فورين بوليسي: هل تستفيد بكين من تكتيكات روسيا لغزو تايوان؟

آية سيد

بينما تتجه أنظار الولايات المتحدة إلى الأزمة الأوكرانية, هل يحاول الرئيس الصيني أن يحذو حذو نظيره الروسي في تايوان؟


قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية إن الولايات المتحدة تحتاج لخيارات دبلوماسية وعسكرية موثوقة لكي تساعد تايوان في مقاومة القسر الصيني.

أوردت المجلة الأمريكية تحليلًا للكاتب ومدير الدراسات الآسيوية بمعهد المشروع الأمريكي لأبحاث السياسة العامة، دان بلومنتال، في 18 فبراير 2022، يحذر فيه من أن بكين ربما تهدد باستخدام القوة والتسبب في أزمة سياسية-عسكرية بدلًا من الغزو الصريح لتايوان، على غرار ما تفعله روسيا مع أوكرانيا.

السيطرة الصينية على تايوان.. أهداف وتحديات

يذكر بلومنتال أن هدف بكين هو إرغام تايوان على تلبية مطالبها السياسية المتمثلة في قبول السيطرة الصينية على الجزيرة، ومنع الولايات المتحدة من الوقوف في طريقها. ولفت الكاتب إلى أن الصين لا تحتاج إلى غزو تايوان لتحقيق هذه النتيجة، بل ربما تكتفي بنتيجة تشبه هونج كونج، وفيها تتولى حكومة أكثر إذعانًا السلطة في تايبيه وتقدم تنازلات تعزز السيطرة الصينية على الجزيرة.

لكن الكاتب يقول، إن التحدي الذي يواجه بكين هو أن تايوان دولة مستقلة ومنفصلة عن البر الرئيسي بمسطح مائي، والسلطات الصينية ليست موجودة في تايوان مثلما كانت في هونج كونج. ومن أجل التغلب على هذه العقبات، يجب على الصين أن تدبر أزمة تُجبر تايوان على تقديم تنازلات عبر التهديد بحرب شاملة.

ويلفت الكاتب إلى أنه إذا اتبعت الصين حملة قسر مكثفة شبيهة باستراتيجية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا، لن تكون واشنطن مستعدة للتعامل معها، ولهذا تحتاج واشنطن لخيارات دبلوماسية وعسكرية موثوقة خلال الأزمة.

عقبات أمام واشنطن لمواجهة الأزمة

يذكر بلومنتال أن آسيا لا تمتلك حلفًا كبيرًا مثل الناتو لردع العدوان على أعضائه. ويشير إلى أن وجود الناتو يجعل روسيا تحسب رد فعل الحلف في حالة عدوانها على أوكرانيا. لكن على النقيض، لا توجد دولة ملتزمة بالحفاظ على سيادة تايوان واستقلالها السياسي.

وفي هذا الشأن، يذكر الكاتب أن الولايات المتحدة ربما تكون الأقرب لكنها لا تعترف بتايوان كدولة، وبالتالي لها تعامل سياسي محدود مع قادتها. هذا يجعل تنسيق السياسة في حالة الأزمة أمر في صعب.

إضافة إلى ما سبق، لا تملك الولايات المتحدة التزامًا رسميًا بالدفاع عن تايوان، وهو ما يجعل المشاركة العسكرية مقيّدة بشدة، كما أن الجيشين لا يجريا تدريبات عسكرية مشتركة ولا يتخذان الخطوات الأخرى اللازمة من أجل الاستعداد لقتال مشترك.

خطوات ضرورية لمنع سقوط تايبيه

يفيد بلومنتال بوجود خطوات دبلوماسية وعسكرية يمكن أن تتخذها واشنطن الآن للحيلولة دون سقوط تايبيه بدون أن تخالف التزامها بألا تعترف من جانب واحد بتايوان كدولة مستقلة.

