فيديو الرهائن يشعل الجدل ويكشف عن هشاشة إسرائيل

إسرائيل بين صدمة فيديو الرهائن وتصاعد الهجمات على عدة جبهات

شروق صبري
إسرائيل تخوض حرب متعددة الجبهات

إسرائيل تواجه تهديدات متعددة الجبهات في ظل تصاعد الصراع مع إيران وحزب الله. فما التفاصيل؟


نشر الجيش الإسرائيلي مقطع فيديو مؤلم يظهر تفاصيل أحد الأنفاق في غزة، حيث تم إعدام 6 رهائن إسرائيليين.

أثار الفيديو نقاشاً واسعاً في إسرائيل حول كيفية التعامل مع ملف الرهائن، مما أدى إلى انقسام في الآراء بين من يدعو لعقد صفقة مع حماس، ومن يطالب بتصعيد الضغط العسكري.

فيديو الرهائن

عُرض الفيديو لأول مرة في مؤتمر صحفي الثلاثاء 10 سبتمبر 2024، حيث ظهر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، اللواء دانييل هجاري، وهو يوضح الظروف القاسية التي احتُجز فيها الرهائن.

وبحسب ما نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، اليوم الجمعة 13 سبتمبر 2024، أظهر الفيديو النفق الذي تم فيه احتجاز وقتل الرهائن، بجانب المشاهد المؤلمة التي توضح كيف عاشوا في ظروف غير إنسانية، مع ظهور زجاجات البول وأماكن قذرة وغياب التهوية.

غضب ضد الحكومة

بينما ركز البعض غضبهم على الحكومة الإسرائيلية، معتبرين أن المماطلة في التوصل إلى صفقة مع حماس قد تسببت في مقتل الرهائن، يرى آخرون أن الفيديو يعزز ضرورة عدم التفاوض مع حماس.

طالب الفريق الداعي لعقد صفقة مع حماس بأن يتم الإسراع في الوصول إلى اتفاق لتجنب المزيد من المآسي، بينما شدد المعارضون على ضرورة استخدام المزيد من القوة العسكرية لحل الأزمة بدلاً من الخضوع لمطالب حماس.

لماذا نُشر الفيديو الآن؟

يُعتقد أن الجيش الإسرائيلي قرر نشر هذا الفيديو لاطلاع الجمهور على الظروف التي احتُجز فيها الرهائن ولزيادة الضغط على الحكومة للتوصل إلى اتفاق مع حماس، كما تم توزيع الفيديو على وسائل الإعلام الدولية لتسليط الضوء على ممارسات حماس وإظهار للعالم الظروف التي عاشها الرهائن.

ورغم أن الفيديو أثار صدمة كبيرة في إسرائيل، إلا أن تأثيره على الرأي العام الدولي كان محدوداً، حيث لم تصدر سوى تصريحات رسمية قليلة من قادة العالم والمنظمات الحقوقية.

ومع استمرار انقسام الآراء داخل إسرائيل حول كيفية التعامل مع قضية الرهائن، يبقى الفيديو رمزاً لمأساة مستمرة لا تزال تثير الجدل حول كيفية الرد على وحشية حماس والسبل المناسبة لإنقاذ ما تبقى من الرهائن.

حرب متعددة الجبهات

منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، تواجه إسرائيل تهديدات متعددة من عدة جبهات، بما في ذلك هجمات من حزب الله من لبنان، والحوثيين من اليمن، وميليشيات من العراق وسوريا. هذه التهديدات تجعل الصراع الحالي أوسع من مجرد “حرب غزة”.

وفي أبريل 2024، ردت إيران على غارة إسرائيلية قرب دمشق بإطلاق أكثر من 350 صاروخاً وطائرة مسيّرة نحو إسرائيل. هذا التصعيد يمثل سابقة جديدة في المواجهة المباشرة بين البلدين، ويعكس استعداد إيران لتصعيد النزاع إلى مستويات أعلى، بحسب تقرير لصحيفة “فوزين أفيرز” الأمريكية، أمس 12 سبتمبر 2024.

حرب غزة

من البداية، لم تكن “حرب غزة” تسمية دقيقة، فمنذ هجوم 7 أكتوبر قبل نحو عام، كانت إسرائيل تواجه عدة خصوم وليس خصماً واحداً فقط، مما جعل هذا الصراع واحداً من أطول الحروب التي شهدتها إسرائيل منذ 1948.

في اليوم التالي لهجوم حماس، بدأ حزب الله في مهاجمة إسرائيل من لبنان، معلناً أنه سيواصل هجماته طالما استمرت الاشتباكات في غزة. في وقت لاحق، انضم الحوثيون في اليمن إلى هذه الحملة، حيث شنوا هجمات متكررة على السفن الدولية في البحر الأحمر وبحر العرب، وأطلقوا صواريخ وطائرات مسيّرة باتجاه إسرائيل، بما في ذلك هجوم أصاب وسط تل أبيب.

الحرب متعددة الجبهات

مع ذلك، فإن هذه الحرب متعددة الجبهات حتى الآن كانت محدودة الشدة. لكن إذا قررت إسرائيل أو أعداؤها تصعيد القتال على أي من الجبهات الأخرى، فإن ذلك قد يحمل تداعيات كبيرة على الأمن والاستراتيجية الإسرائيلية.

لم تواجه إسرائيل حرباً شاملة متعددة الجبهات منذ حرب أكتوبر 1973، ولم تتعرض لهجوم كبير من قوة إقليمية أخرى منذ ذلك الحين. على مدى عقود، ركزت إسرائيل بشكل رئيسي على مواجهة تهديدات الجماعات المسلحة.

حروب قصيرة

منذ تأسيسها في عام 1948، استند مفهوم الأمن الإسرائيلي على خوض حروب قصيرة على أراضي العدو، وهو نهج يمكّن إسرائيل من استغلال قوتها العسكرية القصوى وتعويض نقاط ضعفها الأساسية: صغر مساحتها وقلة عدد سكانها، بالإضافة إلى افتقارها إلى العمق الاستراتيجي والموارد الداخلية لدعم حملات طويلة الأمد.

لكن نحو عام من القتال المكثف في غزة والقتال المحدود على الحدود الشمالية مع لبنان قد أدى إلى تقويض هذا المفهوم. فقد تعرضت القوة الإسرائيلية لضغوط هائلة بسبب سنوات من الاضطرابات السياسية الداخلية، مما أدى إلى تقويض قوتها.

وإذا تحركت إيران، وحزب الله، والجماعات الأخرى المدعومة من إيران نحو حروب عالية الكثافة على جبهات أخرى، فسيكون من الضروري لإسرائيل أن تعيد النظر في استراتيجيتها الأمنية.

الاستعداد لحرب متعددة الجبهات

في ظل احتمالية اندلاع حرب إقليمية واسعة، سيتعين على إسرائيل الاستفادة من خبراتها السابقة في مواجهة خصوم متعددين، مع تطوير استراتيجيات جديدة للتعامل مع تحديات الحاضر والمستقبل.

بالتالي، إسرائيل تواجه اليوم أخطر تهديد منذ عقود، وإذا لم يتم كبح تصعيد الجبهات المختلفة، فقد تجد نفسها في مواجهة صراع متعدد الجبهات يتطلب موارد وجهوداً غير مسبوقة.

ربما يعجبك أيضا