، عن مسؤولين أمنيين لم تكشف عن أسمائهم، تحذيرًا من احتمال أن يكون الطيارون نقلوا الخبرة العسكرية والتكتيكات العملياتية السرية للصين، وحتى إنهم مارسوا سيناريوهات الهجوم على تايوان.

تاريخ التعاون بين ألمانيا والصين

أكدت مجلة فورين بوليسي ‏الأمريكية ما أوردته دير شبيجل، مشيرة إلى أنه في الثلاثينات من القرن الماضي، أرسلت ألمانيا مستشارين عسكريين، للمساعدة في بناء وتدريب القوة الجوية للصين، التي قاتلت في هذا الوقت المتمردين الشيوعيين، بقيادة ماو تسي تونج، والجيش الإمبراطوري الياباني.

وبعد ذلك بسنوات قليلة، توترت العلاقات الصينية الألمانية، عندما تحالفت برلين مع طوكيو في الاتفاق الثلاثي مع إيطاليا. وبحلول ذلك الوقت، لم يكن الطيارون الصينيون تلقوا تدريبات فقط من القوات الجوية الألمانية (لوفتفافه)، لكنهم قادوا أيضًا قاذفات وطائرات مقاتلة ألمانية الصنع، لمهاجمة الشيوعيين واليابانيين.

طيارون ألمان

طيارون ألمان

تدريب القوات الجوية الصينية

عمل طيارو «لوفتفافه»، في أثناء وبعد الحرب الباردة مباشرة، حتى أولئك المتقاعدين، الذين لم يسافروا بالطيران مؤخرًا، على تعليم الطيارين الصينيين تخطيط وتنفيذ وقمع وتدمير الدفاع الجوي للعدو، من خلال العمليات الحرجة المعروفة بـ(SEAD)، وهي مجموعة مهارات مهمة للقوات الجوية الصينية، لاكتسابها من أجل الحصول على التفوق الجوي في أي قتال على تايوان.

وكانت هذه المهمة القتالية الوحيدة لـ«لوفتفافه» منذ الحرب العالمية الثانية، حتى عام 1999، عندما شاركت 4 طائرات مقاتلة ألمانية من طراز (Tornado)، مزودة بقدرات حرب إلكترونية وصواريخ مضادة للإشعاع، قادرة على تتبع إشارات الرادار الواردة من مصدرها، في حملة الناتو (SEAD) ضد الدفاعات الجوية الصربية.

العمليات الجوية المركّبة

كان بإمكان الطيارين الألمان تعليم نظرائهم الصينيين تفاصيل أخرى مهمة عن التخطيط للعمليات الجوية. وبإمكانهم تبادل المعلومات بشأن العقيدة العسكرية لحلف الناتو، بشأن العمليات الجوية المركبة، التي تتمثل في كيفية تجميع الحلف لأنواع مختلفة من الطائرات معًا في عمليات محددة.

وتتطلب أي حملة صينية من نوع SEAD ضد الدفاعات الجوية التايوانية، مزيجًا من الطائرات المختلفة، التي تعمل معًا، وكلها مدمجة في حملة هجوم أوسع تشمل صواريخ كروز وصواريخ باليستية مطلقة من الأرض، إلى جانب طائرات مسيّرة من أنواع مختلفة. فضلًا على أن تنفيذ مثل هذه العملية صعب ومليء بالتعقيدات.

سذاجة الأوروبيين

يأتي التقرير الألماني في أعقاب الكشف العام الماضي عن أن 30 طيارًا سابقًا في سلاح الجو الملكي البريطاني قدموا المشورة لجيش التحرير الشعبي، وعلّموا الطيارين الصينيين تكتيكات الناتو والعقيدة العسكرية الغربية.

وقالت مجلة فورين بوليسي ‏الأمريكية إن قدرة هؤلاء الطيارين الألمان والبريطانيين على خدمة الجيش الصيني، في مثل هذه المنطقة الحساسة لفترة طويلة، تعكس مرة أخرى ما بوصفته بـ”سذاجة الأوروبيين” بشأن التعامل مع بكين، خاصة في المجال العسكري، مشيرة إلى أن أوروبا بحاجة للتوقف عن الاستخفاف بالتهديد الذي يهدد أمنها بسبب القوة العسكرية الصينية المتنامية.

طيارون ألمان

طيارون ألمان

سر عدم المبالاة الأوروبية

فسرت المجلة الأمريكية ما وصفته بـ”عدم مبالاة” أوروبا تجاه الطموحات العسكرية الصينية، بأن الأوروبيين ينظرون إلى المواجهة العسكرية الأكثر احتمالًا على أنها صراع على تايوان، في شرق آسيا، وليست قتالًا بين الولايات المتحدة والصين.

وأضافت أن الأوروبيين يخطئون في قلقهم بشأن روسيا وليس الصين، لأن المعدات العسكرية التي تحتاجها الولايات المتحدة لخوض حرب محتملة ضد الصين في شرق آسيا، هي بالضبط المعدات العسكرية التي تحتاجها أوروبا للحفاظ على الردع المناسب ضد روسيا.

مخاطر السذاجة الأوروبية

أوضحت المجلة، في تقريرها، أن السبب الأكبر وراء افتقار أوروبا للقلق الكافي بشأن نشر مواطنيها الأسرار العسكرية في بكين، هو افتقار العديد من الحكومات الأوروبية للجدية بشأن التهديدات العسكرية،  على حد وصفها، مضيفة أن هذا يجب أن لا يكون مفاجئًا، خصوصًا أن الصناعة الأوروبية ساعدت بنحو مباشر أو غير مباشر في التعزيز العسكري لروسيا على مر السنين.

ورأت أن ساذجة أوروبا بشأن التهديد الصيني، ونقل الأسرار العسكرية إلى الصينيين أدت إلى زيادة صعوبة خوض أي حرب في آسيا وانتصارها على الولايات المتحدة وحلفائها فحسب، وكذلك تقوية الخصوم وإعلامهم بتكتيكاتهم يجعل مهمة ردع الحروب المستقبلية في أي منطقة أكثر صعوبة.

اقرأ أيضًا| السويد قد تسمح لـ«الناتو» بنشر قوات قبل نيل العضوية
اقرأ أيضًا| هذا ما طلبه هاكان فيدان مقابل تأييد تركيا انضمام السويد إلى «الناتو»

ربما يعجبك أيضا