«فوضى وميونيخ».. كيف تدعم نتفليكس إسرائيل؟

نتفليكس في مرمى الاتهامات.. أعمال في صالح إسرائيل

أحمد عبد الحفيظ

في السنوات الأخيرة، لاحظ كثير من المشاهدين أن بعض إنتاجات منصة “نتفليكس” تتبنى سرديات تتعاطف مع إسرائيل، أو تعرض وجهة نظر متحيّزة تجاهها في سياق الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

يأتي هذا الأمر وسط نقاشات واسعة عن تأثير الإعلام والأفلام على تشكيل الرأي العام بشأن القضايا السياسية والإنسانية.

سياسة المنصات العالمية والتأثير الثقافي

بحسب صحيفة “مونت كارلو” الدولية، في تقرير لها الثلاثاء 29 أكتوبر 2024، تعتبر “نتفليكس” من أبرز المنصات الإعلامية العالمية التي تسعى لجذب مشاهدين من مختلف الخلفيات الثقافية والدول، لذا، فإن توجهاتها الإنتاجية ترتبط غالبًا بمحاولة تلبية أذواق واهتمامات جماهيرها في مناطق متعددة، وهنا يأتي الدور الكبير للسياسات التحريرية والخيارات الفنية التي قد تتأثر بالاتجاهات السياسية السائدة في الغرب.

من ناحية، قد تتبنى “نتفليكس” سرديات معينة لجذب جمهور مُحدد في مناطق معينة، مثل أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية، حيث تعتبر القاعدة الجماهيرية الأكبر للمنصة، في هذه المناطق، هناك توجهات ثقافية وسياسية داعمة لإسرائيل، وهو ما قد يؤثر على نوعية المحتوى المنتج وطريقة تقديم القضايا المعقدة مثل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.

التعاون مع صناع الأفلام الإسرائيليين

إحدى العوامل التي قد تفسر هذا التوجه هي الشراكات والتعاونات التي تجريها “نتفليكس” مع صناع الأفلام والمنتجين الإسرائيليين، إذ عقدت المنصة صفقات إنتاج مشتركة مع شركات إسرائيلية، مثل صفقتها الشهيرة مع شركة “كيشت”، هذه الشراكات تؤدي إلى إنتاج مسلسلات وأفلام تعكس الرواية الإسرائيلية، أو تتبنى وجهات نظر تتماشى مع السياسات الرسمية الإسرائيلية.

يبرز هذا التعاون في إنتاج مسلسلات مثل “فوضى”Fauda” و”ميونيخ” التي حققت شعبية واسعة على المنصة، يتناول هذا المسلسل الصراع بين القوات الإسرائيلية والمجموعات الفلسطينية، لكنه يقدم سردية تتعاطف مع الجنود الإسرائيليين، مع التركيز على قصصهم الإنسانية وعواطفهم، في المقابل، قد يتم تصوير الفلسطينيين في كثير من الأحيان بطرق نمطية سلبية.

التأثير الأمريكي والدعم السياسي لإسرائيل

من المهم أيضًا النظر إلى السياق الأمريكي، حيث يوجد دعم سياسي كبير لإسرائيل، خاصة في الأوساط الإعلامية والثقافية، تعتبر الولايات المتحدة أكبر سوق لنتفليكس، ما يجعلها تتأثر بالثقافة العامة السائدة هناك.

بالإضافة إلى ذلك، توجد لوبيات قوية مؤثرة على السياسة والثقافة الأمريكية تعمل على تحسين صورة إسرائيل في وسائل الإعلام.

تأتي الأفلام والمسلسلات كأداة قوية لتشكيل الرأي العام وتوجيهه، ومن خلال تقديم إسرائيل بشكل إيجابي أو متعاطف، قد تساهم “نتفلكس” في تعزيز الصورة التي تتبناها الحكومات الغربية تجاه إسرائيل.

مخاطر التحيّز الإعلامي وانعكاساته

في المقابل، تواجه “نتفليكس” انتقادات واسعة من منظمات حقوقية ونشطاء يطالبون بتقديم رواية متوازنة للصراع، تعكس معاناة الطرفين دون الانحياز لطرف على حساب الآخر.

هذه الانتقادات لا تقتصر فقط على المحتوى المتعلق بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، بل تمتد إلى قضايا أخرى، حيث ينظر إلى أن المنصة تتبنى سرديات تخدم سياسات معينة أو تروّج لوجهات نظر محددة.

على المدى الطويل، قد يؤدي الانحياز الإعلامي إلى خلق صور نمطية وتعزيز تصورات غير واقعية أو مشوهة عن الواقع، إذ يعتبر الإعلام وسيلة أساسية لبناء الوعي وتعزيز الحوار بين الثقافات، وبالتالي، فإن تقديم صورة أحادية الجانب عن قضايا حساسة قد يعيق الفهم العميق لها.

التوازن بين الفن والسياسة

في النهاية، تعتبر “نتفليكس” شركة تجارية تهدف إلى زيادة قاعدة مشتركيها وإنتاج محتوى يجذب الجمهور، ومع ذلك، يظل السؤال بشأن مدى مسؤولية هذه المنصات في تقديم وجهات نظر متوازنة وغير مُتحيزة تجاه القضايا السياسية الحساسة.

ويظل النقاش عن كيفية تقديم الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي في الإعلام مسألة معقدة، تتداخل فيها السياسة مع الفن، والاقتصاد مع الثقافة، ورغم تنوع الآراء بشأن هذا الموضوع، يبقى من الضروري تعزيز النقد والمُساءلة تجاه ما يتم تقديمه، لضمان أن تكون الرواية أكثر شمولية وإنسانية.

ربما يعجبك أيضا