أولًا: يمكن لواشنطن أن تدرب قوة عسكرية أمريكية صغيرة لتكون مستعدة للنزول في تايوان عند أول إشارة على وجود مشاكل للمساعدة في حماية قيادتها، والاندماج في وحدات الخطوط الأمامية، وتأمين الاتصالات بين تايوان والعالم الخارجي.

ويلفت الكاتب إلى أن وجود قوات عسكرية أمريكية مبكرًا في الأزمة سيعطي دفعة نفسية قوية للشعب التايواني وقادته، وقد يُثني بكين عن تصعيد الأزمة، ولهذا فإن عدد القوات الأمريكية المشاركة لا يحتاج لأن يكون كبيرًا أو استفزازيًا.

وثانيًا: يتعين على الولايات المتحدة بدء مباحثات استراتيجية وتدريبات محاكاة مع القيادة السياسية والعسكرية لليابان والهند وأستراليا والعضوين الدائمين في مجلس الأمن بريطانيا وفرنسا على الردود على الأزمة التايوانية.

فبحسب الكاتب، ينبغي على القادة الحلفاء الإلمام بالردود العسكرية المحتملة، وكذلك أيضًا الاستراتيجيات الدبلوماسية والاقتصادية والسيبرانية الأخرى التي تهدف إلى عزل الصين ومعاقبتها وتعريضها لمصاعب مالية شديدة إذا اختارت طريق العدوان.

استفزازات صينية متعمدة

يلفت الكاتب إلى أن الصين نكثت وعدها للولايات المتحدة بأنها ستحل خلافاتها مع تايوان بالطرق السلمية. ويشير إلى أن الصين أعدّت جيشها لغزو تايوان، ورفضت شجب استخدام القوة في حل النزاع، ومررت قانون “مناهضة الانفصال” الذي يحتوي على تهديدات بمهاجمة تايوان إذا لم تلبي شروطًا سياسية معينة.

إضافة إلى أنها تتوغل المجال الجوي التايواني تكرارًا، وتشارك في تدريبات عسكرية استفزازية بالقرب من الجزيرة. ولهذا فإن اتخاذ خطوات صغيرة للاستعداد لما قد تصبح واحدة من الأزمات الأكثر تعقيدًا في التاريخ يستحق الاحتجاجات الدبلوماسية الصينية.

وختامًا، يقول بلومنتال إن عزلة تايوان الدولية تجعلها عُرضة لحملة ترهيب وقسر على الطريقة الروسية، وإذا كانت الولايات المتحدة ترغب في مساعدة تايوان في الحفاظ على استقلالها الفعلي، سوف تحتاج لأن تصبح أكثر إبداعًا ونشاطًا في إعداد ردود دبلوماسية واقتصادية وعسكرية على مخططات الصين للجزيرة.

أسباب الخلاف بين الصين وتايوان

يجدر الإشارة إلى أن الخلاف بين الصين وتايوان يكمن في أن الصين تعد تايوان مقاطعة انفصالية وتعهدت باستعادتها بالقوة إذا لزم الأمر، لكن قادة تايوان يشددون على أنها دولة ذات سيادة، سواء أعلنت استقلالها رسميا أم لا. وفي السنوات الأخيرة، كثفت الولايات المتحدة تواصلها مع تايوان وطمأنت تايبيه على دعمها المستمر.

وفي سبتمبر من العام الماضي، أرسلت واشنطن مسئولًا رفيع المستوى في وزارة الخارجية إلى الجزيرة في أول زيارة رسمية من نوعها منذ عقود، وهو ما أثار غضب بكين ودفعها إلى إجراء تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية في الممر المائي الذي يفصل تايوان عن البر الرئيسي أثناء تلك الزيارة، كما أبلغت تايوان في الآونة الأخيرة عن “توغلات جوية” متكررة لطائرات حربية صينية، بحسب ما ورد في تقرير لوكالة بي بي سي.

 

ربما يعجبك أيضا